اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٥ تموز ٢٠٢٤
حصة المطيري -
تواجه السياحة في الكويت عدة تحديات ومعوقات على صعيد الرؤية المتكاملة والقوانين وتوافر البنية التحتية، فالبلاد بحاجة لمزيد من الاستثمارات في البنية التحتية وتغيير القوانين لجذب المستثمر المحلي والأجنبي.
ومما لا شك فيه ان القطاع الخاص الكويتي لديه القدرة للاستثمار في صناعة السياحة في الكويت، إلا أنه يصطدم بعدة تحديات تصعب عليه مهمته، أبرزها وفقا للخبراء ، التشريعات واللوائح ، ومدد الانتفاع ، وغياب الاستراتيجية الحكومية لتطوير القطاع ، وضعف البنية التحتية السياحية ، اذ لابد من توافر بيئة تشريعية ملائمة ومرنة لتمكن القطاع الخاص من العمل بكفاءة وتطوير المنتجات والخدمات السياحية المبتكرة. ويؤكد الخبراء أهمية مواجهة هذه التحديات عبر وجود رؤية استراتيجية وتخطيط جيد، بالإضافة إلى التعاون بين القطاع الخاص والحكومة، وتوفير الدعم اللازم لتطوير البنية التحتية السياحية وترويج الوجهات السياحية في الكويت، ومعالجة هذه التحديات سيساهم في تعزيز تنافسية الكويت كوجهة سياحية وتحسين تجربة السياحة.
وفي ظل عزوف القطاع الخاص عن الاستثمار بالقطاع السياحي، لا بد من سن قوانین تشجیعیة مصاحبة لحقوق انتفاع طویلة الأمد، وتحديد الاهداف ووضع خطة واستراتيجية واضحتين ومعلنتين لتطوير وتنمية القطاع، وايجاد جهة حكومية متخصصة مسؤولة عن رعاية وتنظيم وتطوير هذا القطاع بشكل مباشر.
ومن المؤكد ان الحكومة لديها رؤيتها لمثل هذه المشاريع وكذلك القطاع الخاص، فهل يمكن ان تلتقي الرؤيتان وينطلق قطار المشاريع السياحية في البلاد؟
بداية، قال نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لشركة الأرجان العالمية العقارية خالد المشعان، ان القطاعين العام والخاص يفتقران إلى عنصر الثقة بينهما، لذلك يتعين علينا تعزيز العلاقات البناءة من خلال المؤتمرات والندوات والدورات التثقيفية المشتركة بين الطرفين.
واشار الى انه من الضروري للغاية إعطاء القطاع السياحي دوراً أكبر من مجرد كونه تحت إدارة وزارة الإعلام، بل يجب الاعتراف به كقطاع صناعي وكأحد المصادر الرئيسية للدخل القومي وكمصدر حيوي لتوظيف القوى الوطنية لكي نلحق بركب الدول المجاورة في هذا المجال.
وتابع: من أجل تحقيق رؤية مشتركة، يتطلب الأمر أن يقف القطاع العام بجانب القطاع السياحي في الأوقات الصعبة، على سبيل المثال، لم يحصل قطاع السياحة على الدعم اللازم أثناء جائحة 19 - COVID رغم أنه كان من أكثر القطاعات تأثراً بهذه الأزمة.
وأوضح أن الوضع الحالي للقطاع السياحي وخاصة الفنادق يُعد سيئاً للغاية، حيث بلغت نسبة الإشغال في الفنادق الكويتية لعام 2023 نحو 41.4 في المئة وهي الأدنى خليجياً، كما لم تشهد نسبة الدخل لكل غرفة أي نمو مقارنة بعام 2022، واستقرت عند 24 دينارا.
وأشار المشعان إلى أن السياحة حاليا في الكويت تعتمد بشكل كامل تقريباً على السياحة الداخلية مع شبه عزلة عن السوق الخارجية، وبناءً عليه يتوجب على الحكومة تنسيق جهود كافة قطاعاتها ضمن مشروع وطني شامل يعزز قطاع السياحة ليصبح مصدراً رئيسياً للدخل القومى.
وقال: لا يغفل على أحد ما تتمتع به بلادنا من مقومات للنجاح مثل المواقع الترفيهية ومراكز التسوق والمطاعم المتميزة فضلاً عن المناخ المناسب لثمانية أشهر سنوياً.
ولفت المشعان إلى قيام العديد من الدول المجاورة بتحفيز النهضة الاقتصادية لهذا القطاع عبر شراكات استراتيجية بين الشركات الخاصة والهيئات الحكومية بنسب تتراوح ما بين 25 في المئة إلى 50 في المئة، بحيث تقدم الأراضي بأسعار مدروسة ولآجال تمتد لأكثر من خمسين عاماً لدعم الاستثمارات الطويلة الأمد وتنمية هذا القطاع الحيوي.
انعدام القوانين
من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة شركة المشروعات السياحية السابق محمد السقاف ان القطاع الخاص لديه رغبة بالاستثمار في المشاریع السیاحیة الكبرى، لكن انعدام القوانين الواضحة والبیروقراطیة الحكومیة في العقود الماضية حالا دون ذلك، فعلى سبيل المثال مشروع تطوير جزیرة فیلكا تقدمت له شركات خاصة في الماضي إلا أن عراقيل حالت دون ذلك.
وأشار الى ان مدة الاستثمار المناسبة تعتمد على نوع وحجم المشروع، ومنذ فترة قريبة كانت المشروعات السياحية غير قادرة على تأجير مواقعها لأكثر من ثلاث سنوات وتجدد بموافقة الشركة، كما أنها لا تستطيع تنفيذ أي أعمال إنشائية في مواقعها دون الحصول على موافقة أملاك الدولة.
وتابع: كيف يمكن أن تكون هذه البنود مشجعة للقطاع الخاص أو حتى للمشروعات السياحية نفسها؟ كيف يمكن أن ينفق المستثمرون مئات الآلاف أو حتى الملايين على مواقع الشركة دون ضمانات حول تجديد عقود الإيجار بعد ثلاث سنوات؟ لذلك خلال فترتي في الشركة حاولنا بشتى الطرق تسليط الضوء على هذه البنود والسعي لتعديلها بالتعاون مع جهات مختلفة، وتم مؤخرًا تعديل بعض هذه البنود.
ولفت السقاف الى انه متى ما كانت القوانین واضحة ومشجعة ستكون مشاركة القطاع الخاص فعالة في نهضة السیاحة في الكویت، مثال على ذلك، وزارة التراث والسیاحة العمانیة لدیها قانون «المجمعات السیاحیة المتكاملة» الذي یسمح للمطورین العقاریین الأجانب بتطویر أراض كبیرة الحجم وتشغیلها مقابل حقوق انتفاع طویلة الأمد وبیع وحدات سكنیة وتجاریة فیها للأجانب ایضاً.
وفي ما يتعلق بخصخصة السياحة، قال السقاف إن شركة المشروعات السياحية لا تملك مواقعها السياحية وجميعها حق انتفاع من أملاك الدولة لفترة محددة وتتجدد بمبلغ سنوي تدفعه «المشروعات السياحية» لأملاك الدولة.
واضاف: بإمكان الحكومة أن تطرح مزايدة لهذا المبلغ السنوي للقطاع الخاص للتنافس عليه وفق شروط للمتقدمين، على أن يكونوا ضمن مواصفات معينة وبمشاريع تكون مشجعة للسياحة والترفيه في تلك المواقع، ومن الضروري أن تكون مدة حق الانتفاع مجدية للقطاع الخاص. عندها ستكون شركة المشروعات السياحية بمنأى عن مهاترات وبيروقراطية وقوانين المؤسسات الحكومية التي تتعامل معها الآن وستكون لها الحرية أكثر في أداء عملها والإبداع فيه.
غياب الترفيه
من جانبه، قال رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الكويت الأستاذ الدكتور عباس المجرن، إن البيئة السياحية القادرة على استقطاب عدد كاف اقتصاديا من السياح تتطلب وجود بنية تحتية سياحية متكاملة، ومن غير ذلك لن تتحقق الجدوى الاقتصادية لأية مشروعات سياحية رئيسية منفردة أو معزولة.
وتابع: إن العدد الكافي المقصود من السياح هو العدد الذي يمكن من خلاله تحقيق عائد صاف بعد تغطية التكاليف التشغيلية وتكاليف الاستهلاك السنوي للأصول السياحية. وأضاف المجرن تحول الكويت إلى حاضنة سياحية نشطة هو مشروع دولة في الأساس، وفي ظل غياب الرؤية الحكومية الواضحة لتنمية هذا القطاع، وغياب البنية الأساسية اللازمة لبناء المشروعات السياحية من غير المتوقع أن يقدم القطاع الخاص على تنفيذ مشروعات سياحية رئيسية.
وأوضح ان غياب الجهة المستقلة المختصة بالنشاط السياحي في البلاد قد أدى إلى تعطل إنجاز العديد من المشاريع السياحية، كما تسبب في نقل مهام تنفيذ تلك المشاريع من جهة عامة إلى أخرى، مثل نقل مشروع المدينة الترفيهية من شركة المشروعات السياحية إلى الديوان الأميري، ثم إلى الهيئة العامة للاستثمار، ونقل تبعية حديقة الحيوان من الهيئة العامة لشؤون الزراعة إلى المؤسسة العامة للتأمينات.
وأضاف: من بين العوامل التي ساهمت في غياب النشاط السياحي في البلاد كان تدخل بعض التيارات السياسية، سواء داخل أو خارج مجلس الأمة بهدف منع إقامة الفعاليات الترفيهية ووضع اشتراطات وقيود مغلظة على أي توسع في المشروعات السياحية.
وأكمل المجرن: على الرغم من وجود قدر من الانفتاح في هذا الجانب في الآونة الأخيرة، فإن غياب التوجه الواضح والمعلن من جانب الحكومة بتبني قطاع السياحة باعتباره مصدراً رئيسياً من مصادر الدخل، وغياب خطط محددة زمنياً لتطوير السواحل والجزر الكويتية ما زال يشكل تحدياً في هذا الاتجاه. وختم حديثه، قائلاً لا شك في أن إعلان مثل هذا التوجه وهذه الخطط سيسهم في استعادة الثقة وجذب الاستثمارات الخاصة إلى هذا القطاع الحيوي.
أسباب تأخر الكويت في تطوير قطاع السياحة
أوضح السقاف أن الكويت تأخرت في السياحة لعدة أسباب:
1 - غیاب التشریعات والقوانین اللازمة.
2 - عدم اهتمام الحكومة بالمشروع السیاحي للبلد.
3 - نقل شركة المشروعات السیاحیة بعد التحریر إلى جهة حكومیة غیر مختصة بالصناعة السیاحیة.
4 - رقابة غیر فعالة وبنود عوجاء بین المشروعات السیاحیة وأملاك الدولة.
تنويع مصادر الدخل
قال السقاف ان الحكومات السابقة لم تولِ اهتمامًا كافيًا في العقود الماضية بتنويع مصادر الدخل، مما أثر سلبًا على القطاع السياحي وهذا يعد أحد أسباب تأخرنا. ومع ذلك، نتفاءل بالتغيير تحت قيادة سمو امير البلاد الشيخ مشعل الجابر الصباح، وولي عهده سمو الشيخ صباح الخالد الصباح، حيث بدأت الدولة بالفعل في تحقيق رؤية التحول الإيجابي في عدة مجالات.
4 مطالب لتطوير السياحة
قال السقاف إن كانت هناك جدیة لدى الحكومة في تطویر السیاحة في الكویت فالمطلوب منها:
أولاً: نقل السیاحة من مظلة الهیئة العامة للاستثمار ووضعها في قالب خاص بها یتبع وزارة المالیة مباشرة أو یتبع وزارة سیاحة جدیدة، فهیئة الاستثمار لیس لها شأن في السیاحة لا من قریب ولا من بعید.
ثانیاً: تحدید مفهوم وأهداف السیاحة، مع التركيز على أن الهدف الرئيسي للسياحة ليس فقط العائد المالي، بل أيضًا تحقيق العوائد الاجتماعية والوطنية العالية، لإبراز الوجه الثقافي والحضاري للبلد في عالم أصبح صغيرًا جدًا بفعل العولمة والثورات التكنولوجية، كما ينبغي تحديد الفئة السياحية المستهدفة إن كانت سياحة داخلية أو إقليمية أو عالمية حتى تتضح القوانين المطلوبة لتحقيق ذلك.
ثالثاً: سن قوانین تشجیعیة مصاحبة لحقوق انتفاع طویلة الأمد للقطاع الخاص.
رابعاً: وضع كفاءات وطنیة لقیادة هذه المؤسسة سواء في الجهاز التنفیذي أو الرقابي المتمثل في مجلس إدارتها.
4 خطوات لإنعاش السياحة
قال المجرن ان تطوير القطاع السياحي في الكويت يقتضي القيام بعدد من الخطوات الرئيسية أهمها:
1 - قيام الدولة بإعلان استراتيجية واضحة تعتبر القطاع السياحي أحد أعمدة التنمية الاقتصادية ومصدرا رافدا للدخل الوطني في الأمد الطويل.
2 - إصدار تشريعات ولوائح منظمة للاستثمار في قطاع السياحة.
3 - رسم خريطة طريق شفافة ومحددة المعالم والمسارات والمدد الزمنية تبين المشروعات السياحية المزمع إنشاؤها وما تتطلبه من بنية أساسية.
4 - تكليف جهة فنية متخصصة وذات صلاحيات واسعة بالاشراف على إدارة وتنظيم وتطوير هذا القطاع وتوفير البنية الأساسية اللازمة، والأراضي الملائمة لمشروعاته.