اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
في تطور لافت يعكس تصاعد الطموحات المصرية في قطاع الطاقة، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية اكتشاف 18 بئرًا جديدة للنفط والغاز الطبيعي خلال عام 2025، موزعة على مناطق امتياز متعددة تشمل الصحراء الغربية، خليج السويس، والبحر المتوسط.
تأتي الاكتشافات في إطار خطة وطنية طموحة تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي، تقليل الاعتماد على الواردات، وتثبيت موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة، وفقًا لـ'المونيتور'، الموقع الأمريكي المتخصص في الشؤون الجيوسياسية.
استكشافات مدفوعة بالتكنولوجيا والتحالفات الدولية
جاءت الاكتشافات نتيجة عمليات استكشاف مكثفة نفذتها شركات دولية بالشراكة مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة إيجاس، باستخدام تقنيات حديثة مثل المسح الزلزالي ثلاثي الأبعاد والحفر العميق في مناطق واعدة جيولوجيًا. وقد أظهرت النتائج الأولية أن بعض الآبار تحتوي على احتياطيات قابلة للاستخراج بكميات تجارية، ما يعزز فرص مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، ويمنحها قدرة أكبر على التصدير.
ومن أبرز الشركات المشاركة في عمليات الاستكشاف: 'إيني' الإيطالية، 'بي بي' البريطانية، و'شيفرون' الأمريكية، وكلها تعمل ضمن اتفاقيات تقاسم الإنتاج التي تم تعديل شروطها مؤخرًا لتكون أكثر جاذبية للمستثمرين. هذه التعديلات شملت تسهيلات ضريبية، مرونة في شروط التعاقد، وتبسيط إجراءات التراخيص، ما ساهم في تسريع وتيرة الحفر وزيادة عدد الآبار المكتشفة.
جغرافيا الاكتشافات: الصحراء الغربية تتصدر
من الناحية الجغرافية، تركزت الاكتشافات الأخيرة في مناطق مثل حوض فاغور بالصحراء الغربية، الذي يُعد من أكثر المناطق الواعدة في إنتاج الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى امتيازات بحرية في دلتا النيل وخليج السويس. وتُظهر بيانات وزارة البترول أن الصحراء الغربية وحدها ساهمت بنسبة تفوق 60% من إجمالي الاكتشافات الجديدة، ما يعكس أهمية هذه المنطقة في استراتيجية الطاقة المصرية.
كما أن الاكتشافات البحرية في البحر المتوسط، خاصة في امتيازات شمال دمياط وغرب الدلتا، تشير إلى استمرار الزخم الذي بدأ مع حقل 'ظهر' العملاق، والذي غيّر قواعد اللعبة في قطاع الغاز المصري منذ عام 2017. وفقًا لـ'المونيتور'، فإن الاكتشافات الجديدة قد تفتح الباب أمام تطوير حقول بحرية إضافية، وربطها بالبنية التحتية القائمة لتسييل الغاز وتصديره.
انعكاسات اقتصادية واستراتيجية
من الناحية الاقتصادية، تمثل هذه الاكتشافات دفعة قوية للناتج المحلي الإجمالي، وتساهم في تقليص عجز الميزان التجاري من خلال تقليل فاتورة استيراد الطاقة وزيادة الصادرات. كما أنها تعزز قدرة مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في ظل استقرار التشريعات وتوافر البنية التحتية اللازمة.
واستراتيجيًا، تعزز هذه الاكتشافات موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة، خاصة في ظل الطلب الأوروبي المتزايد على الغاز الطبيعي المسال بعد الأزمة الأوكرانية. وقد وقّعت مصر بالفعل اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي وإسرائيل واليونان لتصدير الغاز عبر محطات الإسالة في إدكو ودمياط، ما يمنحها نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا متزايدًا في شرق المتوسط.
الطموح المستقبلي: أكثر من مجرد اكتشافات
الوزير المهندس كريم بدوي صرّح بأن هذه الاكتشافات تمثل 'نقلة نوعية في جهود الدولة لتأمين احتياجات السوق المحلي من الطاقة، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية'، مشيرًا إلى أن الوزارة تعتزم حفر أكثر من 130 بئرًا إضافية خلال العام المالي 2025–2026، باستثمارات تتجاوز 5.5 مليار دولار، وفقًا لتصريحات رسمية نُشرت في 'المونيتور'.
كما أطلقت الوزارة مبادرة لتدريب الكوادر المحلية على أحدث تقنيات الاستكشاف والإنتاج، بالتعاون مع شركات عالمية، بهدف بناء قاعدة بشرية مؤهلة تواكب الطموح التكنولوجي والاستثماري للقطاع.
التحديات البيئية والتنظيمية
ورغم الزخم الإيجابي، تواجه مصر تحديات بيئية وتنظيمية تتعلق بضمان استدامة عمليات الاستخراج، وتقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن إنتاج النفط والغاز. وقد بدأت الوزارة في تطبيق معايير بيئية أكثر صرامة، تشمل استخدام تقنيات الاستخلاص النظيف، وإعادة تدوير المياه المستخدمة في الحفر، وفقًا لتقرير 'إيكونوميست إنرجي'.
مصر على أعتاب مرحلة جديدة في قطاع الطاقة
الاكتشافات الجديدة لا تمثل مجرد أرقام في تقارير الإنتاج، بل تعكس تحولًا استراتيجيًا في رؤية مصر للطاقة كأداة للنمو الاقتصادي، النفوذ الإقليمي، والاستقلال الوطني. ومع استمرار عمليات الاستكشاف، وتوسع البنية التحتية، وتكثيف التعاون الدولي، تبدو مصر على أعتاب مرحلة جديدة قد تجعلها لاعبًا رئيسيًا في سوق الطاقة العالمي خلال السنوات القادمة.


































