د.شيرين نصار تكشف أبرز التحديات التي تواجه سلاسل التوريد وفرص النمو

كشفت د.شيرين نصار المدير العالمي للدراسات اللوجستية ومدير ماجستير اللوجستيات وإدارة سلسلة التوريد في جامعة هيريوت وات دبي عن أبرز التحديات التي تواجه سلاسل التوريد وفرص النمو، خلال حوار خاص كان هذا نصه:

ما هى فرص نمو قطاع سلاسل التوريد؟ هل كانت هناك تحسينات ، خاصة بعد أن تم رفع معظم القيود المتعلقة بالوباء؟

هناك بالتأكيد أسباب تدعو للتفاؤل بشأن مستقبل سلاسل التوريد وبالتالى هناك فرص عديدة للقطاع. من المتوقع أن تصل قيمة قطاع الخدمات اللوجستية في منطقة الشرق الأوسط إلى 66.3 مليار دولار بحلول عام 2022. ومن المتوقع أن ينمو سوق الخدمات اللوجستية في الإمارات العربية المتحدة بمقدار 11.87 مليار دولار خلال الفترة 2022-2026 بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6.84٪ خلال الفترة المتوقعة. ومن المتوقع ايضا أن يصل حجم سوق أنظمة أتمتة المستودعات في المنطقة إلى 1.6 مليار دولار عام 2025 بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 17.5%..

مع الأزمات الكبرى الأخيرة ، اكتسبت سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية اهتمامًا عالميًا وكان دورها وأهميتها في الاقتصاد العالمي موضع تقدير كبير. كان الوباء بمثابة دعوة لإعادة التفكير في الطريقة التي تدار بها سلاسل التوريد والتي كشفت عن بعض نقاط الضعف. نتيجة لذلك ، تم التحول و تركيز الانتباه الي المرونة كمفتاح لإستمرارية الأعمال والنجاح. كما ان أحد أهم أسباب التفاؤل هو التطور التكنولوجي الذى يساهم فى نمو ودعم مرونة سلسلة التوريد. نحن نشهد تحسينات غير مسبوقة في التكنولوجيا ، وهذا سيساعد بالتأكيد في تحسين كفاءة ادارة سلاسل التوريد بشكل عام وخلال الازمات بشكل خاص وتخفيف الأزمات والاستجابة للتحديات الأخرى.

التحول التكنولوجي سيستمر علي المدي البعيد و سيظل عاملا مؤثرا في تخفيف الاضرار الناجمة عن الجائحة وغيرها من الأزمات. بالإضافة إلى ذلك ، شهدت الأسباب الأساسية لاضطراب سلاسل التوريد ، بما في ذلك عمليات الإغلاق والتباعد الاجتماعي ، والتي تم الحد منها بشكل كبيرمؤخرا مما أدى الى الحد من مشاكل نقص العمالة واستحداث نماذج عمل أكثر مرونة و كفاءة. في الختام يمكن التاكيد أنه مع التحول التكنولوجي والتوسع في نظم الاتمتة و وصقل المهارات والاعتماد علي بناء سيناريوهات وخطط مدروسة لادارة الازمات علي المدي القريب والبعيد مع الاستفادة من دروس ازمات سلاسل التوريد أرىأن مديرى سلاسل التوريد والشركات أصبحوا أكثر مرونة وأكثر استعدادًا لمواجهة التحديات المستقبلية.

ما هي الضغوطات الرئيسية التى تواجه سلاسل التوريد العالمية في الوقت الراهن؟

هناك مصادر مختلفة للمخاطر التى تسبب فى الضغط على سلاسل التوريد العالمية كما تسبب حالة من عدم التأكد التي أصبحت المعيار الجديد للنظام البيئى للأعمال. لم يتم التعافي بالكامل من توابع جائحة كوفيد 19الذي كانت لها تأثير مضاعف عالميًا وهذا التعافى مقيد بمزيد من الاضطرابات العالمية. توقع الخبراء أن الاضطرابات المتعلقة بالعمليات التشغيلية والتى تشمل عدم توازن العرض والطلب ونقص العمالة وسفن الشحن واختناقات الشحن البحري مستمرة على المدى القصير.

ويمكن أن يتفاقم هذا أيضًا بسبب العوامل المحلية في مختلف البلدان. بالإضافة إلى ذلك ، أثرت الأزمات الطبيعية مثل الظواهر الجوية الغير معتادة نتيجة للاضطرابات الجوية على المناطق الصناعية الرئيسية بما في ذلك موجة الحر غير المسبوقة في غرب الولايات المتحدة وكندا والفيضانات المدمرة في أوروبا الغربية. أضافت تلك الأحداث مزيدًا من الضغوطات على شبكة الخدمات اللوجستية والموانئ التي تعاني من الأساس من ارتفاع الطلب. من ناحية أخرى ، أدت الحرب الأوكرانية باعتبارها واحدة من الازمات الانسانية ذات التاثيرات العالمية السلبية علي كثير من دول العالم، الى إيقاف الإنتاج في المناطق المتضررة ، وبالتالى تسببت فى زيادة كبيرة في أسعار الطاقة ، الأمر الذي أثر على قطاعات الطاقة والصناعات الثقيلة ، وأخيراً تحول مسارات الملاحة البحرية والجوية.

من بين أكبر التحديات الأخرى التي تؤثر على سلاسل التوريد هى المخاطر السياسية ذات الصلة بمناطق جغرافية معينة والتجارية والتضخم. بالإضافة إلى ذلك ، فإن محاولة مواكبة الطلب الاستهلاكي المتزايد مع تقليل التكاليف هو تحدى كبير أمام الشركات بصفة مستمرة. يوضح تقرير التخطيط اللوجستي وسلسلة التوريد بالتجزئة لعام 2021 أن تقليل التكاليف اللوجستية يُعد هدف رئيسي للأعمال لمعظم تجار التجزئة. لقد سلطت جائحة كورونا الضوء على الحاجة إلى وجود خطة لوجستية في حالة الطوارئ العالمية وبالرغم من اعطاء القاءمين علي سلاسل توريد التجزءة الاولوية لذلك فانهم يركزون ايضا علي تطوير ودعم متطلبات الخدمات والمستودعات الآلية ومشاكل البنية التحتية كأحد الركائز الأساسية والرئيسية للتخطيط اللوجستي .

وفقًا لـ تقرير'ستاندرد آند بورز غلوبال رايتنغز'سيمتد الإضطراب المرتبط بالعرض لأكثر من نصف جميع القطاعات حتى نهاية عام 2022قد تم تأكيد ذلك أيضا من خلال نتيجة نتيجة الاستطلاع الأخير الذي أجرته صحيفة وول ستريت جورنال والذي أظهر أن 45٪ من الاقتصاديين يقترحون أنه سوف يحدث تحسن ولكن ليس قبل النصف الثاني من عام 2022.

ما هي الضغوطات المحتملة التي يمكن تواجهها سلاسل التوريد العالمية على المدى البعيد؟

من الصعب الفصل بين التحديات الحالية والتحديات المتوقعة ، حيث إنها مترابطة بشكل وثيق وتمثل امتدادًا لبعضها البعض. ومع ذلك ، إذا نظرنا الى الموضوع من زوايا طويلة الأجل واستراتيجية تركز على مصادر المخاطر المعروفة والتي يمكن التحكم فيها ، فيمكننا تحديد عدد من الضغوطات والتى يمكن ان تكون لها تداعيات كبيرة إذا لم تكن الخطط الموضوعة للحد والتخفيف من مخاطرها في مكانها الصحيح وتُطبق بطريقة صحيحة.

تشمل أحدالضغوطات المتوقعة - الشركات التي تحاول تحقيق أهداف الاستدامة ، ليس فقط من المديرين التنفيذيين على مستوى مجلس الإدارة ولكن أيضًا على مستوى العملاء والمستثمرين. لم تعد جهود الاستدامة تطوعية وهذا بسبب التحديات المستمرة المتزايد على تحقيق اهداف الاستدامة الدولية. وعلى الرغم من أن العديد من الشركات لديها الاستدامة كجزء من رؤيتها وكأحد أهداف أعمالها ، إلا أن هناك فجوة في التنفيذ الفعلي. تم تأكيد ذلك من خلال دراسة استقصائية أجرتها 'أكسفورد إكونوميكس' والتي أظهرت أن 88 في المائة من صانعي القرار في قطاع سلاسل التوريد العالمية قد وضعوا الاستدامة كجزء من المهمة الاستراتيجية لشركاتهم او انهم بصدد فعل ذلك. اما فيما يتعلق بالتنفيذ الفعلي لتلك المهمة الاستراتيجية فان 52% فقط منهم قد قاموا بتطوير إجراءات وخطط فعلية للحد من التأثير السلبى على البيئة.

في الواقع ، وجدت الأبحاث التي أجراها كل من Celonis و IBM أن أكثر من نصف كبار مسؤولي سلاسل التوريد (CSCOs) سيكونون على استعداد للتضحية بما يصل إلى 5٪ من الأرباح ليصبحوا أكثر استدامة. إذا تم تطبيق ذلك، فسوف تستمر عمليات نقل البضائع وعمليات سلاسل التوريد في التغيير مع اعتماد ممارسات أكثر استدامة. هناك تحديات أخرى محتملة تتعلق بإدخال قوانين ولوائح عالمية جديدة للتحكم في الممارسات اللوجيستية وسلاسل التوريد والتى تتضمن تحمل عقوبات عالية فى حين عدم الإمتثال أو عدم تطبيق القوانين.

بالإضافة إلى ذلك ، ومع زيادة الاعتماد على التقنيات الرقمية ، يجب على مديري سلاسل التوريد التصدى ومعالجة مخاطر الجرائم الإلكترونية. وفقًا لتقرير صادر عن nccgroup في عام 2021 زادت الهجمات الإلكترونية بنسبة 51٪.

أخيرًا ، يعد عدم استقرار المياه في جميع أنحاء العالم تهديدًا محتملاً ناتجًا عن تغير المناخ.

الماء عنصر رئيسي في معظم الصناعات الإنتاجية. تشكل الأزمة المائية تهديد متزايد بسبب التوسع الحضري والصناعي المتسارع، والنمو السكاني وازدياد الظواهر الجوية المتطرفة بما في ذلك الفيضانات والجفاف. شهدت الممرات المائية الرئيسية مثل نهر الراين في أوروبا ونهر بنما في أمريكا الجنوبية مستويات مياه منخفضة بشكل كبير مما يؤثر على نقل البضائع والمواد ويمكن أن يتسبب في ارتفاع الأسعار ويهدد كثير من الصناعات التى تعتمد على الانتاج.

كيف يمكن للحكومات المساعدة في تخفيف بعض هذه الضغوطات؟

عادة ما تأتي الاستجابة الأولى للأزمات الكبرى من الحكومات. والتغيير السريع والاضطرابات المستمرة من تلك الحكومات تعزيز جاهزيتها واستجابتها ليس فقط أثناء الأزمة ولكن أيضًا في أثناء عملية التعافي. تحقيقا لهذه الغاية ، يجب تعزيز التعاون المستمر بين الحكومات وجميع أصحاب المصلحة بما في ذلك الشركات.

لقد سلط وباء كورونا الضوء على أهمية التعاون بين الشركات والحكومات. لقد لمسنا هذه الأهمية بشكل خاص فى مرحلة تطوير وتوزيع لقاحات كورونا والتى تمت بطريقة سلسة ومرنة فى مناطق كثيرة. يمكن أن يساعد تحسين كفاءة سلاسل التوريد عبر الحدود بشكل كبير في تحقيق الأداء السلس للتجارة العالمية.كما يجب على الحكومات أيضًا إعطاء الأولوية للتعامل مع نقص العمالة ، وهي مشكلة رئيسية تواجه معظم الشركات والمسؤولين عن سلاسل التوريد. كان نقص العمالة يمثل تحديًا بشكل خاص ولم يتعافى إلى مستويات ما قبل الجائحة إلى جانب الأزمات الاقتصادية وزيادة التكاليف والتحديات اللوجستية الأخرى. علاوة على ذلك ، فإن التحول الرقمى وضمان تدفق المعلومات بشكل مستمر بين الشركات والحكومات سيجعل التجارة عبر الحدود سلسة وأكثر أمانًا للشركات. سيؤدي أيضًا الى قصر وقت التسليم ومن ثم سرعة العمليات، وهو أمر مهم جدًا لمديري سلاسل التوريد ، مع مراعاة الطبيعة التنافسية للسوق. أخيرًا ، يتيح الحوار المستمر بين الحكومات والشركات وأصحاب المصلحة الآخرين فهمًا أفضل لتحديات القطاع والدعم اللازم لمواجهتها.

كيف يمكن للشركات المساعدة في الحد من بعض هذه الضغوط؟

إن المخاطر الحالية والمحتملة في سلاسل التوريد وعدم اليقين من اهم الاسباب للانتقال الحتمي من نموذج الأعمال التقليدى إلى نموذج الأعمال المرن والذى يتمتع بجاهزية فى مواجهة الازمات. ومن المهم أن يركز مسؤولوسلاسل التوريد على ما يمكنهم التحكم فيه والتخطيط لمواجهة الاحداث غير المتوقعة من خلال الاعتماد علي بناء سيناريوهات للمستقبل تزيد من الجاهزية و سرعة الاستجابة فيما يتعلق بنقص العمالة والذي يمثل تحديا العمالة يمثل تحديًا كبيرًا ، فيمكن مواجهته بشكل كبير من خلال الحفاظ على القوة العاملة الحالية صحية ومنتجة ، وإعطاء الأولوية لطرق العمل المرنة.

بالإضافة إلى ذلك ، هناك حاجة لدعم البياتات و تحسين الاستفادة منها لتحسين ادارة المخزون والإمداد والتمويل لتنظيم العمل بشكل أكثر كفاءة وتمكين المديرين من التصرف عند الحاجة لتجنب الأزمات. من المهم أيضًا لمديرى سلاسل التوريد إعادة توظيف الأصول والمخزون لموازنة العرض والطلب. ليس هناك شك في أن المرونة هي أحد الركائز الرئيسية للنجاح في السوق اليوم. هذا مهم بشكل خاص عند تلبية طلبات العملاء ذات الخصائص المختلفة والفردية. أخيرًا ، من المهم للشركات تفعيل نماذج المحاكاة والتخطيط الجيد للسيناريوهات المختلفة للتنبؤ بالفائض والنقص المحتمل حدوثهما.وتعد الاستفادة من التكنولوجيا أمرًا ضروريًا في هذا الصدد لاستخدام استشعار الطلب والحصول على رؤى قابلة للتنفيذ وبالتالى تحسين الأداء.

التحول التكنولوجي سيستمر علي المدي البعيد و سيظل عاملا مؤثرا في تخفيف الاضرار الناجمة عن الجاءحة و غيرها من الازمات. بالإضافة إلى ذلك ، شهدت الأسباب الأساسية لاضطراب سلاسل التوريد ، بما في ذلك عمليات الإغلاق والتباعد الاجتماعي ، والتي تم الحد منها بشكل كبيرمؤخرا مما أدى الى الحد من مشاكل نقص العمالة واستحداث نماذج عمل اكثر مرونة و كفاءة. في الختام يمكن التاكيد انه مع التحول التكنولوجي و التوسع في نظم الاتمتة و وصقل المهارات والاعتماد علي بناء سيناريوهات وخطط مدروسة لادارة الازمات علي المدي القريب والبعيد مع الاستفادة من دروس ازمات سلاسل التوريد اري ان مديري أن مديرى سلاسل التوريد والشركات أصبحوا أكثر مرونة وأكثر استعدادًا لمواجهة التحديات المستقبلية.