اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٥ تشرين الثاني ٢٠٢٥
لا يزال الوضع في العاصمة المالية باماكو يزداد سوء مع اشتداد حصار تنظيم “نصرة الإسلام والمسلمين” الإرهابي لها، وقطع كل خطوط الإمداد لها وعلى رأسها ناقلات النفط، فضلًا عن فرار العديد من عناصر من الجيش المالي.
تعد جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” الإرهابية، أحد أفرع تنظيم القاعدة في منطقة الساحل، وتأسست في مارس 2017 نتيجة اندماج فصائل متمركزة في مالي، من بينها أنصار الدين وكتيبة ماسينا.
وتعتمد الجماعة نهجا يجمع بين العمل المسلح ومظاهر الحكم المحلي من خلال إنشاء محاكم شرعية وفرض الجبايات والرسوم على الطرق، مما يتيح لها ترسيخ وجودها في المناطق الريفية التي تفتقر إلى حضور الدولة، وتصنفها الحكومات الغربية تنظيما إرهابيا.
من يقود الجماعة؟
يتزعم الجماعة إياد أغ غالي، وهو شخصية طوارقية نافذة من شمال مالي، في حين يُعد قائد كتيبة ماسينا في وسط البلاد أمادو كوفا أبرز مساعديه. ويخضع كلا القائدين لعقوبات فرضتها الأمم المتحدة.
أعلنت أربع حركات مسلحة في مالي ومنطقة الساحل الاندماج في جماعة جديدة تحت مسمى 'جماعة نصرة الإسلام والمسلمين'، واختارت زعيم جماعة أنصار الدين إياد أغ غالي أميرا لها، وفي يونيو 2024 كشفت المحكمة الجنائية الدولية عن مذكرة توقيف بحق إياد تتعلق بارتكاب انتهاكات خلال فترة سيطرة الجماعات المسلحة على تمبكتو بين عامي 2012 و2013، في خطوة تعكس امتداد مسار الجماعة من التمرد المحلي إلى الحملة الإقليمية الراهنة.
ما حجم جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” ومدى قوتها؟
تشير التقديرات المستندة إلى مصادر مفتوحة إلى أن عدد مقاتلي الجماعة يبلغ بضعة آلاف، في حين تُجمع التحليلات والتقارير الميدانية على أنها تُعد القوة المسلحة الأشد فاعلية في منطقة الساحل، متقدمة على قدرات الدول والجماعات الجهادية المنافسة في بعض مناطق مالي وبوركينا فاسو.
وتنعكس قدرتها القتالية في هجماتها واسعة النطاق كما حدث في أبريل 2025 حين أعلنت حكومة بنين مقتل 54 جنديا قرب مجمع متنزهات دبليو-أرلي-بنجاري في هجوم تبنته الجماعة.
هل باماكو مهددة بالسقوط فعليا؟
أثبتت الجماعة قدرتها على خنق العاصمة بأساليب غير تقليدية. فمنذ سبتمبر الماضي استهدفت قوافل الوقود القادمة من السنغال، وأحرقت عشرات الصهاريج قرب مدينة كاييس، مما تسبب في أزمة حادة بالإمدادات داخل باماكو.
وفي نهاية أكتوبر الماضي اضطرت الحكومة إلى إغلاق المدارس والجامعات لتقليص استهلاك الوقود، في حين امتدت طوابير الانتظار أمام المحطات في أنحاء المدينة.
وتسعى الجماعة من خلال هذا النهج إلى إنهاك الحياة اليومية وتقويض الثقة في السلطة الحاكمة ودفعها نحو التراجع. ويعتبر هذا الأسلوب تهديدا وجوديا لباماكو حتى دون الحاجة إلى اقتحامها عسكريا.
أين تنشط الجماعة؟
وفق موقع “الجزيرة”، فتتمركز أنشطة الجماعة في مالي وبوركينا فاسو، مع استمرار عملياتها في جنوب غرب النيجر. منذ عام 2022 بدأت بالتوسع نحو شمال بنين، وامتدت تحركاتها الاستطلاعية إلى توغو وكوت ديفوار.
ويعكس إعلانها الأخير عن تنفيذ هجوم داخل نيجيريا تصاعدا في اختراق الحدود الرخوة والمناطق المحمية التي تُستخدم ممرات ومخابئ من قبل المسلحين.
وفي مواجهة هذا التمدد عززت حكومات دول الساحل إجراءاتها الأمنية على الحدود، ووجهت دورياتها نحو المتنزهات بعد سلسلة من الهجمات الدامية. وتُظهر الجماعة قدرة عالية على التكيف الميداني، إذ تعتمد تكتيكات متنوعة تشمل نصب الكمائن المعقدة واقتحام القواعد وزرع العبوات الناسفة على طرق الإمداد، إلى جانب فرض 'الزكاة' على التجار والرعاة، وفرض قيود على الحركة بهدف التحكم في الطرق.
وخلال هذا العام صعّدت الجماعة أدواتها الاقتصادية عبر فرض حصار على الوقود، مما انعكس سلبا على قطاعات التعليم والنقل وأسعار المواد الغذائية.
كما توظف تقنيات تجارية متاحة، مثل تطبيقات المراسلة والطائرات المسيّرة الصغيرة لأغراض الاستطلاع، إضافة إلى استخدام الإنترنت الفضائي عند تعطل الشبكات الخلوية.
ورغم صعوبة تحديد الجهة التي تستخدم كل نوع من هذه المعدات فإن نمط تبني التكنولوجيا بين الفاعلين المسلحين في الساحل بات واضحا ومتسارعا.
كيف تمول الجماعة؟
تعتمد الجماعة على مصادر تمويل محلية متعددة تشمل جباية الضرائب على الطرق، والحصول على فدى مقابل الرهائن، ونهب الماشية، واقتطاع حصص من أنشطة استخراج الذهب الحرفي.
وتسهم شبكات التهريب العابرة للحدود ونظم تحويل الأموال غير الرسمية في إبقاء التدفقات المالية نشطة حتى في ظل القيود المفروضة على القنوات المصرفية بفعل العقوبات.
وتمنح هذه الآليات الجماعة قدرة أكبر على التكيف والصمود مقارنة بالتنظيمات التي تعتمد على تمويل مركزي.
ما علاقتها بفروع تنظيم الدولة؟
تخوض الجماعة منافسة مستمرة تتخللها مواجهات متفرقة مع فرعي تنظيم الدولة في الساحل وغرب أفريقيا.
وفي المناطق التي يتقاطع فيها نفوذ الطرفين يتسابقان على استقطاب المجندين والسيطرة على مناطق الجباية والتحكم في المسارات الحيوية، في حين تشهد مناطق أخرى حالة من التعايش المتوازي دون تنسيق أو تعاون.
وتسهم المنافسة بين الفصائل المسلحة في إعادة تشكيل خريطة العنف، إذ تدفع كل جماعة باتجاه فرض نفوذها، مما يؤدي إلى اضطرابات حادة تطال المجتمعات المحلية.
ويعود انخراط بعض هذه المجتمعات مع الجماعة إلى مزيج من الضغوط والمصالح، ففي البيئات التي تغيب فيها الدولة أو يُنظر إليها كطرف استغلالي تملأ الجماعة الفراغ بتقديم حلول للنزاعات وفرض عقوبات انتقائية على الخارجين عن النظام وضمان استمرار النشاط التجاري مقابل فرض جبايات.
ويعزز هذا النمط من 'الحكم الموازي' إلى جانب تجاوزات السلطات الرسمية والانقسامات الاجتماعية قدرة الجماعة على استقطاب المجندين، خصوصا بين الفئات الشابة المهمشة.
ويمثل هذا الأسلوب المحلي امتدادا لنهج القاعدة التدريجي في التغلغل والتأثير داخل المجتمعات.


































