اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١٦ كانون الأول ٢٠٢٥
بعد أكثر من ثلاثة قرون من الغموض والأساطير، بدأت أسرار واحدة من أشهر السفن الغارقة في تاريخ الملاحة العالمية في الظهور، مع نجاح علماء كولومبيين في استعادة أولى القطع الأثرية من حطام السفينة الإسبانية الأسطورية «سان خوسيه»، التي تُوصف بـ«الكأس المقدسة لحطام السفن» لما تحمله من كنوز تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
تعود سفينة «سان خوسيه» إلى البحرية الإسبانية، وقد غرقت عام 1708 قبالة سواحل مدينة قرطاجنة الكولومبية، خلال حرب الخلافة الإسبانية، بعد تعرضها لهجوم مفاجئ من الأسطول البريطاني.
وتشير الروايات التاريخية إلى أن انفجار في مخزن البارود قد يكون السبب المباشر لغرق السفينة، رغم أن هذه الفرضية لم تحسم علميا حتى اليوم.
كانت «سان خوسيه» في طريقها إلى أوروبا محملة بثروات هائلة جُمعت من المستعمرات الإسبانية في أميركا اللاتينية، تشمل ملايين العملات الذهبية والفضية، إضافة إلى الزمرد وبضائع ثمينة أخرى.
وتتباين التقديرات حول القيمة الإجمالية لهذه الكنوز، إذ تشير بعض المصادر إلى أنها قد تصل إلى نحو 17 مليار دولار، بينما يرى باحثون أن الرقم مبالغ فيه، وإن أجمعوا على أن السفينة تحمل ثروة استثنائية.
يرقد حطام السفينة على عمق يقارب 600 متر تحت سطح البحر الكاريبي، في موقع يخضع لإجراءات أمنية مشددة وتكتم رسمي، نظرًا لحساسيته التاريخية والقانونية.
وقد جرى تحديد الموقع الدقيق للحطام عام 2015، وهو اكتشاف أشعل لاحقًا نزاعات قانونية ودبلوماسية حول ملكية الكنز الغارق.
ضمن المرحلة الأولى من مشروع بحثي كولومبي يحمل اسم «نحو قلب سان خوسيه»، استعان العلماء بغواصات تعمل عن بُعد للوصول إلى الحطام.
وأسفرت العمليات عن استعادة أولى القطع الأثرية، من بينها مدفع ضخم، وكوب خزفي مزخرف، وثلاث عملات ذهبية من نوع «ماكوكويناس» كانت متداولة في أمريكا الإسبانية خلال الحقبة الاستعمارية.
وأكدت الحكومة الكولومبية أن هدف البعثات الحالية لا يتمثل في استخراج الكنوز أو الاتجار بها، بل في إجراء دراسة علمية دقيقة لفهم ظروف غرق السفينة، وتحليل القطع المكتشفة باستخدام تقنيات متطورة للكشف عن طرق تصنيعها وتاريخها ودلالاتها الاقتصادية.
من جانبه، شدد وزير الثقافة الكولومبي، ياناي كداماني فونرودونا، على أن هذا الاكتشاف يعكس تطور القدرات التقنية والعلمية للبلاد في حماية التراث الثقافي الغارق، مؤكدًا أن «سان خوسيه» ليست مجرد كنز مادي، بل جزء من الذاكرة التاريخية والهوية الوطنية.
ومع استمرار أعمال البحث والدراسة، يترقب العالم ما ستكشفه الأعماق خلال الأشهر المقبلة، وسط توقعات بخروج مزيد من القطع التي قد تعيد كتابة فصل مهم من تاريخ الاستعمار والحروب البحرية، وتؤكد أن كنز «سان خوسيه» ما زال يحتفظ بالكثير من أسراره تحت الماء.


































