كيف يمكن أن يدير ترامب دفة مباحثاته مع بن سلمان من أجل مستقبل غزة؟

سلط تقرير لمركز المجلس الأطلسي الضوء على زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، إذ تأتي في توقيت بالغ الأهمية، في ظل حالة التوتر وعدم الاستقرار التي تشهدها غزة والمنطقة المحيطة بها. فعلى الرغم من إعلان وقف إطلاق النار، فإن البنية السياسية والاقتصادية والإنسانية والأمنية اللازمة لضمان استمراريته لم تتشكل بعد، ما يخلق فراغًا خطيرًا يمكن أن يتحول سريعًا إلى فوضى تجعل غزة غير قابلة للإدارة.

وفي هذا السياق، تتاح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرصة استثنائية لتجنب انهيار جديد في غزة. لتحقيق ذلك، يحتاج إلى ضمان دعم مالي دولي للقطاع، يمكّن من استمرار الأنشطة الإنسانية والتحضيرية الحيوية، إلى جانب توحيد العمليات المدنية والعسكرية قبل أن تعيد حركة حماس فرض سيطرتها على الفراغ القائم.

ولفت التقرير إلى أنه إذا أُحسن استغلال هذه الزيارة، يمكن أن تمنح المناقشات فرصة حقيقية لتعزيز وقف إطلاق النار ووضع أسس لمرحلة ما بعد الحرب في غزة. وأحد أهم خطوات هذا المسار يتمثل في الإعلان عن صندوق لتثبيت الوضع في غزة، بدعم سعودي وإماراتي محتمل، ما سيرسل رسالة واضحة بأن وقف النار مرتبط بموارد حقيقية وبتحمل سياسي. التمويل السعودي يمكن أن يساهم في بناء خطة ترامب للسلام، بينما يشكل الدعم الإماراتي محركًا للتنفيذ، مع إشراف أمريكي لتوحيد القيادة العسكرية والمدنية على الأرض.

وتتضمن الخطة العسكرية إنشاء قوة دولية لتثبيت الوضع (ISF) تحت قيادة موحدة لضمان تنسيق فعال للعمليات الإنسانية والأمنية وإعادة الإعمار. وينبغي أن يشمل ذلك فتح ممرات آمنة، تأمين الحدود، إزالة الألغام، ومراقبة تنفيذ معايير نزع السلاح. كما يجب أن تشمل عمليات إعادة البناء المستشفيات والملاجئ، وتجهيز خطوط الإخلاء، ودعم الفئات الضعيفة بما في ذلك المسيحيون الراغبون في مغادرة غزة.

وأكد الخبراء أن أي غياب للقيادة الموحدة سيؤدي إلى فوضى، إذ تتعدد الخطط الدولية والمحلية دون وجود إطار متكامل، من بينها خطة السلطة الفلسطينية الجديدة ومبادرات من العواصم العربية. وينبغي أن تركز القيادة الأمريكية على توحيد الجهود، مع استمرار وجود فرق أمريكية وأوروبية موثوقة على الأرض، لضمان مرور المساعدات بأمان، والحفاظ على الثقة بوقف إطلاق النار.

كما يحث التقرير على توسيع نطاق المناطق الآمنة بشكل متوازن عبر القطاع وربطها بمؤشرات إزالة الأنفاق ومراقبة تنفيذ الالتزامات الأمنية، لتفادي خلق وهم بالاستقرار قد يؤدي إلى انهيار سريع. التعاون بين الرياض وأبوظبي وواشنطن يمثل فرصة نادرة لمواءمة القيادة السياسية والتمويل الدولي والدعم الميداني، وضمان نجاح خطة تثبيت الوضع في غزة قبل أن يملأ الفراغ الميليشيات والمصالح الخارجية.

ولفت التقرير إلى أن الوقت محدود، والفرصة لن تظل متاحة طويلًا، إذ أن عدم توفير الدعم الفوري والملموس لشعب غزة قد يؤدي إلى استغلال الفوضى من قبل جهات لا تتوافق مصالحها مع الولايات المتحدة أو إسرائيل أو الشركاء الإقليميين أو الفلسطينيين الساعين لمستقبل آمن. وبالتالي، فإن هذا الأسبوع يمثل لحظة حاسمة لتعزيز وقف إطلاق النار والتحرك نحو تنفيذ فعلي على الأرض، مع توحيد القيادة وتوفير التمويل الضروري.