اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
اقتربت الولايات المتحدة والصين من توقيع اتفاق تجاري طال انتظاره، يُتوقع الإعلان عنه خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى آسيا، وفقًا لما أكده وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت.
هذا الاتفاق يمثل نقطة تحول حاسمة بعد سنوات من الحرب التجارية التي أعادت تشكيل تدفقات التجارة العالمية، ورفعت تكاليف الإنتاج والاستهلاك، وأثرت على سلاسل التوريد في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية.
كلا البلدين تكبّدا خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة الرسوم الجمركية المتبادلة، ما دفعهما إلى إعادة النظر في جدوى التصعيد، بحسب موقع نيوزديسك الأمريكي.
ومنذ أبريل الماضي، فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية لا تقل عن 10% على جميع الواردات تقريبًا، وفقًا للبيت الأبيض. لكن بعض الدول مثل الهند والبرازيل تواجه رسومًا تصل إلى 50% بعد احتساب الطبقات الإضافية، وفقًا لمركز السياسات الضريبية الأمريكي. الصين تبقى الهدف الرئيسي، حيث تستعد واشنطن لفرض رسوم جديدة بنسبة 100% على معدات مناولة البضائع الصينية بدءًا من 9 نوفمبر، في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيدًا اقتصاديًا غير مسبوق.
ورغم أن هذه الرسوم وفّرت عائدات تُقدّر بـ2.5 تريليون دولار خلال العقد المقبل، إلا أن الاقتصاديين يحذرون من أن التكلفة الحقيقية تقع على كاهل الأسر الأمريكية، التي قد تدفع ما يصل إلى 2،600 دولار سنويًا نتيجة ارتفاع الأسعار، وفقًا لتقديرات مركز السياسات الضريبية TPC.
في المقابل، نجح بعض الحلفاء المقربين للولايات المتحدة في التفاوض على شروط أفضل. فبموجب اتفاق 'الازدهار الاقتصادي' بين واشنطن ولندن، تخضع الصادرات البريطانية لرسوم لا تتجاوز 10%، وهي الأدنى ضمن السياسة التجارية الجديدة.
أما اليابان، فقد حصلت على معدل 15% بعد اتفاق مماثل في سبتمبر، وهو أعلى من السابق لكنه أقل بكثير من المعدلات المفروضة على دول مثل الهند والبرازيل.
وشهدت العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين تحولات عميقة منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001. حينها، اعتُبر الأمر مكسبًا للطرفين: الولايات المتحدة حصلت على سلع أرخص، والشركات الأمريكية تطلعت إلى دخول السوق الصينية الواسعة.
ومع انفجار قطاع التصنيع الصيني، لم تستطع المصانع الأمريكية الصمود، وبدأت الوظائف تتبخر.
الاقتصاديون أطلقوا على هذه الظاهرة اسم 'صدمة الصين'، مشيرين إلى أن نحو 6 ملايين وظيفة صناعية اختفت بين عامي 1999 و2011، منها مليون وظيفة مرتبطة مباشرة بالمنافسة الصينية، بحسب مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي.
وفي عام 2018، أطلقت إدارة ترامب سلسلة من الرسوم الجمركية بموجب المادة 301، استهدفت بضائع صينية بقيمة 350 مليار دولار، متهمة بكين بسرقة الملكية الفكرية، وفرض نقل التكنولوجيا، وتقديم دعم حكومي غير عادل.
وردّت الصين برسوم مضادة، لتبدأ حرب تجارية لا تزال آثارها تتردد في الأسواق العالمية حتى اليوم.
ورغم التصعيد، تبقى الصين أحد أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، إذ تمثل نحو 13% من إجمالي الواردات الأمريكية.
وبينما ساهمت الرسوم في زيادة الإيرادات، فإنها أربكت سلاسل التوريد، ورفعت أسعار السلع الأساسية، من الإلكترونيات إلى المعدات الصناعية.
وفي تطور قانوني قد يُعيد رسم المشهد التجاري، من المتوقع أن تصدر المحكمة العليا الأمريكية قرارًا خلال أيام بشأن صلاحيات الرئيس في فرض الرسوم الجمركية. فإذا أبطلت المحكمة هذه الصلاحيات، فإن الاتفاق التجاري مع الصين قد يُصبح أكثر تعقيدًا، وقد تُعاد صياغة السياسة التجارية الأمريكية من جذورها، وفقًا لتقرير Fact Check Team في موقع TNND.
وأكد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت عبر منصة X أن الولايات المتحدة والصين وضعا إطارًا عامًا للاتفاق، وأن الرئيس ترامب سيجتمع مع نظيره الصيني شي جين بينغ لمناقشة التفاصيل النهائية.
هذا الاتفاق، رغم أنه لا يزال في مراحله الأولية، يعكس رغبة الطرفين في إنهاء التصعيد، واستعادة الاستقرار في العلاقات التجارية.
وأثار الاتفاق المبدئي بين واشنطن وبكين ارتياحًا في الأسواق المالية، حيث ارتفعت مؤشرات البورصات الآسيوية والأوروبية فور إعلان اللقاء. لكن خبراء الاقتصاد، كما نقلت صحيفة World Economic Forum، يرون أن الأسواق تتفاعل مع الإشارات أكثر من الحقائق، وأن الهدنة التجارية قد تكون مؤقتة ما لم تُترجم إلى خطوات ملموسة على الأرض.
ومن أبرز المتضررين من الحرب التجارية كان قطاع الزراعة الأمريكي، الذي فقد جزءًا كبيرًا من سوقه في الصين. صحيفة USA Today نقلت عن مزارعين في ولاية أيوا قولهم إنهم ينتظرون بفارغ الصبر إعادة فتح السوق الصينية، لكنهم لا يثقون في استقرار الاتفاق ما لم يتم توقيع بنود واضحة تضمن استمرار التبادل التجاري.
ويفتح الاتفاق المرتقب بين الولايات المتحدة والصين الطريق نحو إنهاء الحرب التجارية العالمية، لكنه لا يمثل نهاية مؤكدة.
تجدر الإشارة إلى أن التوترات الجيوسياسية، والتنافس التكنولوجي، والاختلالات في ميزان القوى، كلها مجتمعة تشكل عوامل تجعل من هذا الاتفاق خطوة أولى فقط في طريق طويل ومعقد.
ويبدو أن السياسة التجارية الأمريكية مقبلة على مرحلة جديدة، تتطلب إعادة تقييم شاملة، سواء على مستوى الداخل الأمريكي أو في علاقاتها مع القوى الاقتصادية الكبرى.


































