اخبار مصر
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ١٩ أيلول ٢٠٢٥
سلطت القناة السابعة الإسرائيلية الضوء على محطة تاريخية شبه منسية بين مصر وإسرائيل بعد الحرب وهي إخلاء أول مستوطنة يهودية في سيناء 'شلهيبت'.
في الذكرى الخمسين لتوقيع 'الاتفاق المؤقت' بين إسرائيل ومصر — وهو ثاني اتفاق بين البلدين بعد حرب أكتوبر 1973، والأكثر تأثيرًا حتى معاهدة السلام لاحقًا — لفتت القناة إلى أن قلة قليلة اليوم تتذكر هذا الاتفاق الذي وُقّع قبل خمسين عامًا، والذي هزّ الرأي العام الإسرائيلي حينها بسبب مصير تلك المستوطنة.
ففي السياق السياسي والعسكري لإسرائيل، هناك مصطلحات تختفي مع الزمن، ولا يحتفظ بمعانيها سوى المؤرخين، وأحد هذه المصطلحات هو 'الاتفاق المؤقت' ذاته.
وأشارت القناة إلى أن هذه الذكرى تصادف هذا الأسبوع، وأن وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، بعد نجاحه في إبرام اتفاقيتي فصل القوات مع مصر وسوريا عقب حرب أكتوبر، وفي ختام حكومة جولدا مائير، كان وراء السعي لإبرام اتفاقية إضافية تتضمن انسحابًا إسرائيليًا جديدًا من سيناء. وبدأت المفاوضات في مارس 1975، عشية عيد الفصح العبري، لكن الفجوة بين الجانبين كانت كبيرة: فبينما وافقت إسرائيل على انسحاب واسع حتى خط العريش–رأس محمد، طالبت في المقابل بإعلان مصري رسمي بإنهاء حالة العداء، وهو ما رفضه المصريون، مطالبين بانسحاب إسرائيلي إلى الحدود الدولية، واتفاقية مؤقتة لمدة عام فقط — شروط لم تخطر على بال القيادة الإسرائيلية.
وبمبادرة من كيسنجر، قرر الرئيس الأمريكي جيرالد فورد — الذي لم يُنتخب، بل تولى الرئاسة تلقائيًا بعد استقالة نيكسون بسبب فضيحة ووترغيت — انتهاج سياسة 'إعادة التقييم' للعلاقات مع إسرائيل، تجلّت عمليًا في تجميد صفقات الأسلحة الجديدة، وعقد لقاءات غير رسمية مع ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية، وتعليق التنسيق الاستراتيجي استعدادًا لمؤتمر جنيف الذي لم يُعقد في النهاية. وبعد نحو خمسة أشهر، عاد كيسنجر في أغسطس 1975 بجولة مفاوضات جديدة، ووافقت إسرائيل على تليين موقفها، وتمكن الطرفان بعد أسبوعين من تقريب وجهات النظر وصياغة الاتفاقية.
ووقّع الاتفاق في 4 سبتمبر 1975 (28 أيلول 5735 بالتقويم العبري) في جنيف، من قبل الممثلين الإسرائيليين اللواء هرتزل شافير ومردخاي غازيت، والمصريين اللواء طه علي مجدود والسفير المصري في جنيف، ثم وقّعه رسميًا في اليوم نفسه رئيس الوزراء إسحاق رابين في القدس، والرئيس المصري أنور السادات في القاهرة. وكان الانسحاب الإسرائيلي بالغ الأهمية، إذ شمل شريطًا بعرض 30–40 كيلومترًا شرق خط فصل القوات، تضمّن معبري مُثلة وجدي، وتقدم المصريون إلى الخط الإسرائيلي السابق على بُعد نحو 10 كيلومترات شرقًا، وأصبحت المنطقة التي انسحبت منها إسرائيل منطقة عازلة تحت إشراف قوات الأمم المتحدة. كما انسحبت إسرائيل من شريط طويل على طول خليج السويس، شمل معظم حقول النفط في سيناء، بما فيها أبو رودس، وأصبح هذا الشريط منطقة مدنية مصرية منزوعة السلاح، مع ترتيبات للاستخدام المشترك للطريق الموازي للخليج، واستمرار تشغيل محطة الإنذار الإسرائيلية في أم القيم تحت إشراف الأمم المتحدة، إلى جانب محطة مصرية موازية قريبة.
وأدى تسليم حقول أبو رودس إلى إخلاء مستوطنة 'شلهيبت'، وهي المرة الأولى التي تُفكك فيها مستوطنة إسرائيلية كجزء من اتفاق دبلوماسي. وكانت المستوطنة قد أُنشئت عام 1971 في جنوب غرب سيناء على ساحل خليج السويس، وكانت إحدى مستوطنات منطقة سليمان خلال فترة السيطرة الإسرائيلية، ويعمل سكانها في حقول النفط المجاورة، وكانت أقصى مستوطنة غربية أنشأتها إسرائيل على الإطلاق. وفي الواقع، كانت المستوطنة مهجورة منذ حرب أكتوبر (يوم الغفران) عام 1973، ولم يُعاد سكانها إليها بعد الحرب.
وتساءلت القناة السابعة، المحسوبة على اليمين المتشدد: 'من يتذكر اليوم وجود مستوطنة تُدعى شلهيبت؟ من يتذكر أن أول رئيسَي وزراء أخليا مستوطنة إسرائيلية كانا جولدا مائير وإسحاق رابين — الأول عمليًا والثاني قانونيًا — وليس مناحيم بيغن؟ وأن أول مستوطنة أُخليت في سيناء لم تكن في منطقتي ياميت أو عوفيرا إطلاقًا؟'. وأشارت إلى أن اليمين السياسي حارب الاتفاق بكل قوته، لا سيما في مظاهرات عاصفة قادتها حركة الاستيطان الناشئة 'غوش إمونيم'، التي تأسست قبل عام واحد فقط، وكان الدافع الأساسي للمظاهرات هو الانسحاب الإضافي من سيناء — من أراضٍ احتُلت في حرب الأيام الستة عام 1967 — وتسليم حقول النفط التي كانت تمنح إسرائيل استقلالًا شبه كامل في مجال الطاقة، ولم يُذكر اسم مستوطنة شلهيبت في أي من تلك المظاهرات.
وأضافت القناة أنه، بالنظر إلى ذكرى الاتفاقية، حققت إسرائيل إنجازات سياسية مهمة — ليس في الاتفاق الموقع مع المصريين، بل في التفاهمات السرية مع الأمريكيين. ففي الأول من سبتمبر 1975، وقّع كيسنجر ووزير الخارجية الإسرائيلي إيغال ألون اتفاقية أمنية-اقتصادية سرية مع حكومة رابين، عززت الدعم الأمريكي بشكل كبير، بما في ذلك الاستعداد لبيع طائرات إف-16 التي وصلت لاحقًا، وصواريخ بيرشينغ أرض-أرض بعيدة المدى التي منعت وزارة الدفاع الأمريكية بيعها، ولم تتلقها إسرائيل في النهاية. كما تعهدت الولايات المتحدة بأن أي مفاوضات مع الأردن يجب أن تنتهي باتفاقية سلام شاملة، مما ألغى من جدول الأعمال أي احتمال لانسحابات مؤقتة مماثلة من الضفة الغربية.
وتضمن الاتفاق أيضًا ملحقًا للتفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة، كان بالغ الأهمية: تعهّدت واشنطن بعدم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية أو التفاوض معها، إلا إذا اعترفت بحق إسرائيل في الوجود وقبلت قرار مجلس الأمن رقم 242. وأشارت القناة إلى أن هذا البند أُلغي عمليًا عندما اعترف إسحاق رابين، في ولايته الثانية كرئيس للوزراء، بمنظمة التحرير وصافح ياسر عرفات في البيت الأبيض، ومنذ ذلك الحين، أصبح كل شيء في طي النسيان.
وحاول اليسار لاحقًا، كما فعل رابين في كتابه 'سجل الخدمة' (ص 493)، الادعاء بأن الاتفاق المؤقت هو ما مهّد لزيارة السادات إلى إسرائيل بعد عامين، ثم توقيع معاهدة السلام بعد عام ونصف. وهذا صحيح — لكن بالعكس، كما ترى القناة: فقد أقنعت المفاوضات الشاقة حول الاتفاق المؤقت السادات أخيرًا بأنه حتى بعد حرب أكتوبر، لم يكن لديه أي فرصة لتحقيق انسحاب إسرائيلي كبير دون اتفاقية سلام، وأنه إذا أراد استعادة شبه جزيرة سيناء، فعليه أن يمنح إسرائيل جميع عناصر السلام التي تطالب بها: المفاوضات المباشرة، والعلاقات الدبلوماسية، وتبادل السفراء، والحدود المفتوحة، وغيرها. وبعد كل هذا، توصل إلى اتفاق حصل بموجبه على سيناء بأكملها.
المصدر: القناة السابعة الإسرائيلية