اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
أصدرت الرابطة الدولية للعلماء المتخصصين في توصيف حالات الإبادة الجماعية (IAGS)، وهي أكبر منظمة عالمية لعلماء دراسات الإبادة الجماعية، قرارًا يعلن أن أفعال إسرائيل في قطاع غزة تتوافق مع التعريف القانوني للإبادة الجماعية وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948.
ويأتي هذا القرار، الذي حظي بدعم 86% من الأعضاء المشاركين في التصويت (من إجمالي 28% من أصل 500 عضو شاركوا في التصويت)، كجزء من وثيقة مكونة من ثلاث صفحات تُفصل مجموعة من الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل منذ أكتوبر 2023، والتي تشمل هجمات متعمدة على المدنيين، والتجويع، وحرمان السكان من المساعدات الإنسانية، والعنف الجنسي، والتهجير القسري.
وقد أثار هذا الإعلان جدلًا واسعًا، حيث رفضت إسرائيل الاتهامات واعتبرتها 'مخزية' و'قائمة على أكاذيب حماس'، فيما رحبت حماس بالقرار كوثيقة قانونية تدعم اتهاماتها، وفقًا لشبكة 'إيه بي سي نيوز'.
تفاصيل القرار وأسسه القانونية
أوضحت الرابطة، التي يرأسها الأستاذة ميلاني أوبراين، أستاذة القانون الدولي بجامعة غرب أستراليا، أن أفعال إسرائيل تشمل 'تعذيبًا، احتجازًا تعسفيًا، عنفًا جنسيًا وإنجابيًا، هجمات متعمدة على العاملين في القطاع الطبي وأشخاص المساعدات الإنسانية والصحفيين، وحرمان متعمد من الغذاء والماء والدواء والكهرباء الضرورية لبقاء السكان'.
واستند القرار إلى تقارير الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية، مشيرًا إلى أن هذه الأفعال والممارسات تُظهر نية تدمير الشعب الفلسطيني كليًا أو جزئيًا، وهو ما يتماشى مع تعريف الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية 1948.
كما لاحظت الرابطة أن هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، التي أسفرت عن مقتل 1200 شخص وأسر 251 رهينة، تُشكل جرائم دولية، لكنها شددت على أن هذه الأفعال والممارسات لا تبرر ارتكاب إبادة جماعية ضد سكان غزة.
وقد دعا القرار إسرائيل إلى وقف جميع الأفعال والممارسات التي تُشكل إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، والامتثال للتدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية، مثل السماح بدخول الغذاء والماء والدواء بكميات كافية.
ردود الفعل الإسرائيلية وموقف حماس
ردت وزارة الخارجية الإسرائيلية على قرار الرابطة واصفة إياه بأنه 'إحراج للمهنة القانونية ولأي معيار أكاديمي'، متهمة الرابطة بعدم التحقق من المعلومات وتشويه موقف محكمة العدل الدولية.
وأضافت الوزارة أن القرار يُمثل سابقة تاريخية بتوجيه اتهامات لـ'ضحية الإبادة الجماعية'، مشيرة إلى هجوم حماس في أكتوبر 2023.
في المقابل، رحبت حماس بالقرار، حيث قال إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي في غزة، إن القرار 'يُشكل وثيقة قانونية جديدة تُضاف إلى التقارير والشهادات الدولية التي وثقت الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعبنا'.
كما دعا الثوابتة المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الجريمة وحماية المدنيين ومحاسبة قادة إسرائيل.
وقد أكدت ميلاني أوبراين أن ادعاء إسرائيل بالدفاع عن النفس 'لم يعد مقبولًا'، مشيرة إلى أن الدفاع عن النفس في القانون الدولي يجب أن يكون متناسبًا ومدفوعًا بالضرورة العسكرية، وهو ما لا تُظهره الأفعال والممارسات الإسرائيلية في غزة.
سياق الصراع وتداعياته الإنسانية
بدأت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم الأخيرة في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص وأسر حوالي 200 رهينة.
ومنذ ذلك الحين، أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى استشهاد 63،557 فلسطينيًا وإصابة 160،660 آخرين، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، التي أشارت إلى أن النساء والأطفال يُشكلون حوالي نصف القتلى.
كما أدت الحرب إلى تهجير معظم سكان القطاع، وتدمير حوالي 90% من البنية التحتية السكنية، مع تأكيد الأمم المتحدة على وجود مجاعة في أجزاء من غزة نتيجة الحصار الإسرائيلي.
وتشهد غزة حاليًا تصعيدًا جديدًا، حيث أعلنت إسرائيل مدينة غزة منطقة قتال، مع تقارير عن هجمات جوية ومدفعية مكثفة أسفرت عن مقتل 31 شخصًا يوم الإثنين، نصفهم تقريبًا من النساء والأطفال. وفي مخيم جباليا للاجئين، لاحظ السكان استخدام روبوتات متفجرة لهدم المباني، مما زاد من الدمار.
السياق القانوني الدولي وردود الفعل العالمية
يأتي قرار الرابطة في وقت تواجه فيه إسرائيل اتهامات مماثلة في محكمة العدل الدولية، حيث رفعت جنوب إفريقيا دعوى في ديسمبر 2023 تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
وقد أصدرت المحكمة أوامر مؤقتة تطالب إسرائيل باتخاذ خطوات لمنع الإبادة الجماعية وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.
كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ومع ذلك، أكدت الأمم المتحدة وبعض الدول الغربية أنها لن تعتبر الأفعال والممارسات إبادة جماعية إلا بحكم قضائي.
وقد انضمت منظمتان إسرائيليتان لحقوق الإنسان، بتسيلم وأطباء من أجل حقوق الإنسان-إسرائيل، إلى الأصوات التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية، مما يعكس تنامي الإجماع الأكاديمي والحقوقي حول هذه القضية.
الانتقادات والجدل حول عملية التصويت
أثارت عملية التصويت على القرار جدلًا داخل الرابطة، حيث اتهمت الباحثة سارة براون، عضو سابق في المجلس الاستشاري للرابطة، المنظمة بدفع القرار دون إجراء نقاش مفتوح، وهو ما يخالف الممارسات المعتادة.
وأكدت براون أن الرابطة وعدت بإقامة جلسة نقاش عامة (تاون هول) لمناقشة القرارات المثيرة للجدل، لكن الرئيسة أوبراين تراجعت عن هذا الوعد.
في المقابل، رفضت إميلي سامبل، مسؤولة الاتصالات في الرابطة، هذه الرواية، مشيرة إلى أن النقاشات العامة ليست مطلوبة بموجب النظام الداخلي، وأن المعلومات المتاحة كانت كافية للأعضاء لاتخاذ قرار مستنير.
ومع ذلك، يُظهر هذا الجدل انقسامًا داخل مجتمع الباحثين حول كيفية التعامل مع قضية حساسة مثل اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية.


































