اخبار مصر
موقع كل يوم -سي ان ان عربي
نشر بتاريخ: ٢٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قبل نحو ستة عقود، بدأت تجربة غير تقليدية في سوق الحُليّ العربي، لم تنطلق من صالات العرض الفاخرة إنما من ورش عمل خان الخليلي في العاصمة المصرية القاهرة، وذلك حين اختارت عزّة فهمي نقل الزخارف التاريخية والرموز الثقافية من الكتب والمتاحف إلى قطع مجوهرات قابلة للارتداء بلغة معاصرة.
مع انتقال دار المجوهرات إلى الجيل الثاني، لعبت ابنتاها دورًا بارزًا، حيث تحوّل المشروع مع فاطمة وأمينة غالي من تجربة محلية إلى علامة مشهورة على نطاق دولي.
تكشف أمينة وهي رئيسة قسم التصميم في دار المجوهرات، في مقابلة مع موقع CNN بالعربية، عن رؤيتها في إدارة الإرث الذي تركته والدتها، ومسؤوليتها في قيادة مستقبل الهوية البصرية للدار، في ظل معادلة دقيقة تجمع بين الحفاظ على الجذور وتقديم لغة تصميم معاصرة.
تقول أمينة إن العلاقة بين التراث والتجديد لم تكن يومًا مواجهة بين قديم وجديد، بل عملية مستمرة قائمة على الحوار. وتوضّح أن نشأتها داخل ورشة والدتها جعلتها تعتبر الهوية الثقافية نقطة انطلاق طبيعية لأي تصميم، لا عبئًا يجب التحرر منه، فبالنسبة لها، كل جيل يضيف بصمته الخاصة إلى القصة، من دون محاولة محو ما سبق.
وتشرح أن منهج دار المجوهرات في التصميم لا يبدأ برسمة، بل بحكاية، إذ أن كل مجموعة تنطلق من بحث معمّق في الشعر، أو العمارة، أو الزخارف الإسلامية، أو حتى القصص الشعبية، حيث لا يتمثل الهدف باستنساخ الماضي برأيها، بل في إعادة تفسيره بصياغة معاصرة تسمح للقطعة بأن تكون ذات معنى وسهلة الارتداء في الوقت ذاته.
عند الحديث عن أكثر ما تعلّمته من والدتها، لا تتوقف عند التقنيات، بل تشير إلى طريقة نظرتها إلى العالم، مثل شكل القوس في العمارة، وخطوط الأبواب القديمة، وزخرفة السجاد، وحتى ملامس الطبيعة. هذه التفاصيل تتحول لاحقًا، في عملية التصميم، إلى خطوط معدنية، وأحجار، وأحجام مدروسة.
رغم تطور التقنيات عالميًا، لا تزال الحرفة اليدوية في صلب هوية دار المجوهرات. وتُوضح أمينة أن فكرة التطوير لا تعني التخلي عن الأساليب التقليدية، بل إثراءها. لذلك تعمل الورش التابعة لدار المجوهرات على تدريب الحرفيين بشكل مستمر، واعتماد تقنيات حديثة من دون فقدان البصمة الإنسانية التي تميّز كل قطعة يدوية عن الإنتاج الصناعي البحت.
في تصاميمها الخاصة، تميل أمينة إلى المزج بين الفن والهندسة، وهو ما يظهر بشكل واضح في مجموعات مستوحاة من العمارة المملوكية، حيث تتحول الأقواس والأنماط الهندسية إلى عناصر معدنية دقيقة.
حاليًا، تركّز بشكل أساسي على تطوير مجموعة من المجوهرات الراقية، حيث تبدأ عملية التصميم من اختيار الحجر ذاته. فاختيار الأحجار الاستثنائية، بحسب تعبيرها، يفرض على المصمّم احترام طبيعتها بدلًا من فرض شكل محدّد عليها.
وتقول أمينة إنه من بين اللحظات المؤثرة، ظهور النجمة الأمريكية ليدي غاغا وهي ترتدي طوق Lotus Pectoral، بالإضافة إلى اختيار العارضة العالمية فلسطينية الأصل بيلا حديد بعض قطع المجوهرات الراقية. كذلك، وضعت الممثلة الأمريكية كيت هدسون أقراطًا من مجموعة 'Tales of the Nile' مرصعة بالزمرد، ما اعتبرته أمينة لحظة عبور واضحة للحكاية الثقافية إلى جمهور جديد.
مع ذلك، ترى أمينة أن القيمة الحقيقية لهذه اللحظات لا تكمن في الشهرة بحد ذاتها، بل في أن تختار شخصية عالمية قطعة لأنها تشعر بارتباط بالقصة التي تحملها.
أما فيما يتعلق بالشخصيات التي تتمنى العمل معها مستقبلًا، فتشير أمينة إلى أسماء مثل آن هاثاواي، وزندايا، وكيت بلانشيت، معتبرة أن ما يجمعهن هو الحضور القوي، والأناقة، والقدرة على التعبير من خلال الأسلوب الشخصي.
وترى على مستوى الاتجاهات، أن المجوهرات لا تخضع لمفهوم 'المواسم' بالمعنى التقليدي، لافتة إلى تنامي الميل نحو القطع الجريئة وتكديس المجوهرات، بالإضافة إلى صعود الألوان الباستيلية.
أما في ما يتعلق بتنسيق المجوهرات الجريئة، تؤكد أمينة أن المسألة لا تتعلق بالقواعد بقدر ما تتعلق بالعلاقة الشخصية مع القطعة. فالقطع الأقوى، برأيها، هي تلك التي يشعر بها الشخص على أنها امتداد له.
وتختم قائلة: 'رؤيتي تتجسد بالاستمرار في توسيع حضورنا العالمي مع الحفاظ على أصالة وروح الدار. أريد أن تصل قصصنا إلى جمهور جديد، وأن تبقى حرفيتنا في صميم كل ما نقوم به'.


































