×



klyoum.com
egypt
مصر  ٨ كانون الأول ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
egypt
مصر  ٨ كانون الأول ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار مصر

»سياسة» صدى البلد»

عبد السلام فاروق يكتب: رفعت سلام .. العاصفة الهادئة في سماء الثقافة المصرية

صدى البلد
times

نشر بتاريخ:  الأحد ٧ كانون الأول ٢٠٢٥ - ١٩:٥٥

عبد السلام فاروق يكتب: رفعت سلام .. العاصفة الهادئة في سماء الثقافة المصرية

عبد السلام فاروق يكتب: رفعت سلام .. العاصفة الهادئة في سماء الثقافة المصرية

اخبار مصر

موقع كل يوم -

صدى البلد


نشر بتاريخ:  ٧ كانون الأول ٢٠٢٥ 

كنا، ونحن صغار نتعثر على أعتاب المعرفة، نلتقط أسماء كالنجوم من صحف ومجلات ثقافية تصل إلى مدينتنا الريفية بمحافظة المنيا، كرسائل من عالم مواز، عالم أكثر رحابة وأشد وهجاً.

وكان من بين هذه الأسماء التي لم تنفصل في ذاكرتي عن صفة 'المثقف الحقيقي'، اسم رفعت سلام كان يصل إلينا عبر مقالاته وترجماته كأنه صوت يأتي من عمق القاهرة، من ذلك القلب النابض الذي لم نره بعد، لكننا كنا نسمع دقاته في السطور التي تصلنا. 

لقد عرفته باكراً جداً، وعرفته كما يعرف الشجر الأصيل: من جذوره الراسخة في تربة الفكر، ومن ساقه القوية التي لا تعرف الانحناء أمام رياح الموضة العابرة، ومن أوراقه التي لا تتساقط مع كل خريف، تكتسي بلون جديد من الصبر والحكمة.

كان رفعت سلام ظاهرة ثقافية فريدة في تماسكها وانعتاقها معاً لم يكن مجرد شاعر ينساب في دروب القصيدة، ولا مترجماً ينقل بين اللغات، ولا ناقداً يحلل النصوص. 

كان كل ذلك في كينونة واحدة متجانسة، مثل نهر كبير تتقاطع في مجراه روافد من المعرفة، كلها تصب في بحر الرؤية. كانت طاقته الإبداعية طاقة كونية، لا حد لها ولا سقف، لأنها لم تكن طاقة انفجار عشوائي، كانت طاقة نمو عضوي، تنضج ذاتها بنفسها، مع مرور الوقت وتراكم التجربة وهنا يكمن سر عظمته: فالاستمرارية عند المبدع الحقيقي ليست تكراراً، هي اكتشاف متجدد للذات والعالم.

شاعراً برؤية خاصة.

كان شاعراً بكل ما تحمله الكلمة من معنى لم يكن شاعراً يكتب الشعر فقط، كان شاعراً يرى بالشعر. كان ذا بصر حديدي يخترق سطح الكلمات ليصل إلى مضايق الشعر الخفية، تلك المناطق الوعرة التي تختبئ فيها أسرار الإبداع. وقد تجلت رؤيته الشعرية المتفردة في دواوينه التي شكلت علامات مضيئة في مسيرة الشعر العربي الحديث.

ديوان 'إشراقات ' كان بمثابة بيان شعري جديد، حيث مزج بين الصورة البصرية الحادة والإحساس الوجودي العميق. كان رفعت سلام في هذا الديوان يستكشف علاقة الذات بالكون، من خلال لغة شعرية مكثفة تخلق عالمها الخاص، بعيداً عن البلاغة التقليدية. ثم جاء 'إنها تؤمي لي ' ليوغل أكثر في تجربة الاغتراب الداخلي والبحث عن معنى في فوضى العالم. هنا، تحولت القصيدة إلى رحلة استكشافية داخل النفس البشرية بأوجاعها وأحلامها.

أما ' هكذا قلت للهاوية '، فقد مثل نقلة نوعية في مشروعه الشعري، حيث تناول موضوع المقدس والمدنس في حياة الإنسان المعاصر، بنبرة تتراوح بين الجدية والسخرية العميقة. وكانت قصائده في هذا الديوان تشبه طقوساً يومية لإعادة اكتشاف العالم من جديد.

المترجم الذي صاغ جسراً بين الثقافات

لم يكن رفعت سلام مترجماً عادياً ينقل النصوص من لغة إلى أخرى، كان صانع جسور بين الثقافات. اختياراته للترجمة لم تكن عشوائية، كانت جزءاً من رؤيته الثقافية الشاملة. كان يختار النصوص التي تثير أسئلة وجودية وفنية تهم القارئ العربي، مع الحفاظ على روح النص الأصلي وأناقته اللغوية.

من أبرز إنجازاته في هذا المجال ترجمته لقصائد الشاعر اليوناني يانيس ريتسوس، التي مثلت تحدياً كبيراً بسبب خصوصية الصورة الشعرية لدى ريتسوس وارتباطها بالتاريخ اليوناني والتراجيديا الإنسانية. استطاع رفعت سلام أن ينقل هذا العالم الشعري المعقد إلى العربية بلغة شعرية مكافئة، تحافظ على غموض الصورة وعمق الدلالة.

كما كانت ترجمته لأعمال الشاعر الفرنسي بودلير علامة فارقة في تقديم تيار الحداثة الشعرية العالمية للقارئ العربي. لقد فهم رفعت سلام أن ترجمة بودلير تحتاج إلى أكثر من معرفة لغوية، تحتاج إلى فهم عميق لمشروعه الشعري الذي يجمع بين التاريخ والأسطورة واللغة. فجاءت الترجمة كعمل إبداعي مواز، يفتح آفاقاً جديدة للشعر العربي.

ولا يمكن إغفال ترجماته المهمة للأعمال الشعرية الكاملة ل (كفافيس، ورامبو)، حيث نقل ليس فقط النص، نقل روح الشعر وفلسفته. كانت ترجماته الشعرية تحمل إحساساً باللغة، وكأنه يكتب النص من جديد بلغة عربية حية تنبض على خشبة المسرح.

يرى ما وراء الكلمات

كان يرى السرد ليس كحكاية تحكى، كان يراه كنسيج من الدلالات والإشارات. وكان ينظر إلى السينما والفنون بعين الشاعر الذي يبحث عن الشعري فيها، عن ذلك الوميض الإنساني الذي يحول الصورة إلى فكرة، واللحن إلى سؤال. كان شعره ونقده وجهين لعملة واحدة: عملة الحساسية المفرطة تجاه الجمال، والوعي الحاد بمسؤولية المثقف.

ذات مرة، كنا في مهرجان الجواهري الأول الذي أقيم بمدينة أربيل بشمال العراق ، وهو أحد تلك اللقاءات الثقافية التي تشتبك فيها العقول كما تتشابك الأسياخ الحمراء في النار، وجدت نفسي في حوار معمق معه حول الشعراء في عصرنا. دار الحديث عن أصل الفعل الإبداعي: هل هو نبض فردي معزول، هل هو حصيلة تفاعل مع محيط اجتماعي وثقافي؟ وتحدثنا عن الحالة الثقافية بكل تشعباتها: حالة الفرد المبدع الذي يحمل عبء رؤيته في صحراء اللامبالاة، وحالة المؤسسة التي تترنح بين الرسمي والخاص، وحالة المجتمع الذي يتلقى الثقافة كسلعة استهلاكية في أفضل أحواله.

وفي خضم هذا النقاش، استقام أمامي رجل بحجم فكره. كان قارئاً شاسع المساحات، لا يقرأ النصوص فقط، يقرأ العالم من خلالها. كانت له رؤية واضحة، وموقف أخلاقي لا يتزحزح، وأدوات نقدية صقلها بنفسه حتى أصبحت بصمته الخاصة التي لا تخطئها العين. كان يمتلك ذلك النوع من الذكاء الذي لا يقتل الطفولة الداخلية للمبدع، يحاورها وينميها.

اليوم، وأنا أتأمل رحيل رفعت سلام الشاعر والمترجم، لا يسعني إلا أن أشعر بحزن عارم ، حزن لا علاقة لها بالألم العابر، حزن الافتقاد إلى نموذج إنساني نادر. لكنني سعيد بأنني عرفت رفعت سلام صديقاً وصحفياً ورفيقاً في رحلة التفكير. وأشعر باعتزاز عميق بتجربته الثقافية الهائلة، تلك المنحة السماوية التي تمنحنا، نحن الباقين في الساحة، الثقة والأمل.

فحينما يغيب مثل هذا العملاق بهدوء، لا يترك فراغاً خلفه، يترك إرثاً مضيئاً. إرثاً يثبت أن في مشهدنا المصري العميق، تحت ضجيج السطح وصراعاته، تبقى هناك بقية من نماذج فريدة. نماذج لا تصنعها الجامعات ولا الجوائز، يصنعها الإصرار على النقاء الفكري، والالتزام بالجمال، والإيمان بدور المثقف كحارس للضمير الجمعي. هذه النماذج هي التي تكتمل في انعتاقها، الإنسان لا يكتمل في القيود، يكتمل في انعتاقه من كل ما هو زائف وعابر. وهي التي تلهم بضوئها جيلاً كاملاً، لأن نور الحكمة الحقيقية لا ينطفئ بغياب حامله، يتحول إلى شمعة في يد كل من يبحث عن الحقيقة.

رحل رفعت سلام، بقي شاهداً. شاهداً على أن الثقافة يمكن أن تكون نقية وعميقة وجادة في زمن الاستهلاك. شاهداً على أن مصر، بترابها وتاريخها وناسها، لا تزال تنجب أولئك الذين يحملون مشاعل المعرفة، ليس ليظهروا أنفسهم، لينيروا الدرب للأجيال القادمة.

فسلام عليك أيها الصديق، وسلام على روحك التي صانت الجمال، وسلام على قلمك الذي كان دائماً نبضاً للحياة.

موقع كل يومموقع كل يوم

أخر اخبار مصر:

حمزة نمرة يعبر عن سعادته: أنا كمصري فخور بمصريتي

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
17

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2229 days old | 1,256,098 Egypt News Articles | 10,890 Articles in Dec 2025 | 227 Articles Today | from 23 News Sources ~~ last update: 14 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



عبد السلام فاروق يكتب: رفعت سلام .. العاصفة الهادئة في سماء الثقافة المصرية - eg
عبد السلام فاروق يكتب: رفعت سلام .. العاصفة الهادئة في سماء الثقافة المصرية

منذ ٠ ثانية


اخبار مصر

في ظل التحديات الإقليمية.. أين وصل المشروع الدفاعي الخليجي؟ - om
في ظل التحديات الإقليمية.. أين وصل المشروع الدفاعي الخليجي؟

منذ ١٥ ثانية


اخبار سلطنة عُمان

كأس العرب: انطلاق مباراة النشامى والإمارات (0-0) .. تحديث مستمر - jo
كأس العرب: انطلاق مباراة النشامى والإمارات (0-0) .. تحديث مستمر

منذ ٢٠ ثانية


اخبار الاردن

أبطال إفريقيا: الإتحاد المنستيري يستضيف اليوم شبيبة القبائل الجزائري - tn
أبطال إفريقيا: الإتحاد المنستيري يستضيف اليوم شبيبة القبائل الجزائري

منذ ٢٥ ثانية


اخبار تونس

مشاهده مسلسل وأزهر الحب الحلقة 61.. حادث مأساوي ومواجهة نارية تشعل الأحداث - ye
مشاهده مسلسل وأزهر الحب الحلقة 61.. حادث مأساوي ومواجهة نارية تشعل الأحداث

منذ ٣٠ ثانية


اخبار اليمن

بري يدخل قانون الانتخاب بزواريب اللجان - lb
بري يدخل قانون الانتخاب بزواريب اللجان

منذ ٣٥ ثانية


اخبار لبنان

لحج..تواصل الحصر الشامل للمنشآت الصناعية والمحال التجارية والورش والمهن الاخرى - ye
لحج..تواصل الحصر الشامل للمنشآت الصناعية والمحال التجارية والورش والمهن الاخرى

منذ ٤٠ ثانية


اخبار اليمن

أول قرار من التعليم بشأن سحل ولية أمر بمدرسة تجارية في الإسكندرية - eg
أول قرار من التعليم بشأن سحل ولية أمر بمدرسة تجارية في الإسكندرية

منذ ٤٥ ثانية


اخبار مصر

لأول مرة منذ 1991.. اتفاق تاريخي بين جامعات المركز والإقليم لتبادل قبول الطلبة - iq
لأول مرة منذ 1991.. اتفاق تاريخي بين جامعات المركز والإقليم لتبادل قبول الطلبة

منذ ٥٠ ثانية


اخبار العراق

سحابة أرجوانية عملاقة تطل على طور سيناء قادمة من سانت كاترين .. صور وفيديو - eg
سحابة أرجوانية عملاقة تطل على طور سيناء قادمة من سانت كاترين .. صور وفيديو

منذ ٥٥ ثانية


اخبار مصر

الاحتلال يستغل المعابر والطائرات المسيرة لإغراق غزة بالمخدرات - jo
الاحتلال يستغل المعابر والطائرات المسيرة لإغراق غزة بالمخدرات

منذ دقيقة


اخبار الاردن

المدينة للاستثمار جلفار للهندسة يقودان الارتفاعات ببورصة مسقط - om
المدينة للاستثمار جلفار للهندسة يقودان الارتفاعات ببورصة مسقط

منذ دقيقة


اخبار سلطنة عُمان

انفعال ودموع على الهواء.. ميدو يوجه رسائل للرئيس السيسي ويحذر من المؤامرات - eg
انفعال ودموع على الهواء.. ميدو يوجه رسائل للرئيس السيسي ويحذر من المؤامرات

منذ دقيقة


اخبار مصر

سوق السيارات يتنفس.. منصور يستعد لاستيراد BYD الجديدة بأسعار تنافسية - eg
سوق السيارات يتنفس.. منصور يستعد لاستيراد BYD الجديدة بأسعار تنافسية

منذ دقيقة


اخبار مصر

رذيلة أون لاين.. القبض على 10 فتيات يمارسن الأعمال المنافية للآداب بالقاهرة - eg
رذيلة أون لاين.. القبض على 10 فتيات يمارسن الأعمال المنافية للآداب بالقاهرة

منذ دقيقة


اخبار مصر

ضائقة نفسية تتسبب في تغيب طالب بالقليوبية.. والأمن يكشف ملابسات المنشور المتداول - eg
ضائقة نفسية تتسبب في تغيب طالب بالقليوبية.. والأمن يكشف ملابسات المنشور المتداول

منذ دقيقة


اخبار مصر

المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل 3 أشخاص - jo
المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل 3 أشخاص

منذ دقيقة


اخبار الاردن

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل