اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في سباق جديد نحو الفضاء، يطل القمر مجددا بوجهه الاقتصادي المشرق، ليس كوجهة للاستكشاف العلمي فحسب، بل كمصدر محتمل لأغلى وأهم أنواع الوقود في الكون الهيليوم-3.
فبينما لا يتجاوز سعر برميل النفط بضع عشرات من الدولارات، يقدر سعر الكيلوجرام الواحد من هذا العنصر النادر بحوالي 20 مليون دولار، ما يجعله أغلى من الذهب بعشرات المرات.
الهيليوم-3 هو نظير غير مشع للهيدروجين، يتميز بقدرته على توليد الطاقة عبر الاندماج النووي دون أي انبعاثات كربونية أو نفايات مشعة ورغم ندرته الشديدة على الأرض، فإن سطح القمر يحتوي على كميات صغيرة منه، نتيجة تعرض تربته لرياح الشمس على مدى مليارات السنين، ما جعله يعرف بـ 'الذهب الأزرق للقمر'.
ويرى العلماء أن هذا العنصر يمكن أن يحدث ثورة في مجال الطاقة النظيفة، إذ إن كميات محدودة منه قد توفر طاقة هائلة تفوق كل ما تنتجه مصادر الوقود التقليدية لكن التحدي الأكبر يتمثل في استخراجه من تربة القمر الصخرية الدقيقة بكفاءة اقتصادية وتقنية.
وسط هذا الطموح العلمي، برزت شركة أمريكية ناشئة تدعى Interlune، تأسست عام 2024 في مدينة سياتل على يد خبراء في الفضاء، من بينهم روب مايرسون وغاري لاي وقد تمكنت الشركة من جذب استثمارات بملايين الدولارات، تمويلًا لمشروعها الطموح 'Prospect Moon'، أول مهمة تجارية تهدف إلى استخراج الهيليوم-3 من القمر بحلول عام 2027.
ويعتمد المشروع على مركبة روبوتية متطورة ستهبط على الجانب القريب من القمر، في مناطق غنية بمعدن الإلمينيت الذي يعتقد أنه يحتوي على أعلى نسب من الهيليوم-3.
وسيضم الروبوت معدات متقدمة لجمع العينات وتحليلها، منها نظام استخلاص للغبار القمري، وحدة معالجة للهيليوم-3، مطياف كتلة للتحليل الكيميائي، وكاميرا متعددة الأطياف لدراسة التكوينات السطحية بدقة.
نجاح مهمة 'Prospect Moon' قد يفتح الباب أمام اقتصاد قمري جديد يشمل استخراج الموارد، بناء بنية تحتية فضائية، وربما نقل الطاقة إلى الأرض مستقبلاً.
وتعتمد الشركة في خطتها على بيانات مهمة 'Clementine' التابعة لناسا في التسعينيات، التي ساعدت على تحديد مناطق غنية بالإلمينيت كمؤشرات لوجود الهيليوم-3.
ورغم المخاطر التقنية، فقد حظيت Interlune بدعم مالي كبير، إذ جمعت 18 مليون دولار كتمويل أولي، إلى جانب منحة من وزارة الطاقة الأمريكية لدعم أبحاثها حول معالجة الغبار القمري.
تأتي هذه المبادرة في وقت يشهد فيه مجال الفضاء تحولا نوعيا، مع دخول الشركات الخاصة بقوة إلى ميدان كان حكرا على الوكالات الحكومية فبفضل برامج مثل CLPS التابع لناسا، أصبحت المهام القمرية التجارية أكثر واقعية وأقل تكلفة.
وإذا ما نجحت تجربة Interlune، فقد يتحول القمر من مجرد رمز للاستكشاف العلمي إلى منجم طاقة نظيفة يمهد لعصر جديد من الاقتصاد الفضائي، حيث تصبح الموارد القمرية جزءا من منظومة الطاقة العالمية.


































