اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٨ أيلول ٢٠٢٥
في إطار سعي مصر لتحقيق طفرة تنموية كبرى وتأمين احتياجاتها المستقبلية من الطاقة، يبرز مشروع محطة الضبعة النووية كأحد أهم المشروعات القومية العملاقة التي تُعد حجر زاوية في مسيرة التنمية المستدامة.
فالمشروع لا يمثل فقط إنجازًا تكنولوجيًا غير مسبوق في تاريخ الطاقة بمصر والمنطقة، بل يشكل كذلك رافدًا رئيسيًا لدعم الاقتصاد القومي، من خلال مساهمته في توفير الطاقة النظيفة وخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، بجانب فتح آفاق جديدة للصناعة والاستثمار وتوفير فرص عمل واسعة.
جاءت تصريحات الدكتور شريف حلمي، رئيس هيئة المحطات النووية المصرية، لتؤكد الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع، حيث وصف محطة الضبعة بأنها 'المشروع القومي الأكبر في مصر'، مشيرًا إلى أنها تعد أكبر محطة نووية في العالم تحت الإنشاء حاليًا، بما يعكس حجم طموح الدولة المصرية في مجال الطاقة النووية السلمية.
أوضح حلمي أن محطة الضبعة تضم 4 مفاعلات نووية من الطراز الروسي الحديث VVER-1200، تبلغ القدرة الإنتاجية لكل مفاعل منها 1200 ميجاوات، ليصل إجمالي الطاقة المنتجة عند التشغيل الكامل إلى 4800 ميجاوات، بما يعادل 35 مليار كيلووات/ساعة سنويًا.
وأكد أن هذه القدرة الكبيرة ستساهم في توفير نحو 7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، كانت تُستهلك لتشغيل محطات الكهرباء التقليدية المعتمدة على الوقود الأحفوري.
وهو ما يمنح مصر ميزة اقتصادية هامة، إذ يتيح إعادة توجيه هذه الكميات الضخمة من الغاز لصالح الصناعات البتروكيماوية والتصدير، ما يدعم الناتج القومي ويزيد العوائد الاقتصادية.
أبرز رئيس الهيئة أن الطاقة النووية تُصنف عالميًا ضمن الطاقة النظيفة التي لا تنتج عنها انبعاثات كربونية ضارة بالبيئة، ما يجعل الضبعة إضافة نوعية للشبكة القومية للكهرباء.
كما تساهم المحطة في تحقيق التزامات مصر الدولية بخفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز التوجه العالمي نحو الطاقة الخضراء.
أكد حلمي أن المشروع يحظى بمشاركة واسعة من أكثر من 600 شركة، بينها 25% شركات مصرية، مشيرًا إلى أن نسبة العمالة المصرية وصلت إلى 80% من إجمالي القوى العاملة بالمحطة.
ويعكس ذلك حرص الدولة على تعظيم المكوّن المحلي في المشروع، بما يدعم الصناعة الوطنية وينقل الخبرات التكنولوجية إلى الكوادر المصرية.
ينفَّذ المشروع بالتعاون مع شركة 'روساتوم' الروسية، إحدى كبريات الشركات العالمية في مجال بناء وتشغيل المحطات النووية.
ومن المقرر، وفق الخطة الزمنية، أن يبدأ تشغيل المحطة بحلول عام 2029، بينما تشهد نوفمبر المقبل حدثًا بارزًا يتمثل في تركيب وعاء المفاعل النووي للوحدة الأولى، في خطوة مهمة على طريق اكتمال المشروع.
يمثل مشروع الضبعة ركيزة استراتيجية للاقتصاد القومي المصري، ليس فقط من خلال تنويع مصادر الطاقة وتأمين احتياجات التنمية الصناعية والزراعية والعمرانية، بل أيضًا بفضل توفيره العملة الصعبة عبر خفض واردات الوقود ودعم الصادرات.
كما يفتح المشروع المجال أمام نقل التكنولوجيا النووية وتدريب الكفاءات الوطنية، ما يعزز مكانة مصر إقليميًا وعالميًا في قطاع الطاقة.
ويمثل مشروع محطة الضبعة النووية نموذجًا للتخطيط الاستراتيجي بعيد المدى، ويجسد رؤية مصر نحو اقتصاد قوي ومستدام قائم على الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحديثة. ومع اقتراب اكتمال أعماله ودخوله حيز التشغيل خلال الأعوام المقبلة، يتوقع أن يحقق المشروع قفزة نوعية في مسيرة التنمية الوطنية، ويضع مصر في صدارة الدول الرائدة في مجال الطاقة النووية السلمية، بما يضمن للأجيال القادمة مستقبلًا أكثر أمانًا واستقرارًا.