اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ٢٩ أيلول ٢٠٢٥
اليوم، تقف البلاد على أعتاب خطة تشريعية كبرى، تستهدف تحديث 25 في المئة من القوانين السارية فيها بحلول نهاية 2026، وهي خطوة غير مسبوقة تحسب لوزير العدل الذي تعهَّد بتحديث جذري للمنظومة القانونية، حرصاً على مواكبة التحولات العصرية والتحديات المستقبلية، والنهوض بكل ما تستلزمه رؤية الكويت 2035 من بنية تشريعية حديثة.وإذا كان الإعلان عن تحديث «ربع» القوانين السارية، خطوة جريئة في مضمونها، فإن التحدي الأعمق، يتمثل في كيفية إدارة هذه العملية وصياغة آلياتها، بما يضمن أن تأتي نصوصها الجديدة متماسكة وفعالة ومحصنة من العيوب والقصور، إذ لم تكن المدد التي وضعها المشرع بين تقديم القانون كمشروع، حتى إقراره في المداولتين، مجرد نصوص جامدة أو إجراءات شكلية عابرة، بل جاءت تعبيراً عن إدراك عميق لأهمية منحه الفرصة الكافية للمراجعة والتمحيص، وفتح المجال أمام أهل الاختصاص والرأي العام لمناقشته وتدقيقه، قبل أن ينشر في الجريدة الرسمية، ويتحول إلى نص نافذ، هدفه في ذلك ضمان سلامة التشريع وجودته، والحيلولة دون خروج قوانين غير ناضجة أو معيبة.وحتى لا يقع مجلس الوزراء - الذي أسند إليه عبء التشريع في هذه المرحلة المهمة من مسيرة البلاد ــ في نقطة تسلل جديدة، بفعل حماس زائد يدفعه إلى العجلة في إصدار القوانين، ولو بدافع المصلحة العامة، فقد باتت عليه مسؤولية مضاعفة تضمن جودة القوانين المعدلة، عبر عرض مسوداتها على المخاطبين بأحكامها، ومرورها بحوار مجتمعي يختبر مدى ملاءمتها للواقع العملي، مع تتويجها بمباركة أهل الاختصاص، ليتحقق بذلك أهم ركن في اختبار جودة التشريع، ضماناً لخروج قوانين محكمة خالية من المثالب والعوار، اللذين يفضيان إلى نتائج عكسية تنتهي ببطلانها، أو تجميدها لعجزها عن مواكبة الواقع العملي، أو الاضطرار إلى «تعديل المعدل» فور صدوره. إن إشراك «أهل الاختصاص»، لا يعني بالضرورة الأخذ بكل ما يطرحونه من ملاحظات، ففي نهاية المطاف، يظل مجلس الوزراء هو صاحب القرار الأول والأخير في إقرار القوانين، وهو الذي ينتقي الملاحظات الجديرة بالتطبيق معرضاً عما سواها، وفقاً لرؤيته، والمسؤولية الآن بين يديه: إما أن يجعل من خطة التحديث «محطة مفصلية» ومدخلاً ثالثاً للنهضة التشريعية، أو يكتفي بإنجاز شكلي سرعان ما يتكشف قصوره.
اليوم، تقف البلاد على أعتاب خطة تشريعية كبرى، تستهدف تحديث 25 في المئة من القوانين السارية فيها بحلول نهاية 2026، وهي خطوة غير مسبوقة تحسب لوزير العدل الذي تعهَّد بتحديث جذري للمنظومة القانونية، حرصاً على مواكبة التحولات العصرية والتحديات المستقبلية، والنهوض بكل ما تستلزمه رؤية الكويت 2035 من بنية تشريعية حديثة.
وإذا كان الإعلان عن تحديث «ربع» القوانين السارية، خطوة جريئة في مضمونها، فإن التحدي الأعمق، يتمثل في كيفية إدارة هذه العملية وصياغة آلياتها، بما يضمن أن تأتي نصوصها الجديدة متماسكة وفعالة ومحصنة من العيوب والقصور، إذ لم تكن المدد التي وضعها المشرع بين تقديم القانون كمشروع، حتى إقراره في المداولتين، مجرد نصوص جامدة أو إجراءات شكلية عابرة، بل جاءت تعبيراً عن إدراك عميق لأهمية منحه الفرصة الكافية للمراجعة والتمحيص، وفتح المجال أمام أهل الاختصاص والرأي العام لمناقشته وتدقيقه، قبل أن ينشر في الجريدة الرسمية، ويتحول إلى نص نافذ، هدفه في ذلك ضمان سلامة التشريع وجودته، والحيلولة دون خروج قوانين غير ناضجة أو معيبة.
وحتى لا يقع مجلس الوزراء - الذي أسند إليه عبء التشريع في هذه المرحلة المهمة من مسيرة البلاد ــ في نقطة تسلل جديدة، بفعل حماس زائد يدفعه إلى العجلة في إصدار القوانين، ولو بدافع المصلحة العامة، فقد باتت عليه مسؤولية مضاعفة تضمن جودة القوانين المعدلة، عبر عرض مسوداتها على المخاطبين بأحكامها، ومرورها بحوار مجتمعي يختبر مدى ملاءمتها للواقع العملي، مع تتويجها بمباركة أهل الاختصاص، ليتحقق بذلك أهم ركن في اختبار جودة التشريع، ضماناً لخروج قوانين محكمة خالية من المثالب والعوار، اللذين يفضيان إلى نتائج عكسية تنتهي ببطلانها، أو تجميدها لعجزها عن مواكبة الواقع العملي، أو الاضطرار إلى «تعديل المعدل» فور صدوره.
إن إشراك «أهل الاختصاص»، لا يعني بالضرورة الأخذ بكل ما يطرحونه من ملاحظات، ففي نهاية المطاف، يظل مجلس الوزراء هو صاحب القرار الأول والأخير في إقرار القوانين، وهو الذي ينتقي الملاحظات الجديرة بالتطبيق معرضاً عما سواها، وفقاً لرؤيته، والمسؤولية الآن بين يديه: إما أن يجعل من خطة التحديث «محطة مفصلية» ومدخلاً ثالثاً للنهضة التشريعية، أو يكتفي بإنجاز شكلي سرعان ما يتكشف قصوره.
وفي عصر كهذا الذي نعيشه، لم يعد مقبولاً أن تكتب القوانين في «غرف مغلقة» وتفرض على المجتمع كأمر واقع، ومن الحكمة أن تشرك الحكومة الإعلام المسؤول في طرح مسودة مشاريعها على ذوي الخبرة، وأن تجعل من الشفافية والمصارحة قاعدة دائمة لا استثناء، فالقانون ليس ملكاً لها وحدها، بل وثيقة عامة تمس حياة الناس اليومية، وتحدد حقوقهم وواجباتهم، وتنظم صلتهم بمؤسسات الدولة، ومن ثم فإن إتاحة مسودات القوانين للنقاش تمثل حقاً أصيلاً لأهل الاختصاص، يقابله واجب على السلطة التنفيذية في أن تصغي وتستجيب لتخرج القوانين أشد صلابة وأكثر استقراراً.
إننا لا نقلل من حجم ما أعلن، ولا من الجهد المبذول، وندرك ثقل التركة، كما أشار الأخ وزير العدل، بل نطرح رؤيتنا من باب الحرص على جودة القوانين التي تكفل تحقيق قفزة نوعية تليق برؤية الكويت وتطلعات القيادة والشعب، فلا أحد يرفض الإصلاح إذا طُرِح بوضوح، واستُمع فيه إلى أصوات المختصين، الذين سيكونون أول الداعمين وآخر المنتقدين.
بقي أن نسأل: ماذا يضير الحكومة في أن تعرض مشروعات قوانين مثل «الجزاء، والأحوال الشخصية، والطفل، والعنف الأسري، والجنسية، والمنطقة الشمالية، وذوي الإعاقة» وغيرها على الرأي العام، لتستطلع آراء المخاطبين بأحكامها قبل إقرارها، خصوصاً أن أغلب هذه التشريعات تمس صميم حياة الأسر الكويتية اليومية، وتشكل لبنة أساسية في استقرار المجتمع؟! وهل من الحكمة أن تُسنَّ قوانين تؤثر في حياة الناس دون أن يكون لهم الحق في الاطلاع عليها وإبداء الرأي فيها؟!
وبالأخير وجب أن نقول: كم من قوانين سابقة «وُلِدت» ناقصة، إذ «طُبِخت» على عجل دون تمحيص أو استنارة من أهل الاختصاص، فكان مآلها التعثر والوأد، وكم من تشريعات أُحسِن إعدادها وأُشبِعت نقاشاً، فبقيت راسخة نلمس أثرها وعدالتها إلى يومنا هذا، فإن اتفقنا على أن القوانين ليست أسراراً ولا سباقاً فلتطرح لنقاش متأنٍّ يضمن جودتها ويحصن بنيتها، فالأصل في التشريع الجودة لا السرعة.