اخبار الكويت
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٧ تموز ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي سامر المبيض:
الذكاء الاصطناعي لا يزاحم الأيدي العاملة بقدر ما يزاحم العقول في مكاتب الهندسة والتحليل المالي والتخطيط.
سيكون قياس مستقبل التنافسية بقدرة كل فرد على تجديد معرفته باستمرار في اقتصاد لا يتوقف عن التغير.
لم يكن قول الملياردير الأمريكي والمستثمر البارز في وادي السيليكون، فينود خوسلا، بأن الذكاء الاصطناعي سيقضي على 80% من الوظائف العالية القيمة خلال 5 أعوام،سوى جرس إنذار، يحذر الدول التي لم تتواكب بشكل فعّال في هذا القطاع، لكن هل يعني هذا أن دول الخليج ستكون في مأمن؟.
يشهد العالم اليوم موجة تكنولوجية جارفة، تواصل الارتفاع بشكل متسارع، يبدو أنها ستجرف كل من لا يملك القدرات اللازمة، ليس فقط لركوب هذه الموجة بل والتحكم بها أيضاً.
وعليه تواصل العديد من الدول التقدم بخطى متسارعة لتُحدث تغييرات غير مسبوقة في مفاهيم العمل والوظيفة والاقتصاد، لا سيما في دول الخليج التي تقود تحولاً رقمياً كبيراً.
تسيّد الروبوت
بالإضافة إلى تأكيده بأن التقنية قادرة على استبدال 80% من الوظائف ذات القيمة الاقتصادية المرتفعة التي يقوم بها الإنسان، أضافخوسيلا خلال استضافة في برنامج بودكاست مطلع يوليو الجاري،أن الحاجة للعمل تنتهي بحلول عام 2040، إذ يعمل الإنسان بعدها لرغبته في أداء الوظيفة.
وشبّه التغيير الذي يحدثه الذكاء الاصطناعي في عالم الشركات بالتحول الرقمي الذي حدث منذ عدة أعوام وشهد سقوط شركات مثل (Toys R Us) و'نوكيا'، لعدم قدرتهما على مواكبته.
وستصبح الروبوتات هي التقنية السائدة بحلول عام 2030، وسيمتلك كل شخص روبوتاً في منزله يقوم بالوظائف المملة التي لا يرغب بها، وتبدأ هذه الوظائف من الطبخ والتنظيف، وفق خوسلا، الذي تبلغ ثروته 9.1 مليارات دولار.
وحذّر أيضاً من استخدام الأنظمة القمعية تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل سلبي بمحاولة منها للتحكم في مواطنيها، إضافة إلى استغلاله في الحروب بشكل عام
خوسلا المؤسس لعدة شركات ناجحة في مختلف القطاعات، من بينها شركة 'صن مايكروسيستمز'، لا يهدف في تصريحه إلى التهويل، بل يشير مسبقاً إلى ما سيكون عليه المستقبل القريب الذي سيشهد تغييراً جذرياً في العديد من الوظائف تشمل قطاعات مثل المحاسبة، والقانون، والإدارة، والصحافة، والبرمجة، وغيرها.
إنجازات خليجية
في الخليج تكشف المؤشرات عن تحوّل كبير ومتسارع في قطاع الذكاء الاصطناعي، لا سيما في السعودية وقطر والإمارات.
حيث يشهد القطاع اهتماماً متزايداً؛ وتدرك الدول الخليجية أهمية التحول السريع الذي يشهده العالم في هذا المجال، والأثر السلبي للدول التي تتخلف عنه.
وتُراهن دول الخليج بقوة على الذكاء الاصطناعي باعتباره أداة لإعادة تشكيل اقتصاداتها ما بعد النفط، ومن بين المؤشرات التي تؤكد التحاق دول مجلس التعاون بركب القطاع:
مرحلة جديدة
بسياق ما ذُكر، من المؤكد أن السباق نحو المستقبل قد بدأ، والخليج اختار أن يكون في مقدمته.وسواء تحققت توقعات خوسلا أم لا، يتوجب على دول الخليج الدخول بمرحلة جديدة من التفكير في معنى العمل.
ورغم ما حققته دول الخليج من إنجازات في قطاع الذكاء الاصطناعي، لكن تصريحات خوسلا تكشف تحدياً أعمق،وتطرح تساؤلات مفادها:
كيف يمكن أن تتعامل مجتمعات الخليج مع احتمال اختفاء الوظيفة؟ وكيف يمكنتأهيل الأفراد الذين قد تُصبح شهاداتهم بلا فائدة في سوق تقوده الخوارزميات؟
المهندس سامر المبيض، المدير التنفيذي لشركة 'فورهات روبوتكس' السويدية للروبوتات والذكاء الصناعي، يرى أن حديث فينود خوسلا'يكشف تحدياً عميقاً يواجه اقتصادات الخليج'.
في حديثه لـ'الخليج أونلاين' يلفت المبيض إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يزاحم الأيدي العاملة في مواقع البناء أو المصانع، بقدر ما يزاحم العقول في مكاتب الهندسة، والتحليل المالي، والتخطيط'.
ويقول إن الذكاء الاصطناعي 'يعيد تعريف العمل المعرفي نفسه، ذلك النوع من العمل الذي تقوم عليه الرؤية المستقبلية لدول المنطقة'.
في هذا السياق، يؤكد المبيض أن:
الاعتماد على شهادة جامعية حصل عليها الفرد قبل عشر سنوات يصبح أمراً هشاً.
القيمة الحقيقية ستصبح في المهارات المتجددة، وفي القدرة على التعلم السريع والتكيف.
حول مستقبل شكل قطاع الأعمال يعرض المبيض تخيلاً لما سيكون عليه الحال:
منظومات تعليمية تمنح الأفراد أرصدة مهارية تتراكم على مدار حياتهم العملية.
منصات وطنية تمنح شهادات قصيرة متجددة، أو حتى أنظمة إقامة مرتبطة بقدرة الفرد على مواكبة المهارات الحديثة.
شركات كبرى قد ترى نفسها مضطرة لتخصيص ميزانيات سنوية لإعادة تدريب موظفيها.
حكومات قد تبني جواز مهارات رقمياً يعكس قدرات الفرد الفعلية في لحظتها، لا تلك التي اكتسبها في الماضي البعيد.
بحسب المبيض، إذا ما تحققت مثل هذه الخطوات عند دول الخليج أو دول أخرى، فإنها لن تكون مجرد إصلاحات إدارية، بل تحوّل جذري يجعل الذكاء الاصطناعي أداة لتسريع إمكانات الإنسان لا لإلغائها.
ويختم المبيض حديثه لـ'الخليج أونلاين' قائلاً: 'هنا تكمن الفكرة التي تستحق التوقف عندها، وهي أن مستقبل التنافسية لن يُقاس بعدد الأيدي العاملة ولا بعدد الشهادات المعلقة على الجدران، بل بقدرة كل فرد على تجديد معرفته باستمرار في اقتصاد لا يتوقف عن التغير'.