اخبار مصر
موقع كل يوم -خط أحمر
نشر بتاريخ: ١٧ كانون الأول ٢٠٢٥
أكد الدكتور هاني إبراهيم، الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان، أن حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة تمثل التزامًا قانونيًا دوليًا غير قابل للانتقاص، ومقصدًا شرعيًا أصيلًا في مقدمتها حفظ النفس وصون الكرامة الإنسانية.
وشدد على ضرورة إعادة قراءة الفتوى المعاصرة قراءة مقاصدية حقوقية، خاصة في ظل ما يشهده قطاع غزة ومناطق النزاعات في عدد من الدول العربية من انتهاكات جسيمة تمس جوهر الإنسانية.
جاء ذلك خلال مشاركته في ورشة عمل بعنوان 'الفتوى والقانون الدولي الإنساني: حماية المدنيين بين المقاصد الشرعية والقواعد الدولية'، والتي ناقشت 'الفتوى والمقاصد الشرعية في ضوء القانون الدولي الإنساني: قراءة حقوقية تطبيقية على ما يحدث في غزة وأماكن النزاعات في بلداننا العربية'.
وأوضح إبراهيم، أن ما يحدث في غزة يضع المجتمع الدولي والخطاب الديني أمام اختبار حقيقي للاتساق بين القيم والممارسات، لافتًا إلى أن القانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقيات جنيف، يقر بوضوح مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين، ويحظر استهداف المدنيين والأعيان المدنية كالمنازل والمستشفيات والمدارس ودور العبادة، وهو ما يتوافق مع المقاصد الشرعية التي حرّمت قتل غير المقاتلين ونهت عن هدم العمران وأوجبت حماية الضعفاء أثناء النزاعات.
وأكد أن الاستهداف المتكرر للمدنيين، وخاصة النساء والأطفال، لا يمكن تبريره شرعًا أو قانونًا، مشيرًا إلى أن المقاصد الشرعية تقضي بحرمة الدماء وعدم إزالة الضرر بضرر أكبر، وهو ما يتقاطع مع مبدأ التناسب في القانون الدولي الإنساني الذي يمنع إيقاع خسائر مفرطة بين المدنيين حتى في حال وجود أهداف عسكرية.
كما حذّر من تداعيات الحصار المفروض على قطاع غزة، وما يترتب عليه من تقييد دخول الغذاء والمياه والدواء والوقود، مؤكدًا أن القانون الدولي الإنساني يجرّم تجويع المدنيين واستخدام الحصار كوسيلة للعقاب الجماعي، وهو ما ترفضه المقاصد الشرعية التي توجب رفع الضرر وحماية الحق في الحياة والعيش الكريم حتى في أوقات الحرب.
وشدد الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان على أهمية الفتوى الواعية بالمقاصد، التي ترفض تبرير العقاب الجماعي، أو شرعنة استهداف البنية التحتية المدنية، أو الصمت عن الانتهاكات الجسيمة بدعوى الضرورات أو الاصطفافات السياسية، مؤكدًا أن أي فتوى تتجاهل البعد الحقوقي والإنساني تبتعد عن جوهر الشريعة وتفرغ مقاصدها من مضمونها الأخلاقي.
وأشار إلى أن الفتوى المقاصدية يجب أن تكون أداة لحماية الإنسان لا لإعادة إنتاج العنف، وأن تسهم في إعلاء مبدأ حرمة الدم الإنساني دون تمييز، ودعم الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وفضح الانتهاكات الواقعة بحق المدنيين لا تبريرها أو التهوين منها.
واختتم إبراهيم كلمته بالتأكيد أن بناء خطاب فتوى معاصر يتكامل مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان لم يعد ترفًا فكريًا، بل ضرورة أخلاقية وقانونية ملحة لحماية المدنيين، ومنع توظيف الدين لتبرير الجرائم، والانتصار للإنسان أينما كان، وفي مقدمتهم المدنيون في قطاع غزة.


































