اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في خضم التحركات الدولية لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، برز موقف الإمارات كعلامة استفهام لافتة، بعد أن أعلنت رسميًا أنها لن تشارك في 'قوة الاستقرار' الدولية المقترحة للإشراف على الترتيبات الأمنية والإنسانية في القطاع بعد انتهاء الحرب.
المبادرة التي تنسقها الولايات المتحدة تأتي ضمن خطة السلام الإقليمية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتشمل دولًا مثل مصر وقطر وتركيا، والتي شاركت في الوساطة.
قراءة في الحسابات السياسية والرسائل الإقليمية
كان مستشار الرئاسة الإماراتية أنور قرقاش قد صرّح خلال منتدى 'نقاشات أبوظبي الاستراتيجية' أن بلاده 'لا ترى حتى الآن إطارًا واضحًا لقوة الاستقرار، وتحت هذه الظروف، من غير المرجح أن تشارك في مثل هذه القوة'.
كما رفضت إسرائيل مشاركة تركيا، وأعلن العاهل الأردني أن قوات بلاده لن تنضم. هذا الموقف يعكس تباينًا عربيًا وإقليميًا حول طبيعة القوة المقترحة، ومهامها، وحدود تدخلها، خاصة في ظل غياب تفويض واضح من الأمم المتحدة، واشتراط القانون الدولي الحصول على موافقة فلسطينية صريحة قبل نشر أي قوات أجنبية في الأراضي المحتلة، وفقا لموقع يونايتد برس انترناشونال الأمريكي 'يو بي آي'.
الإمارات تراقب ولا تتورط
الموقف الإماراتي لا يعكس فقط حذرًا استراتيجيًا، بل يشير إلى رغبة واضحة في تجنّب التورط في ساحة مشتعلة قد تتحول إلى مستنقع سياسي وأمني. تدرك أبوظبي أن غزة، في ظل هشاشة التهدئة وتعدد الفاعلين غير الحكوميين، تمثل بيئة غير مستقرة يصعب ضبطها عبر قوة دولية محدودة المهام. كما أن غياب إطار قانوني واضح، وعدم وجود إجماع فلسطيني على شكل هذه القوة، يزيد من تعقيد المشهد ويجعل المشاركة محفوفة بالمخاطر.
رسائل مزدوجة إلى واشنطن وتل أبيب
يحمل الرفض الإماراتي رسائل سياسية مزدوجة. فمن جهة، تؤكد أبوظبي أنها ليست أداة تنفيذ تلقائية للمبادرات الأميركية، خاصة تلك التي تفتقر إلى غطاء أممي أو توافق عربي.
ومن جهة أخرى، تسعى الإمارات إلى النأي بنفسها عن أي شبهة 'تطبيع أمني' مع إسرائيل في غزة، قد تُستغل داخليًا أو إقليميًا لتقويض صورتها كداعم للقضية الفلسطينية، رغم توقيعها اتفاقات أبراهام عام 2020.
يأتي هذا الموقف في وقت بالغ الحساسية، حيث تسعى إدارة ترامب إلى تسويق خطة متعددة المراحل لإنهاء الحرب في غزة، تبدأ بوقف إطلاق النار، وتنتقل إلى ترتيبات أمنية تشمل انسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا، وتشكيل قوة دولية للإشراف على الأمن.
وقد طُرحت أسماء عدة دول للمشاركة في هذه القوة، من بينها مصر وقطر والمغرب. لكن الرفض الإماراتي أضعف الزخم العربي للمبادرة، وفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى واقعية تشكيل قوة مستقرة دون غطاء عربي واسع.
داخليًا، تدرك القيادة الإماراتية أن أي تورط عسكري في غزة قد يثير حساسيات شعبية، ويضعها في مرمى الانتقادات، خاصة في ظل تصاعد الخطاب الإعلامي العربي الرافض لأي وجود غير فلسطيني في القطاع.
وخارجيًا، تسعى أبوظبي إلى الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها مع كل من مصر وإسرائيل وتركيا، دون أن تُستدرج إلى محاور متضادة أو ترتيبات أمنية غير محسوبة.
موقف مبدئي أم مناورة تكتيكية؟
يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمثل الرفض الإماراتي موقفًا مبدئيًا ثابتًا، أم أنه ورقة تفاوضية قابلة للتعديل؟ بعض المحللين يرون أن أبوظبي قد تعود إلى الطاولة بشروط مختلفة، إذا ما ضمنت دورًا سياسيًا واضحًا في ترتيبات ما بعد الحرب، أو إذا ما تم توسيع المظلة الدولية لتشمل الأمم المتحدة أو الجامعة العربية. كما أن بعض الدول العربية طالبت بمنح الشرطة الفلسطينية المدنية دورًا أكبر في إدارة القطاع، وهو ما قد يفتح بابًا لتفاهمات جديدة.
بحسب تصريحات نقلتها صحيفة 'الجارديان' البريطانية، شدد الباحث الفلسطيني الأمريكي جمال نصيبية، أحد المشاركين في صياغة خطة الهدنة الفلسطينية، على أن 'القوة الدولية يجب أن تُنشر ليس لتثبيت الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني، بل لإنهائه وفق القانون الدولي'.
وأضاف أن نجاح هذه القوة مرهون بدخولها كامل الأراضي المحتلة، بما فيها الضفة الغربية، وبطلب رسمي من دولة فلسطين، وضمن هدف واضح هو إنهاء الاحتلال في سياق دولة فلسطينية ذات سيادة.


































