اخبار مصر
موقع كل يوم -جريدة الأخبار
نشر بتاريخ: ٣ تشرين الأول ٢٠٢٤
القاهرة | دخلت القاهرة مجدّداً لعبة التوازنات الإقليمية، عبر تعزيز قنوات التواصل بين الخصمين، روسيا والولايات المتحدة، بصورة تسعى من خلالها لتحقيق أكبر استفادة ممكنة اقتصادياً وعسكرياً. وبدا هذا واضحاً في الزيارة التي أجراها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الإثنين الماضي، إلى موسكو، حيث التقى نظيره الروسي، سيرغي لافروف، في تحرك استبطن رسالة إلى الولايات المتحدة والغرب بإبقاء قنوات التواصل المصرية - الروسية مفتوحة، ليس فقط دبلوماسياً ولكن في مجالات عدة. وجاءت هذه الخطوة قبيل زيارة الأيام الثلاثة لوزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى القاهرة لترؤس الحوار الاستراتيجي بين البلدين، علماً أن بلينكن استبق زيارته بالإعلان عن الإفراج عن كامل المساعدات الأميركية المُقدّمة لمصر بموجب اتفاقية «كامب ديفيد». ولم يكُن التوجه المصري نحو موسكو وليد المصادفة، بل هو تكرارٌ لما قام به وزير الخارجية المصري السابق، سامح شكري، من أجل إحداث اختراق في العلاقات مع روسيا خلال فترات ضعف الإدارة الأميركية، علماً أنه سبق لمصر أن حصلت على أسلحة روسية رغم معارضة واشنطن لذلك.وتُعَد هذه هي المرة الأولى التي تحصل فيها القاهرة على المساعدات العسكرية كاملة في عهد إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بعيداً من الاشتراطات التي تطاول ملف حقوق الإنسان والتي تمّ بموجبها حجب ملايين الدولارات في الأعوام الثلاثة الماضية عن القاهرة، والقيام بتوجيهها إلى أوجه إنفاق أخرى، إذ جرت العادة أن تحصل مصر على مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 1.3 مليار دولار، منها نحو 300 مليون دولار مرتبطة بأوضاع حقوق الإنسان والتقدم الحاصل فيها، وفقاً لما يجري التوافق عليه مع «الكونغرس». لكن ذلك الملف تحوّل اليوم إلى إحدى القضايا الهامشية في أجندة واشنطن، التي يبدو أنها ارتضت بالإجراءات المصرية الشكلية على هذا الصعيد. ورغم حرص بلينكن على لقاء نشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان في مصر خلال عدد من زياراته السابقة، وخصوصاً قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تراجع الاهتمام الأميركي بأوضاع النشطاء المحبوسين في مصر، وسط تراجع ملحوظ في دعم النشطاء الحقوقيين، منذ 7 أكتوبر، وإعطاء الأولوية لتوثيق التعاون مع النظام، حتى خلال الانتخابات الرئاسية التي تبعها الزجّ بالمعارض أحمد طنطاوي في السجن.
هكذا، تبدو العلاقات بين القاهرة وواشنطن على المستوى السياسي «في أفضل حالاتها»، وفقاً لما يصفها مسؤول مصري في حديث إلى «الأخبار»، عازياً هذا التقدم إلى «التوافق على نقاط رئيسية بشأن الوضع في غزة»، فضلاً عن أن «هذا التحسن معتاد في نهايات عهود الإدارات الأميركية المختلفة». ويضيف المسؤول المصري أن «المسؤولين في واشنطن باتت لديهم قناعة بأن استقرار النظام المصري سيكون داعماً لاستقرار المنطقة، وبالتالي لا بد من العمل بشراكة لا تقبل التشكيك في شرعيته أو تدفعه إلى التحالف مع أعداء الولايات المتحدة». ورغم عدم أهمية انعقاد الحوار الاستراتيجي الرفيع المستوى بين البلدين حالياً، يرى مسؤول في الخارجية المصرية، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «حرص واشنطن على الالتزام بموعد الحوار وعدم إرجائه يولّد زخماً في العلاقات»، علماً أن آخر جولات الحوار قد جرت عام 2021.
وإذ تركّزت نقاشات بلينكن - عبد العاطي على «الجانب العسكري وتعزيز قدرات الجيش المصري لضبط الحدود مع القطاع»، أُعلن خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعهما، عن توقيع اتفاق لإنشاء 3 جامعات أميركية جديدة في مصر، وتعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي والطاقة. كما كان لافتاً في المناقشات، التعبير الأميركي المعلن عن الرغبة في الاستفادة من المنطقة الاقتصادية لـ«قناة السويس»، والتي تشهد نشاطاً مكثّفاً لروسيا والصين عبر استثمارات كبيرة جرى الاتفاق على ضخّها. وبحسب المسؤول المصري، فإن القاهرة «تتّبع سياسة واحدة مع جميع الأطراف» في ما يتعلق بالمشاريع التي يجري تنفيذها. ويلفت إلى «عدم وجود تعارض بين الاتفاقيات الجاري تنفيذها مع الروس والصينيين، وما جرت مناقشته مع الأميركيين»، مضيفاً أن مصر مستمرة في تنفيذ المشروع النووي في الضبعة مع الروس وفق الجدول المعلن، باعتباره من أكبر وأهم المشاريع الجاري تنفيذها في الوقت الحالي.