اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٣ كانون الأول ٢٠٢٥
أثار اعتقال فيديريكا موجيريني، الممثلة العليا السابقة للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، صدمة واسعة داخل الأوساط الأوروبية، بعدما كشفت التحقيقات عن شبهات فساد وتربح مرتبطة ببرامج تدريب دبلوماسيين وتمويل أكاديمية أوروبية جديدة.
جاءت هذه التطورات في بروكسل، حيث نفذت السلطات البلجيكية مداهمات في مقار رسمية وأكاديمية، واحتجزت شخصيات بارزة من الجهاز الدبلوماسي الأوروبي، لتفتح الباب أمام أكبر فضيحة فساد تضرب مؤسسات الاتحاد منذ سنوات، وفقًا لمجلة ديرشبيجل الألمانية.
اتهامات تتعلق بالاحتيال في المشتريات
وأوضحت النيابة الأوروبية أن موجيريني واثنين من كبار المسؤولين يواجهون اتهامات تتعلق بالاحتيال في المشتريات، وتضارب المصالح، واستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة.
وأشارت التحقيقات إلى أن عقود إنشاء أكاديمية لتدريب الدبلوماسيين الأوروبيين تضمنت مخالفات مالية، حيث استفاد بعض المسؤولين من العمولات والصفقات بشكل غير قانوني.
هذه الاتهامات وضعت الاتحاد الأوروبي أمام اختبار صعب، خاصة أن موجيريني كانت تعد من أبرز الوجوه الدبلوماسية التي مثلت أوروبا في ملفات حساسة مثل الاتفاق النووي الإيراني والأزمات في الشرق الأوسط.
جاء اعتقال موجيريني في وقت يشهد فيه الاتحاد الأوروبي نقاشًا واسعًا حول الشفافية والمساءلة، خصوصًا بعد فضائح سابقة مثل قضية 'قطرجيت' التي هزت البرلمان الأوروبي.
ويرى مراقبون أن هذه القضية قد تؤدي إلى إعادة هيكلة داخلية في جهاز الخدمة الخارجية، وربما إلى فرض قيود جديدة على العقود والبرامج التدريبية الممولة من الاتحاد.
كما قد تؤثر على صورة الاتحاد عالميًا، إذ تُظهر أن الفساد يمكن أن يصل إلى أعلى المستويات الدبلوماسية، وهو ما يضعف الثقة في المؤسسات الأوروبية.
وأثارت القضية ردود فعل قوية داخل البرلمان الأوروبي، حيث دعا نواب إلى مراجعة شاملة لآليات الرقابة على التمويل، وطالبوا بإنشاء هيئة مستقلة لمتابعة العقود والبرامج التي تمولها المفوضية الأوروبية.
اعتبر بعض النواب أن ما حدث يمثل 'جرس إنذار' بضرورة تعزيز الشفافية، فيما رأى آخرون أن القضية قد تستخدم سياسيًا لتقويض الثقة في الاتحاد الأوروبي ككل.
ولم تقتصر التداعيات على الداخل الأوروبي، بل امتدت إلى الساحة الدولية، حيث تابعت وسائل الإعلام العالمية القضية باعتبارها مثالًا على هشاشة المؤسسات الأوروبية أمام الفساد.
أشارت تقارير إلى أن اعتقال شخصية بحجم موجيريني يضع الاتحاد أمام تحديات في الحفاظ على صورته كقوة دبلوماسية عالمية. فموجيريني كانت قد لعبت دورًا محوريًا في المفاوضات مع إيران حول الاتفاق النووي، كما مثلت الاتحاد في ملفات الشرق الأوسط وأفريقيا، ما يجعل سقوطها حدثًا ذا رمزية كبيرة.
وأوضحت التحقيقات أن القضية مرتبطة بتمويل أكاديمية أوروبية لتدريب الدبلوماسيين، حيث جرى التلاعب بالعقود والمناقصات لتحقيق مكاسب شخصية. ذكرت النيابة أن بعض العقود منحت لشركات مرتبطة بمسؤولين في المفوضية، وأن الأموال المخصصة للتدريب استخدمت في أغراض غير مشروعة.
هذه التفاصيل أثارت تساؤلات حول مدى فعالية الرقابة المالية داخل الاتحاد، وحول قدرة المؤسسات على منع تضارب المصالح بين المسؤولين والشركات الخاصة.
أشارت دير شبيجل إلى أن القضية قد تؤدي إلى تداعيات سياسية واسعة، إذ من المتوقع أن يواجه الاتحاد ضغوطًا من الرأي العام لتعزيز آليات المحاسبة.
كما قد تؤثر على ثقة المواطنين الأوروبيين في مؤسساتهم، خاصة أن الفساد لم يعد يقتصر على مستويات إدارية دنيا، بل وصل إلى قمة الجهاز الدبلوماسي.
هذا الوضع يضع الاتحاد أمام معضلة: إما أن يثبت قدرته على محاسبة كبار المسؤولين، أو أن يخاطر بفقدان الثقة داخليًا وخارجيًا.
من جانب آخر، يرى محللون أن القضية قد تستخدم من قبل القوى الشعبوية واليمينية في أوروبا لتقويض صورة الاتحاد، والتأكيد على أن مؤسساته تعاني من فساد هيكلي.
هذا الاستخدام السياسي قد يزيد من الانقسامات داخل الاتحاد، ويضعف قدرته على مواجهة التحديات الخارجية.
وكشفت قضية موجيريني أن الاتحاد الأوروبي يواجه تحديًا خطيرًا في الحفاظ على نزاهة مؤسساته، وأن الفساد لا يقتصر على الأطراف الهامشية بل قد يطال شخصيات بارزة في قلب السياسة الخارجية.


































