«جاب الديب من ديله».. العم عليان في معركة شرسة مع ذئب الكلالسة فى زراعات القصب بالصعيد| صور

طاف المنادي بين شوارع ودروب قرية الكلالسة بمركز قوص، نادى بأعلى صوته 'لقد فعلها محمود عليان العيسابي وجاب الديب من يله' لقد قتل الذئب الذي روّع أهالي القرية، وقتل الطيور والحيوانات، ولم يمر وقت طويل حتى قام تصفحات الفيسبوك بمشاركة الصور التي توثق الواقعة.

العم محمود العيسابي وقف حاملا فأسه أمام ذلك الذئب المفترس، كانت الصورة كفيلة بأن يسأل الناس كيف فعلها أبو عليان، وتخلص من ذلك المتمرد الذي كان يقطع على الناس الطرق؟.

الأغرب أن التخلص كان من الحيوان المفترس عبر استخدام آلة حادة تتمثل في الفأس الحديدية بعد أن دخل معه في صراع باليد.

أما قرية الكلالسة فهي قرية تابعة لمركز قوص تكونت عام 1925م، وذكرها الجغرافي الكبير محمد رمزي في موشسوعته 'القاموس الجغرافي لللبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين حتى عام 1945م' أنها من القرى الحديثة، إلا إن أهلها يجمعون أن القرية قديمة.

بدوره يقول عبد الفتاح حسن العيسابي شيخ ناحية الكلالسة لــ'بوابة الأهرام' إن هناك أساطير وحكايات شعبية كثيرة ارتبطت بقرية الكلالسة التابعة لمركز قوص جنوب قنا، مؤكدًا على أن الشائع أنها بدأت من خلال بئر مياه حفرها الكلاسي من شيوخ القبائل العربية ومن هذه البئر تكونت الكلالسة، والتى كانت تتبع إداريًا لقرية المعري بقوص، وقد انفصلت عنها عشرينيات القرن الماضي لتكون قرية تتبعها عددا من النجوع.

كانت المعرى أيضا تتبع قرية شنهور، وقد انفصلت عنها إداريًا عام 1826م، لتكون قرية ذات وحدة إدارية ومعها الكلالسة قبل أن تصير الكلالسة المشهورة بالزراعات وخاصة قصب السكر كأغلب قرى الصعيد وحدة قروية خاصة عشرينيات القرن الماضي.

ويؤكد العيسابي، أن الذئب هو الذي بادر العم محمود عليان بالهجوم بينما كان يحمل فأسه متجها لزراعاته، وقد كان على محمود عليان الدخول معه في المواجهة أما قاتلا أو قتيلا، وقد انتصر العم محمود، وأخذ المصل من المستشفى بسبب إصابة الذئب له.

وتقول الحكايات الشعبية في الصعيد إن الذئب هو الكائن الوحيد الذي يتشبث بالجبال يوم النفخ في الصور للمحشر، حيث يقول لو أعرف أن هذه قوتي ما أبقيت بني آدم على وجه الأرض، ويقول ذلك قبل أن ينسلخ جده من أهوال قبل نهاية العالم، إلا إن صيد الذئب خلاف الدخول معه في مواجهة وجها لوجه، فهو شرس كما أن الذئب الصحراوي يختلف عن الذئب الزراعي الذي يتخفى في زراعات القصب أو الذرة وإذا واجهك ذئب عليك ألا تهرب منه في نقطة مستقيمة، فعليك أن تهرب وأنت تروح شمالا ويمينًا؛ ويرجع ذلك أن شوك رأسه يتعبه فيمكنك الهرب والنجاة منه.

وقد مثلت الذئاب الشرسة ومعها الكلاب الضالة حالات هلع كبيرة وإصابات في الصعيد؛ مما جعل اقتناص ذئب أو قتله يتم الاحتفاء به، ويكون صيد الذئب من خلال فخاخ توضع فيها دجاجة مسمومة، ثم الاختباء كي يتم قتل الذئب بعد إنهاكه.

لكن حالة العم محمود عليان لم تكن الوحيدة على امتداد التاريخ في العصر الحديث فقد سبقتها حادثة الذئب التي دونتها صحيفة 'البصير' ثلاثينيات القرن الماضي في أبو المطامير، حين تصدي المزارع أبو إسماعيل القطعاني لذئب شرس في معركة طويلة رصدها المراسل الصحفي، وكتبت عنها الصحف تحت مانشيت 'أهى حقيقة أم خيال؟'.

tبينما كان أبو إسماعيل القطعانى ورفيقه رمضان القطعانى يعملان بجد في زراعات البطيخ، ويزيلان الحشائش، ويقومان بفتح خديم المسقى للري، حتى وقف أمامهما ذئب يُكشر عن أنيابه، كأنه يقول لهما: من منكما يواجهني؟، فما كان من أبو إسماعيل إلا إن قام بحدفه بحجر، كان الوقت ظلامًا، ولم تظهر سوى أنياب الذئب الحادة الذي قرر أيضا التوجه لإسماعيل القطعانى الذي ألقى حجرًا عليه، لتبدأ المواجهة الحقيقة رجل أمام ذئب، وذئب أمام رجل فمن ينتصر؟.

قرر القطعانى استخدام بندقيته فوجه للذئب رصاصة، لكن الرصاصة لم تُصب الذئب حيث كانت خفيفة جدا، فقفز الذئب عليه، حاول القطعانى أن يوجه رصاصة ثانية، إلا إن البندقية لم تُطلق الرصاصة، لذا كان لابد من الرضوخ للقانون الذي قرره الذئب المصارعة بين الاثنين والأقوى هو من ينجو بحياته، إلا إن أبو إسماعيل قرر عدم المواجهة، فأسرع بعيدا تاركا الذئب يقفز على الأرض دون جسده، واستطاع أن يمسك عصا حيث استخدمها فى المشاجرة ليوجه بها ضربة قوية على رأس الذئب أدت لأن ينقب الذئب على ظهره.

صمم القطعانى على ذبح الذئب الذي أصيب من ضربة العصا، ولكن بينما يقترب منه، فوجىء بأن الذئب يقف على رجليه ويعدو مسرعا، وهو على ظهره، حيث حمله الذئب مسرعا في مشهد غريب لرجل يمتطى ذئبا كحمار أو حصان، وقد حاول الذئب أن يوقع القطعانى من على ظهره، إلا إن أبو إسماعيل تشبث بأذن الذئب، واستمر الذئب يجري به في الصحراء حتى أوقعه في ترعة لتبدأ معركة ثانية بين الإثنين، ولكن هذه المرة في الماء، وليس في زراعات البطيخ بصحراء أبو المطامير، حيث استمر الاثنان في المشاجرة تحت الماء واستطاع القطعانى بأعجوبة أن يُغرق الذئب.

بعد بُرهة صغيرة ظهر الذئب على وجه الماء لا يُبدى حراكا فلحق به أبو إسماعيل القطعانى وقام بسحبه، وأخذه ناحية صديقه الذي كان يراقب المعركة وهو مصدوم مما حدث، كانت فكرة زميله أن يضعا الذئب على النار وقاما بأكله، فيما عقبت صحيفة 'البصير' على الواقعة بقولها: نرجو من سادتنا العلماء الأفاضل بالإجابة على السؤال التالي هل أكل الذئب حلال أم حرام؟ وهل حمل بعض عظام الذئب مع المصلى حلال أم حرام، أفيدونا أكرمكم الله لتُنهى 'البصير' أغرب واقعة حدثت في زراعات البطيخ بمزارع مصر قبل نهايات ثلاثينيات القرن الماضي.

في العصر الحديث، رصدت الصحف الكثير من الوقائع والتي انتهت بأخذ الصور السيلفى مع الذئب قبل القضاء عليه، أما قصة العم محمود عليان فهي قصة غريبة حيث لم تبدأ الواقعة بصيد أنما كانت وجها لوجه رجل أمام ذئب متوحش، رجل وحيد لم يكن يملك سوى قلبه وفأس وحكايات مرعبة عن ذئب قاس لا يرحم أدخل الرعب في قلوب الأهالي.