اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١٢ شباط ٢٠٢٥
على مدار أكثر من قرنين منذ ولادة تشارلز داروين (1809-1882)، لا تزال نظريته حول التطور تلقي بظلالها على العلوم البيولوجية وتثير نقاشات واسعة في الأوساط الأكاديمية والثقافية، فمنذ نشر كتابه أصل الأنواع عام 1859، تغيّرت الطريقة التي ينظر بها العلماء إلى التنوع البيولوجي، لكن كيف تطورت هذه النظرية منذ ذلك الحين؟
عندما طرح داروين فكرته عن “الانتخاب الطبيعي”، واجه الكثير من الشكوك، خاصة في ظل عدم توفر أدلة جينية واضحة، ولكن مع اكتشاف قوانين الوراثة من قبل جريجور مندل في أواخر القرن التاسع عشر، بدأت أفكار داروين تكتسب مزيدًا من المصداقية، وفي القرن العشرين، عززت التطورات في علم الوراثة الجزيئي، مثل اكتشاف الحمض النووي (DNA)، فهم العلماء لكيفية انتقال الصفات الوراثية، مما أكد صحة مبادئ داروين الأساسية.
اليوم، لا تُفسَّر عملية التطور فقط بالانتخاب الطبيعي، بل أيضًا بالتغيرات الجينية العشوائية، والانحراف الوراثي، وعوامل بيئية أخرى تؤثر على البقاء والتكاثر. كما أظهرت دراسات الحمض النووي المشترك بين الكائنات الحية مدى الترابط بين الأنواع المختلفة، ما يدعم نظرية الأصل المشترك التي طرحها داروين.
أحد الجوانب التي شهدت تطورًا في الفهم العلمي هو مدى سرعة حدوث التغيرات التطورية، ففي حين كان يُعتقد أن التطور يستغرق آلاف أو ملايين السنين، أثبتت الأبحاث الحديثة أن بعض الأنواع يمكن أن تتكيف مع بيئاتها في غضون عقود قليلة، كما هو الحال مع البكتيريا التي تطور مقاومة سريعة للمضادات الحيوية.
لم تتوقف تأثيرات نظرية داروين عند علم الأحياء، بل امتدت إلى مجالات مثل علم النفس التطوري، والذكاء الاصطناعي، وحتى الاقتصاد، حيث تُستخدم مفاهيم مثل “البقاء للأصلح” لوصف تطور الأنظمة والابتكارات.
رغم الكم الهائل من الأدلة التي تدعم نظرية التطور، إلا أنها لا تزال تواجه رفضًا في بعض الأوساط الدينية والاجتماعية، مما يفتح الباب لنقاشات حول العلاقة بين العلم والإيمان، وحدود تفسير الظواهر الطبيعية بعيدًا عن الاعتقادات الدينية.