اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٥ تموز ٢٠٢٥
حين يترجّل طبيب استشاري من الاستثنائيين، في ميدان طب العيون، إلى التقاعد، بعد رحلة من الزمان ليست بالقصيرة في هذا المهنة الإنسانية الرفيعة، وحين تكون لهذا الطبيب مكانته في قلوب مرضاه ومن عرفوه عن قرب، أو حتى الذين سمعوا عن طيبته وتواضعه وأخلاقه، وقبل كل ذلك تدينه ودرايته العميقة بالمهنة وخفاياها، فإنه بالتأكيد يترك وراءه تاريخاً من العطاء نحو من عرفوه، سواء في عيادته أو في غرفة العمليات، حيث السكون المطبق على جوانبها، اللهم إلا صوت الأجهزة وأعين الرقابة للأجهزة، وحركة يد الطبيب بين مشرح وآخر.
استشاري العيون المبدع، الدكتور جمال المرجان، عيني عليه باردة، اختار أخيراً النزول من قطار المهنة، بعد رحلة قضاها بين المرضى لأكثر من أربعة عقود من الزمان، كان فيها ملء السمع والبصر لكل من خضعوا لعلاج أو عملية عيون على يديه، وحتى من تداووا على يديه، كان إنساناً جمع بين مهارة المهنة ومعاناة العطاء في تفاصيلها، إنساناً نذر نفسه وعلمه لكل محتاج للعلاج، وأعاد الابتسامة إلى الكثير ممّن كانوا يعانون من اعراض الشكوى بالعيون، ولا أدل على ذلك إلا إعادته لبصر ذلك الذي عاش سنوات فاقداً البصر، حتى هداه الله إلى الدكتور جمال المرجان، الذي أعاد له البصر، بفضل من الله وعملية من الدكتور، ليُعيد بذلك الابتسامة إلى الرجل، الذي كان حبيس البصر لسنوات طويلة.
عرفت الدكتور عن قرب، وأكاد أشعر بأن شهادتي به «مجروحة»، لكنها الحقيقة التي يفرض عليّ الضمير قولها والشهادة فيها، فالرجل ملتزم بصيام يوم الإثنين أسبوعياً، وخصال من التواضع مطلقة، لا يعرف التفرقة بين مراجع وآخر، وقدرة على سماع كل مريض يعود اليه.
منذ أن أنهى المرحلة الثانوية في كيفان، كانت تطلعاته كبيرة لدراسة الطب، إذ حصل عام 1987 على بكالوريوس الطب في الإسكندرية، ليعود إلى الكويت طبيباً بوزارة الصحة، ثم الماجستير والدكتوراه بتخصص طب العيون عام 1999 من بريطانيا، حيث التحق بمستشفى البحر للعيون، بعدها إلى الولايات المتحدة، التي تخصص فيها بالقرنية عام 2000، ليعمل استشارياً في مستشفى البحر، ثم رئيساً لقسم العيون، وفي 2018 انتقل إلى مستشفى جابر، الذي أجرى فيه عمليات عدة لمرضى القرنية، وعمليات خارج الكويت، حتى تقاعده في يوليو الجاري.
والى جانب ذلك، ساهم في الكثير من اللجان والمؤتمرات الطبية في الكويت وخارجها، ويبقى الدكتور جمال المرجان نموذجاً مشرقاً لأبناء الكويت، الذين نذروا أنفسهم لخدمة وطنهم ومجتمعهم.
نغزة
يروي قيادي من قيادات الدولة السابقين أنه تلقى العلاج على يد الدكتور جمال في الكويت، وكتب له تقريراً عن حالة القرنية لديه، القيادي أخذ التقرير وسافر والتقى بطبيب كان يعالج لديه في سويسرا، حيث قدّم له تقرير الدكتور جمال، وحين قرأه، قال للقيادي: الذي كتب لك التقرير في الكويت أفضل مني. هذا هو جمال المرجان، الذي اختار التقاعد من رحلة طويلة بين مرضى العيون وأسرار المهنة.. طال عمرك.
يوسف الشهاب