اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
بينما تعلق الإدارة الأمريكية الآمال على توسيع مظلة التطبيع مع إسرائيل، تكشف جرائم القتل الجماعي في غزة وعمليات الطرد التي تشهدها الأراضي الفلسطينية عن مشروع استيطاني-استعماري واسع الطموح، لكنه ينهار في جوهره.
وذكر موقع ميدل إيست آي اللندني أن الحقيقة التاريخية هي أنه في حالة فلسطين: لا ينتهي الاستيطان الاستعماري أبدًا، إذ أنه مشروع مستمر يظل قائمًا إلى أن يُقوض أو يُسقط. وفي الأسبوع الماضي، قام مستوطنون يهود غير قانونيين بإحراق مسجد فلسطيني في مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية، وكتابة شعارات عنصرية على جدرانه. في نفس اليوم، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلية النار وقتلت طفلين فلسطينيين بالقرب من الخليل جنوب الضفة. بهذه الأفعال، يستمر المستوطنون وجيش الاحتلال الإسرائيلي في تقليد طويل من السياسات الصهيونية القائمة على الفصل العنصري وسرقة الأراضي، وهي أساس الصهيونية منذ بداية القرن العشرين.
وفي الوقت نفسه، كثّف المستوطنون اليهود هجماتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال موسم قطف الزيتون لهذا العام، متسببين في تدمير أشجار وحرق مستودعات ومهاجمة خيام البدو. منذ 7 أكتوبر 2023، قتل الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اليهود غير القانونيين أكثر من 1،070 فلسطينيًا في الضفة الغربية، وأصيب 10،700 آخرون، بينما تم اعتقال 20،500 شخص. هذه الحرب الإبادة لم تضعف إسرائيل فقط على المستوى الإنساني، بل أثبتت أيضًا أنها فشلت في القضاء على حركة حماس بعد عامين من الحرب المستمرة.
ووحدهم المستوطنون اليهود شنّوا 7،154 هجومًا ضد الفلسطينيين، فيما واصلت السلطات الإسرائيلية مصادرة الأراضي وطرد الفلسطينيين لإفساح المجال لمستوطنين جدد. خلال الأشهر الأخيرة، طردت إسرائيل 40،000 فلسطيني، وهدمت منازل وأحياء كاملة، بما في ذلك مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم، ودمرت حقولهم وحرقت محاصيلهم. الأسبوع الماضي، أصدرت سلطة أراضي إسرائيل أوامر إخلاء للفلسطينيين شمال القدس الشرقية، مطالبة السكان بمغادرة ممتلكاتهم خلال 20 يومًا، بما في ذلك 130 دونمًا (حوالي 32 فدانًا) قرب قرية قلنديا في الضفة، المقرر الاستيلاء عليها لمستوطن جديد. حتى الآن، فقد 40% من أراضي قلنديا بالفعل، بعدما أصبحت مفصولة عن باقي القرية بجدار الفصل العنصري الغربي، وفقدت فعليًا من أصحابها.
وفي حين يواصل الفلسطينيون في غزة مواجهة الإبادة الجماعية التي أسفرت عن أكثر من ربع مليون قتيل وجريح وملايين اللاجئين، يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية القمع المستمر والعنف اليومي من الجيش والمستوطنين، فضلًا عن السلطة الفلسطينية المتواطئة، جميعهم يساهمون في عمليات القتل والتطهير.
وتاريخيًا، لم تكن سياسات 'الاستيلاء على الأرض والعمل' الصهيونية الجديدة مفاجئة، فهي امتداد لممارسات منذ عشرات السنين. فقد بدأت عمليات مصادرة الأراضي وتفريغها من سكانها الفلسطينيين منذ عشرينيات القرن الماضي، في وقت تم فيه تنظيم حملات لمنع الفلسطينيين من العمل في المشاريع الزراعية والبناء وحتى الموانئ والسكك الحديدية، لصالح العمالة اليهودية فقط. هذه السياسات القائمة على الفصل العرقي والتمييز الاقتصادي، استمرت بشكل متصاعد خلال الانتداب البريطاني، وتُعد حجر الزاوية لفهم الاستيطان الإسرائيلي اليوم.
كما أن محاولات السيطرة على المسجد الأقصى وجدار البراق، التي بدأت في عشرينيات القرن الماضي، تجسدت لاحقًا في اقتحامات المستوطنين للمسجد بمساندة الشرطة الإسرائيلية، وتحوّل النشاط الاستيطاني إلى إرهاب ممنهج ضد الفلسطينيين في كل الأراضي المحتلة، بما في ذلك داخل إسرائيل نفسها، كما في قمع المواطنين الفلسطينيين في النقب وعمليات الطرد المستمرة.
على الرغم من كل هذه الجهود، لا يزال ملايين الفلسطينيين على قيد الحياة، ونصفهم يعيش على أراضيه، ما يُظهر أن مشروع الاستيطان الإسرائيلي لم ينجح في 'إنهاء المهمة' وأن الحرب الإبادة الأخيرة في غزة تركت إسرائيل أضعف سياسيًا واقتصاديًا ودبلوماسيًا وعسكريًا، وفشلت في تحقيق هدفها الأساسي بطرد الفلسطينيين من غزة خارج فلسطين. وفي الوقت ذاته، لا تزال مقاومة الفلسطينيين والصمود على الأرض تحديًا حقيقيًا لمخططات الاستيطان والتطبيع العربي معها.


































