اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في ظل استمرار الصراع في دارفور منذ أبريل 2023، تحولت زراعة القنب الهندي، المعروف محليًا باسم البانجو، من نشاط هامشي إلى اقتصاد موازٍ يشكل جزءًا من تمويل أطراف النزاع، مستفيدًا من الفوضى الأمنية والحدود المنفلتة وضعف سيطرة الدولة على المناطق الحدودية.
وامتد النشاط من المزارعين التقليديين إلى تجار مخدرات محليين، وصولًا إلى أفراد مسلحين أصبحوا جزءًا من القوات المسيطرة، يمارسون نشاطهم تحت حماية السلاح ويفرضون سيطرتهم على مناطق الإنتاج. وقد شهدت السنوات الأخيرة توسعًا كبيرًا في المساحات المزروعة، مع وصول الكميات أحيانًا إلى 50 طنًا، لتصبح تجارة البانجو مصدر دخل أساسي وتعبيرًا عن إعادة توزيع النفوذ في الإقليم، بما يعكس طبيعة اقتصاد الحرب في السودان وفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية.
وفي أقصى الجنوب الغربي لولاية جنوب دارفور، تشكل محلية الردوم ملاذًا آمنًا للزراعة بسبب التضاريس الوعرة وانفتاح الحدود، مما يسهل تدفق الممولين والمهربين عبر دول الجوار. وتعد الردوم اليوم المركز الأبرز لإنتاج البانجو، إذ تشير تقارير ميدانية إلى أنها تنتج بين 80 و90٪ من المخدر المستخدم محليًا. ويعتمد نقل المحصول على الحمير عبر طرق وعرة تتجنب الرقابة، قبل نقله بسيارات الدفع الرباعي إلى الخرطوم وكسلا وبورتسودان، وأحيانًا إلى جنوب السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى.
وتدار هذه الشبكات من قبل كبار التجار والمسلحين الذين يوفرون الحماية للشحنات مقابل مبالغ مالية، مما جعل البانجو عمودًا أساسيًا في الاقتصاد الخفي وتمويلًا مباشرًا للحرب، إذ بات نشاطه يشمل مراحل الزراعة والحصاد والتخزين والنقل والتوزيع، في نموذج يوازي النشاطات الاقتصادية الرسمية.
ووفرت تراكم الفوضى الظروف المواتية لاستمرار الظاهرة وتوسع نطاقها على نحو غير مسبوق، إذ يقول أحد الصحفيين المحليين إن تجارة المخدرات كانت موجودة قبل الحرب الحالية، مستفيدة من سنوات الانفلات الأمني وتداخل مصالح النظام السابق. وأوضح أن الحاويات التي تحمل أنواعًا مختلفة من المخدرات دخلت البلاد عبر البحر الأحمر، وسط اتهامات مباشرة لمسؤولين أمنيين سابقين بتسهيل مرورها لاستهداف الشباب أو خلق حالة إرهاق مجتمعي تعيق نشاط المقاومة، ما يعكس قدرة شبكة التهريب على استغلال الثغرات السياسية والأمنية.
وقد أدى ذلك إلى ظهور شبكة معقدة من التجار السودانيين والمتعاونين معهم من جنسيات أفريقية وعربية، الذين أدخلوا المواد إلى الأسواق المحلية تحت حماية مجموعات مسلحة، مستفيدين من ضعف الرقابة وسهولة التنقل بين المناطق الحدودية، ما جعل الاقتصاد غير الرسمي يعتمد على البانجو كمورد رئيسي.
وأصبحت تجارة البانجو في دارفور، خصوصًا في مناطق الردوم والضعين، تمثل اقتصاد حرب متكاملًا يدعم أطراف النزاع ويغذي الصراع على حساب الزراعة التقليدية والمجتمعات الريفية.
وأدى توسع زراعة البانجو إلى ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ نتيجة الطلب المتزايد والتوسع في الحقول وحماية الشحنات المسلحة، ما جعل البانجو سلعة شعبية ومرغوبة، ويستخدم لتمويل العمليات المسلحة المختلفة، مع تأثير مباشر على هشاشة البنية الاقتصادية والاجتماعية للريف السوداني.
وباتت الفوضى الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالبانجو مؤشرًا خطيرًا، إذ يمكن أن يؤدي استمرار الحرب إلى توسع هذه الظاهرة وتحويلها إلى النشاط الأكثر ربحية وتأثيرًا في الإقليم، ما يجعل من البانجو عنصرًا أساسيًا في اقتصاد الحرب الذي يستنزف السودان اليوم وفقًا لصحيفة سودان إفنتس.


































