اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٣٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
في مشهد سياسي بريطاني متخم بالشعارات المتكررة، أطلق رئيس الوزراء كير ستارمر عبارة جديدة خلال جلسات البرلمان أصبحت حديث الإعلام في لندن: 'هذا هو الفارق الذي تصنعه حكومة العمال!'. العبارة التي يفترض أن تكون شعارًا احتفاليًا بتحسن الأداء الحكومي، تحولت بسرعة إلى مادة للتندر والسخرية في الصحف البريطانية، من بينها مجلة ذا سبكتاتور التي وصفتها بأنها 'عبارة تسويقية أكثر منها سياسية'.
كان ستارمر قد استخدم الشعار الجديد مرارًا أثناء رده على أسئلة النواب في مجلس العموم، في محاولة لتأكيد أن حكومته تُحدث تحولًا إيجابيًا في البلاد. لكن وفق مراقبين بريطانيين، فإن الأثر العكسي كان أوضح، إذ اعتبر كثيرون أن الفارق الذي يتحدث عنه رئيس الوزراء لا ينعكس بالضرورة على حياة المواطنين، خاصة في ظل أزمة الاقتصاد البريطاني وتزايد الضغوط المعيشية.
الاقتصاد في صدارة الانتقادات
وأشارت مجلة ذا سبكتاتور إلى أن الانتقادات طالت أداء الحكومة في الملفات الاقتصادية على وجه الخصوص، بعد أن تجنّب ستارمر خلال جلسة الأسئلة البرلمانية تأكيد وعد سابق بعدم رفع الضرائب في الموازنة المقبلة. وفي المقابل، ركّزت المعارضة على أن الحكومة لم تقدّم بعد خطة واضحة للنمو أو للتخفيف عن الطبقة المتوسطة التي تواجه تضخمًا متزايدًا وتكاليف معيشة مرتفعة.
وتشير المجلة البريطانية إلى أن موقف ستارمر بدا مرتبكًا حين سُئل بشكل مباشر عن الضرائب، فاكتفى بتكرار عبارات عامة عن “الإنصاف والاستثمار في الخدمات العامة”، دون إجابة صريحة. وهو ما اعتبرته الصحافة البريطانية دلالة على تراجع الثقة داخل حزب العمال نفسه قبيل موسم الموازنة المرتقب.
أجواء برلمانية متوترة
ورغم محاولات الحكومة الظهور بمظهر موحد، فإن التوتر بين أجنحة حزب العمال بدا واضحًا تحت قبة البرلمان، خاصة بعد ظهور بعض القيادات السابقة إلى جانب نواب من الصف الأول ممن سبق أن انتقدوا إدارة ستارمر.
ولفتت المجلة إلى أن “المشهد يوحي بانقسام داخل الحزب الحاكم، أكثر مما يوحي بانسجام فريق يقود الدولة بثقة”، كما أشارت إلى أن النقاشات في البرلمان لم تخلُ من الحدة، خصوصًا حين اتجهت بعض الأسئلة إلى مقارنة أداء حكومة العمال الحالية بفترة المحافظين السابقة، وهي مقارنة لم تصبّ بالضرورة في مصلحة ستارمر، بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة.
خوف من تصاعد نفوذ حزب الإصلاح
التحليل الأوسع للمجلة ركّز على أن الحزب الحاكم بات يولي اهتمامًا متزايدًا بحزب الإصلاح (Reform UK)، الذي يواصل حصد التأييد الشعبي في استطلاعات الرأي، فقد تكرّر ذكر الحزب في أكثر من مناسبة خلال جلسة البرلمان الأخيرة، رغم أنه لم يُمنح أي أسئلة رسمية. ويرى مراقبون أن ذلك يعكس قلقًا متصاعدًا لدى حكومة العمال من تمدد التيار الشعبوي الذي يتبناه نايجل فاراج، والذي بدأ يقتطع من رصيد الحزبين الكبيرين في الشارع البريطاني.
وفي إحدى اللقطات التي لاقت اهتمامًا في الإعلام البريطاني، أشار ستارمر إلى أحد نواب حزب الإصلاح خلال حديثه عن الخدمات الصحية، مذكرًا بانتمائه الحزبي في سياق بدا دفاعيًا أكثر منه سياسيًا.
هذا التركيز المفرط على حزب الإصلاح، وفقًا للمجلة، يعكس “خوفًا حقيقيًا من أن يتحول الحزب الصاعد إلى منافس فعلي على أصوات الطبقة العاملة التي كانت يومًا العمود الفقري لحزب العمال”.
بين الشعار والواقع
وختمت المجلة تحليلها بنبرة ساخرة حين قالت إن عبارة ستارمر الجديدة قد تلاحقه أكثر مما تخدمه، إذ يرددها في الوقت الذي يواجه فيه الناخب البريطاني تضخمًا متزايدًا وفواتير طاقة مرتفعة ونظامًا صحيًا متعثرًا، فبينما يحاول رئيس الوزراء أن يقدّم حكومته بوصفها بديلًا فعالًا للمحافظين، لا تزال استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع شعبية العمال في بعض الدوائر الرئيسية، خاصة بعد الميزانية المقبلة التي قد تتضمن زيادات ضريبية غير مرحب بها.
ورغم محاولة ستارمر الإيحاء بأن 'الفارق' الذي يقدمه حزب العمال هو في 'المسؤولية والاستقرار'، إلا أن خصومه يرون أن الفارق الحقيقي هو في ارتفاع الأعباء وتراجع الثقة، وهو ما يجعل شعاره الجديد مادة جاهزة للرد عليه كلما واجه انتقادًا جديدًا.


































