اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تشهد هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) واحدة من أكثر الأزمات تعقيدًا في تاريخها الحديث، بعد إعلان المدير العام تيم ديفي والرئيسة التنفيذية للأخبار ديبورا تيرنيس استقالتهما في اليوم نفسه.
وتأتي الاستقالات على خلفية فضيحة تعديل تحريري مثير للجدل في خطاب سابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما دفع شبكة سي إن إن لوصفها بأنها 'أكبر أزمة تواجه بي بي سي منذ عقود'.
وتضع هذه الاستقالة المزدوجة المؤسسة أمام اختبار صعب يتعلق بمستقبلها وثقة الجمهور فيها، في وقت تتقاطع فيه المصداقية الإعلامية مع الاستقطاب السياسي الغربي.
شرارة الأزمة: حلقة وثائقية مثيرة للجدل
بدأت الأزمة بعد بث حلقة من برنامج بانوراما بعنوان 'هل أمام ترامب فرصة ثانية؟' (Trump: A Second Chance?) قبل أسبوع من انتخابات نوفمبر 2024.
وأظهرت الحلقة مقاطع من خطاب ترامب يوم اقتحام الكونجرس في 6 يناير 2021، لكن تقرير موقع كونفرسيشن كشف أن فريق التحرير اجتزأ أجزاء من الخطاب بطريقة توحي بأن ترامب حرّض على العنف، متجاهلين مقاطع تدعو إلى 'السلم والانضباط'.
وأثارت هذه الممارسات غضب حملة ترامب، التي وصفت بي بي سي بأنها 'أخبار مزيفة بنسبة 100٪'، فيما رد ترامب عبر منصة تروث سوشيال: 'الإعلام البريطاني لم يعد يعرف معنى الحياد، وبي بي سي دفعت الثمن لأنها حاولت التلاعب بالحقيقة لخدمة أجندات سياسية'.
سابقة تاريخية
الاستقالة المتزامنة لكل من ديفي وتيرنيس شكّلت سابقة في تاريخ الهيئة، وأعادت طرح سؤالًا جوهريًا حول قدرة المؤسسات الإعلامية على مواجهة أخطائها دون الانزلاق إلى التبرير أو الإنكار.
تيم ديفي، الذي تولى منصب المدير العام منذ 2020، كان يُنظر إليه كمدافع عن استقلالية المؤسسة، بينما تعرضت ديبورا تيرنيس لانتقادات بسبب ضعف الرقابة التحريرية على الوثائقي.
وقد وجدت بي بي سي نفسها، التي لطالما انتقدت ترامب، متهمة باستخدام أدوات التحرير لتشويه خطابه، ما يطرح تحديات حول الشفافية والمساءلة في الإعلام العام.
ردود الفعل السياسية
ردت الجهات السياسية البريطانية بسرعة، حيث قالت كارولين دينيج، رئيسة لجنة الثقافة والإعلام والرياضة في البرلمان: 'استقالة ديفي مؤسفة، لكن استعادة الثقة في المؤسسة يجب أن تكون الأولوية'، داعية إلى مراجعة الميثاق الملكي الذي يحكم عمل الهيئة، والذي يحدد أهداف بي بي سي وطبيعة تمويلها وإدارتها.
ومن المقرر أن ينتهي العمل به عام 2027، وسط تأجيل مراجعة رسمية كان من المفترض أن تبدأ في 2025.
في المقابل، اعتبر إد ديفي، زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار، أن بي بي سي 'ليست مؤسسة مثالية، لكنها تبقى حاجزًا بين القيم البريطانية والنزعات الشعبوية'، مشددًا على أن الاستقالة يجب أن تمثل فرصة لفتح صفحة جديدة.
أما نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح، فقد اتخذ موقفًا أكثر حدة، معتبرًا أن الاستقالات تمثل 'الفرصة الأخيرة' للهيئة لإحداث تغيير جذري، محذرًا من رفض المواطنين دفع رسوم الترخيص إذا لم يتم تحسين الأداء.
ملفات إضافية تزيد الضغوط على بي بي سي
تواجه بي بي سي بالفعل ملفات خلافية أخرى، أبرزها الجدل حول تغطية وثائقي عن غزة وأزمة 'والاس' المتعلقة بتسريبات حول تغطية الحرب في أوكرانيا.
ويشير موقع كونفرسيشن إلى أن 'الاستقلالية التحريرية ليست مجرد شعار، بل اختبار يومي في مواجهة القوى السياسية التي تسعى لتشكيل السرد العام'، ما يجعل أزمة بي بي سي لحظة فارقة تتطلب إعادة تعريف دورها في المشهد الديمقراطي البريطاني والعالمي.


































