اخبار مصر
موقع كل يوم -الدستور
نشر بتاريخ: ٢٥ كانون الثاني ٢٠٢٥
أكد مترجمون ومتخصصون اليوم السبت، ضرورة تعميم استراتيجية رفاعة الطهطاوي في الترجمة باستخدام مفردات الشاعر بالعامية الراقية، متشددين على أن استخدام الذكاء الاصطناعي لن يلغي دور المترجم البشري خاصة في الترجمة الأدبية ترجمة العلوم الإنسانية، ولكنه يمثل ميزة لصناعة الترجمة.
ودعا المشاركون في مؤتمر ترجمة العلوم الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته 56، إلى تفعيل مقترح إنشاء بيت الترجمة ودعم جهود المثقفين سواء الرسمية أو الشعبية والذاتية.
جاء ذلك خلال توصيات التي أصدرها المحور الأول من المؤتمر والذي جاء بعنوان 'صناعة الترجمة'.
و قالت المترجمة إيمان عبد الحميد، ممثلة معهد جوته الألماني بالقاهرة، إن برنامج جوته في الترجمة عمره 50 سنة في العالم و30 سنة في مصر فقط،مضيفة أن معهد جوته يقدم الدعم لدور النشر وفق شروط محددة، وليس المترجمين لإنهم الجهة المعنية بمخاطبة الجهات الأجنبية وكذلك استدار التراخيص.
وأشارت إلى أن معهد جوته أطلق منصة ترجمتنا التي تقدم توصيات للترجمة، ودعم الأدب الألماني في العالم العربي، وتم اختيار هذه التوصيات وفق خبراء لغة المانية ومختصين في صناعة النشر، كما توفر بالمنصة دراسات ومقالات حول شكل المشهد الأدبي في ألمانيا.
ولفتت إلى أنه 'منذ عامين دشنا مسابقة في كتاب الطفل، لذا قررنا تطوير المسابقة بجائزة حضور ورشة عمل للترجمة في ألمانيا، مشيرا إلى أن ما بعد فترة كورونا دعم جوته في 4 سنوات ترجمة ما يزيد عن 60 كتابا.
وأعلنت إن المعهد سيطلق هذا العام مبادرة الإنسان في مواجهة الآلة من واقع الاستجابة لتحديات الذكاء الاصطناعي.
بدوره، قال خالد السيد ممثل جائزة كتارا القطرية إن جرى الإعلان عنها في 2010 واستطاعت إن تظهر بصمتها في المشهد الثقافي العربي، لاعتمادها على الهندسة الثقافية، وهي أن تكون الثقافة والترجمة لها مردود اقتصادي.
وأضافت أن 'عملنا على الترجمة من خلال الجائزة وترجمنا الروايات الفائزة إلي الإنجليزية الفرنسية وسيتم إضافة اللغة الصينية والارمينية خلال العام الحالي والمقبل، مشيرا إلى أن الجائزة تمتلك دار نشر خاصة بها وأصدرت أكثر من 50 رواية إضافة إلي ترجمة كتب اخرى إلي اللغات الإيطالي الإسبانية، كما تمتلك كتارا مكتبة خاصة بالرواية العربية وهي الوحيدة من نوعها في الوطن العربي.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي دخل عالم الترجمة عبر الأدوات التي توفرها الشركات العالمية والبرامج المتخصصة في الترجمة الآلية، مشيرا إلى أنه ما زال العامل البشري لازم خاصة في اللغة العربية بعكس اللغات الأخرى.
وحول مستقبل الترجمة الأدبية في عصر الذكاء الاصطناعي، قال المترجم الدكتور طه زيادة وممثل المركز الثقافي الإسباني إن تقنيات الذكاء الاصطناعي في الترجمة يمكن أن يكون لها تأثير على الجودة والتنوع وسرعة ودقة الترجمة مما يجعل النصوص متاحة في وقت أقصر للجمهور.
وأضاف أن الترجمة الآلية أصبحت أكثر قدرة على فهم النصوص لكن ليس الأمر نفسه في الترجمة الأدبية لما تحتاجه من فهم عميق للغة الأصلية للنص واللغة المستهدفة.
وأشار إلي أن الذكاء الاصطناعي يجد صعوبة في التقاط الإيقاع والنغمة الأدبية للنص ليعكس خصوصية العمل الأدبي ونقل روح النص وليس المعنى فقط.
ولفت إلى أن الترجمة الآلية قد توفر الترجمة الأولية مما يوفر الوقت ويساعد في للترجمة الأدبية لكنه لن يستبدل العنصر البشري.
وأقترح إنشاء بيت للمترجمين في إحدى العواصم العربية يجمع المترجمين للغة العربية من كل أنحاء العالم.
من جانبها، قالت الدكتورة كرمة سامي رئيس المجلس القومي للترجمة إن لا بديل عن 'تحالف المعارف' لاننا منطقة عربية نتكلم لغة واحدة فإشكاليات الترجمة تهمنا جميعا.
وأضافت أنه منذ جيل الرواد بداية من رفاعة الطهطاوي مرورًا بطه حسين وثروت عكاشة ويحيى حقي ونحن نهتم في مصر بالترجمة، على المستوى الرسمي أو الذاتي حتى الراحل محمد عناني الذي خسرنا برحيله قامة كبيرة.
وأكدت أن صناعة الترجمة تسير بشكل مباشر مع صناعة المترجم وصناعة القارئ الواعي، وكما قال يحيى حقي 'فن ترجمة الفكر' لأننا لا نترجم الفاظ ولكن نترجم أفكار ومعاني.
وقالت: 'الأمة التي تترجم هي أمة واثقة في ثقافتها ومنفتحة على العالم'.
فيما قالت المتحدثة مريم كمال من المركز الثقافي الإيطالي، إنها تستخدم الذكاء الاصطناعي في الترجمة والكتابة وترى أننا لن نستغني عن المترجم البشري مطلقا.
وأضافت أن المعهد الإيطالي ترجم المئات من الكتب من الإيطالية إلي العربية عبر العديد من المنح من وزارتي الخارجية أو الثقافة الإيطالية.
بدوره، قال الدكتور محمد عباس عبد العزيز ممثل عن المؤسسة الثقافية اليونانية إن أول محاولات الترجمة من اليونانية بدأت منذ العصر العباسي ثم توقفت حتى جاء طه حسين ليعيد إحياء هذا التواصل المعرفي.
معظم الترجمات مع اليونانية كانت من المجلس القومي للترجمة حتى إنشاء فرع المؤسسة الثقافية اليونانية في الإسكندرية، موضحا طرق الحصول على دعم للترجمة من وإلي اللغة اليونانية.
في السياق نفسه، أشار ممثل المعهد الفرنسي الدكتور هاني حنا، إلى أن صناعة الترجمة هو موضوع غاية في الثراء، حيث إن العملية الحرفية في النص المترجم لها عدة مكونات، أولها الموهبة فمثلا ناشر يجيد اللغة العربية واللغة المراد نقل النص منها أو إليها، وهي عناصر ليست كافية لترجمة النص ولكن يجب أن يكون المترجم كاتب وله نظرة شاملة وخياله قادر على الربط بين العناصر مع عدم إغفال السياق العام.
وتابع أن ثاني العناصر هي تقمص دور القارئ العربي في توصيل المعنى لأن الموهبة وحدها لا تكفي.، كذلك أن يسير العمل في عدة محاور كالبحث العلمي فتمتج مفاهيم البحث المنهجي إلى مجال الأدب وليس العلوم فقط.
وأكد أنه ينبغي أن يبحث المترجم في القاموس عن معنى موائم لموضوع النص، وهناك كلمات ليس لها مقابل في العربية وهنا يبرز عامل الاستحداث، وثالثا الانغماس في ثقافة البلد التي يكتب عنها المترجم وأن يفهم لغتها الدارجة، الذكاء الاصطناعي لا يراعي مقتضى الحال ولايملك البلاغة، رغم تطوره الكبير في الآونة الأخيرة،
ولفت إلى أن الطرف المهمل في منظومة صناعة الترجمة هو المترجم نفسه، وعند محاولة الناشرين تقليل التكلفة يستغنى عن تكلفة ما يتقاضاه المترجم نفسه.