اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٧ حزيران ٢٠٢٥
هل يمكن لسياسة 'أمريكا أولًا' أن تعزز النفوذ الأمريكي أم أنها قد تؤدي إلى عزل الولايات المتحدة عن حلفائها؟ كيف يمكن لقرارات دبلوماسية جريئة أن تغير موازين القوى العالمية؟ هل الاشتباكات مع الدول الصديقة والمنافسة ستقود إلى نظام عالمي جديد أم إلى فوضى دبلوماسية؟ خلال الأشهر الستة الأولى من ولاية دونالد ترامب الثانية، خاض ترامب مواجهات دبلوماسية مع حلفاء وخصوم، في سلسلة من الاشتباكات الداخلية والخارجية التي تتراوح بين 50 و60 اشتباكًا ومواجهة على الصعيدين الداخلي والخارجي، ومن بينها ما أثر على العلاقات الأمريكية مع دول مثل كندا، المكسيك، الصين، وإسرائيل، وأثارت تساؤلات حول مستقبل النفوذ الأمريكي، وامتدت الخلافات لتشمل الناتو، خلال قمته الأخيرة في يونيو الجاري.
أوامر تنفيذية تثير توترات دولية
وقّع ترامب أوامر تنفيذية شملت تعليق تمويل برامج التعليم والصحة في 20 دولة، بما في ذلك الأردن ولبنان، متهمًا وكالة التنمية الدولية الأمريكية بـ'إهدار الموارد على أجندات ليبرالية'.
أوقف القرار مشاريع بقيمة مليارين ونصف مليار دولار، مما أثر على 4 ملايين ومائتي ألف مستفيد، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة. كما أمر بمراجعة اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية –المكسيكية - الكندية، وفرض رسومًا جمركية مؤقتة بنسبة 10 في المائة على الصين.
تقليص ميزانية وكالة التنمية
قلّص ترامب ميزانية وكالة التنمية الدولية الأمريكية بنسبة 45 في المائة، متهمًا إياها بتمويل 'برامج لا تخدم أمريكا'. أثر القرار على 5 ملايين مستفيد، وفقًا لمنظمة كير الدولية. حذرت الأمم المتحدة من 'انهيار الدعم الإنساني'، وقاد السيناتور كريس فان هولن حملة لاستعادة التمويل. توترت العلاقات مع الأردن ولبنان، وخسرت الشركات الأمريكية عقودًا بقيمة مليار وثمانمائة مليون دولار، وفقًا للأمم المتحدة. اتهمت النائبة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز القرار بـ'جريمة إنسانية'، مما عزز الدعوات لمحاكمة ترامب قضائيًا.
اشتباك مع أصوات بالداخل بسبب إسرائيل
كان ترامب في قلب الجدل المثار حول التناقض بين الفعل والقول، فعلى مستوى الفعل: تستمر المساعدات العسكرية الأمريكية في التدفق على إسرائيل ودعم واشنطن للدولة اليهودية غير مشروط، وينقسم الجمهوريون في مواقفهم من هذه القضية، حيث أيدت السياسيى الجمهورية البارزة 'مارجوري تايلور جرين' خفض المساعدات لإسرائيل وعارضه ليندسي جراهام، ووسط هذا الجدل، وتراجعت تبرعات الجالية اليهودية للجمهوريين بنسبة 10 في المائة إضافية، وفقًا لموقع بوليتيكو.
وفي مقال بعنوان 'لا نريد خيانة شعار أمريكا أولا بالاستمرار في الحرب ضد إيران'، ناقشت مجلة 'فورين أفيرز' الجدل حول سياسة 'أمريكا أولًا' للرئيس دونالد ترامب في ظل التوترات الإسرائيلية - الإيرانية، مع بروز أصوات أمريكية معارضة لدعم البيت الأبيض اللامحدود فتطالب بأن تدفع إسرائيل تكاليف حمايتها بدلًا من الاعتماد على المساعدات العسكرية الأمريكية. إلا أن ترامب أظهر موقفًا متذبذبًا، حيث أشار في منشورات على تروث سوشيال إلى سيطرة عسكرية على إيران وطالب بـ'الاستسلام غير المشروط'، ما يعكس غموضًا في سياسته تجاه الصراع.
وأكدت المجلة أن الحكمة الاستراتيجية هي اختبار حقيقي لقوة الولايات المتحدة، محذرةً من أن التدخل العسكري المباشر في الصراع الإسرائيلي - الإيراني قد يجر واشنطن إلى حرب أوسع، وهو ما يتعارض مع مبادئ 'أمريكا أولًا' التي تستلزم أولا وقبل كل شيء: تقليص الالتزامات الخارجية.
كما أوصت المجلة بدعم إسرائيل دبلوماسيًا وسياسيًا دون الانخراط في عمليات عسكرية، مع التأكيد على ضرورة تجنب تصعيد الصراع مع إيران حفاظًا على المصالح الأمريكية.
اشتباكات الحرب التجارية والرسوم الجمركية
فرض ترامب رسومًا جمركية بنسبة 25 في المائة على المكسيك وكندا (10 في المائة على قطاع الطاقة الكندي) و20 في المائة إضافية على الصين. ردت المكسيك برسم 20 في المائة، والصين على صادرات أمريكية بقيمة 50 مليار دولار.
تسببت الرسوم في ارتفاع أسعار السلع في أمريكا بنسبة 3 في المائة، وأثارت مخاوف من ركود تضخمي، وفقًا لمعهد بيترسون. ألغى رئيس الوزراء الكندي السابق جاستن ترودو اجتماعًا مع ترامب، وخسرت الشركات الأمريكية عقودًا بقيمة 30 مليار دولار في المكسيك، مع خسارة 150 ألف وظيفة زراعية، وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية.
الاشتباك الأول مع نتنياهو
تجاهل ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارة إلى الشرق الأوسط، متعاملًا مع إيران والحوثيين دون استشارة إسرائيل، مما أثار قلقًا في إسرائيل، وفقًا لتقرير واشنطن بوست.
أشار مقال رأي في صحيفة الجارديان إلى أن صفقة ترامب مع الحوثيين دون إشراك إسرائيل كانت تهديدًا لنتنياهو.
سياسيًا، أدى ذلك إلى توتر العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، حيث أعربت السعودية عن قلقها من 'عدم الاستقرار الإقليمي'.
اقتصاديًا، تسبب التوتر في انخفاض الاستثمارات الأمريكية في مشاريع الطاقة الإسرائيلية بنسبة 10 في المائة، وفقًا لتقرير نشرته فاينانشيال تايمز.
الاشتباك مع إيران والوقوع في 'فخ' نتنياهو
تصاعدت التوترات مع نتنياهو عندما دعا ترامب إلى فرض عقوبات جديدة ضد إيران بعد هجمات إسرائيلية على منشآت نووية إيرانية، متهمًا إيران بـ'تهديد الاستقرار العالمي'.
رفض نتنياهو إجراء مفاوضات مباشرة، مفضلًا العمليات العسكرية، وفقًا لموقع بوليتيكو، وأشارت الجارديان إلى أن ترامب 'وقع في فخ نتنياهو' عندما دعم ضربات على إيران، مما عزز نفوذ إسرائيل.
وصف ترامب محاكمة نتنياهو بـ'صيد الساحرات'، لكن ذلك لم يخفف التوترات. أثر الخلاف على العلاقات مع حلفاء الشرق الأوسط، حيث أعربت قطر عن قلقها من 'تصعيد غير ضروري'.
اقتصاديًا، تسبب التوتر في انخفاض الاستثمارات الأمريكية في إسرائيل بنسبة 8 في المائة، وفقًا لبلومبرج.
اقتراح ضم كندا
أثار ترامب جدلًا عندما اقترح ضم كندا كـ'ولاية الـ51' لتسوية الخلافات التجارية، في خطاب ألقاه في ميشيجان.
وصف رئيس الوزراء الكندي السابق الاقتراح بأنه 'مثير للسخرية'، ورد رئيس الوزراء الجديد مارك كارني بالقول إن بلاده ليست للبيع.
عزز الاقتراح الدعوات في كندا لتقليل الاعتماد على أمريكا تجاريًا، حيث أعلنت الحكومة الكندية خطة لتعزيز التجارة مع الاتحاد الأوروبي بنسبة 15 في المائة بحلول 2027، وفقًا لتقرير قناة سي بي سي.
اقتصاديًا، تسبب الاقتراح في انخفاض قيمة الدولار الكندي بنسبة 5 في المائة، مما أثر على التجارة البينية بقيمة 50 مليار دولار.
خلافات مع المكسيك
أعاد ترامب تنفيذ سياسة 'البقاء في المكسيك'، التي تتطلب من طالبي اللجوء غير المكسيكيين الانتظار في المكسيك بينما تُنظر قضاياهم أمام المحاكم الأمريكية.
أثارت السياسة انتقادات شديدة من منظمات حقوقية، حذرت من تعرض المهاجرين للخطر في المدن الحدودية المكسيكية.
أعلنت إدارة ترامب إلغاء تطبيق قواعد سي بي ون، الذي كان يُستخدم لجدولة مواعيد اللجوء، مما زاد من التوترات مع المكسيك. عبرت الحكومة المكسيكية عن قلقها بشأن تأثير هذه السياسات على مواردها، مما زاد من شكوك المهاجرين وطلب المساعدة القانونية في المكسيك.
خلافات ترامب مع بنما
تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة وبنما عندما هدد ترامب بإعادة التفاوض على اتفاقية قناة بنما لعام ألف وتسعمائة وسبعة وسبعين، متهمًا بنما بفرض رسوم غير عادلة على السفن الأمريكية.
ادعى ترامب أن الولايات المتحدة تدفع 'أسعارًا مبالغًا فيها' لاستخدام القناة، وهو ما نفته الحكومة البنمية، مؤكدة أن الرسوم تتوافق مع الاتفاقيات الدولية، وبدورها، ردت بنما بتأكيد سيادتها الكاملة على القناة، محذرة من أن أي تدخل أمريكي قد يؤدي إلى أزمة دبلوماسية.
أدى الخلاف إلى انخفاض حركة الشحن الأمريكي عبر القناة بنسبة 5 في المائة، مما أثر على التجارة البينية بقيمة 10 مليارات دولار، وفقًا لتقرير مؤسسة كارنيجي. أشارت تقارير جامعة نافارا إلى أن هذا الجدل أعاد إحياء النقاش حول دور الصين في المنطقة، حيث أعلنت بنما عن خطط لتعزيز التعاون التجاري مع الصين بنسبة 10 في المائة بحلول 2026.