اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في تطور مثير، وقبل ساعات فقط من تصويت مجلس الأمن بشأن تمرير خطة السلام الأمريكية لقطاع غزة، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، إلى وضع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الحبس الانفرادي واستهداف كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية بالاغتيال إذا مضت الأمم المتحدة قدمًا في الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وجاءت تصريحات بن غفير قبل ساعات من التصويت على القرار الذي يدعم خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشاملة، والتي تقضي بتسليم إدارة غزة لقوة دولية مستقرة وإشراف إدارة فلسطينية مستقلة تحت رئاسته، مع إمكانية فتح مسار لتحقيق الدولة الفلسطينية في حال التزمت السلطة بالإصلاحات المطلوبة، وفقا لصحيفة تايمز أوف إسرائيل، وتابع:'لدينا زنزانة جاهزة لمحمود عباس'.
وزعم بن غفير أن 'الدولة الفلسطينية للشعب الفلسطيني الذي اخترع نفسه لن تُنشأ أبدًا، لأن هدفهم بناء دولتهم على أنقاض دولة إسرائيل'، في حين شدد وزير المالية والمتدينين، بيزليل سموتريتش، على أن أي مسار يؤدي إلى دولة فلسطينية لن يُنفذ تحت قيادته، وأن إسرائيل ستبقى دولة يهودية ذات سيادة كاملة، مشيرًا إلى أن أي دولة فلسطينية يمكن إنشاؤها في دول عربية أو أوروبية أخرى بعيدًا عن الأراضي الإسرائيلية.
وتأتي هذه التصريحات في ظل دعم دولي واسع من قطر ومصر والإمارات والسعودية وإندونيسيا وباكستان والأردن وتركيا لخطة ترامب، التي تسعى إلى تحقيق استقرار في غزة وفتح طريق نحو تقرير المصير والدولة الفلسطينية، رغم معارضة روسيا والصين لهذه المبادرة.
ويشير محللون إلى أن تصعيد اللهجة السياسية من قبل الوزراء المتطرفين يعكس حجم التحديات التي ستواجه أي تقدم نحو إقامة دولة فلسطينية، في ظل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة وتصاعد التوترات الإقليمية، ما يجعل أي خطوة نحو حل الدولتين محفوفة بالعقبات الداخلية والخارجية.
وحول سجل بن غفير المتطرف، فبالإضافة إلى الدعوة الأخيرة التي أطلقها بن غفير لتصفية قادة السلطة الفلسطينية، فإن خلفيته الأيديولوجية وسجله السياسي يعكسان مدى التطرّف الذي يمثّله في السياسة الإسرائيلية. ومنذ صغره، اعتمد بن غفير فكرًا كهانيًا متشددًا، مستوحى من مدرسة الحاخام مائير كاهانا، الذي دعا إلى تطهير عرقي وطرد العرب من إسرائيل، وفقًا لصحيفة معاريف.
ورغم طرده من الخدمة العسكرية، وفقا للجارديان، بسبب نشاطاته المتطرّفة في شبابه، نجح بن غفير في بناء قاعدة سياسية تظهر اليوم بشكل واضح في حكومة نتنياهو. وأشارت صحيفة الجارديان إلى أن بن غفير كان ناشطًا يمينيًا متشددًا منذ المدرسة، وتعامل معه جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل (الشاباك) بوصفه قد يمثل خطرًا أمنيًا بسبب ارتباطه بأفكار تسعى إلى طرد الفلسطينيين من الأراضي التي يُنظر إليها كأراضي “إسرائيلية”.
من جهة أخرى، فرضت عدة دول غربية عقوبات على بن غفير بسبب ما وصفوه بـ 'التحريض على العنف المتطرّف ضد الفلسطينيين'. بريطانيا، على سبيل المثال، فرضت عليه حظر سفر وتجميع الأصول، وهو ما أتى بالتنسيق مع كندا وأستراليا ونيوزيلندا والنرويج. هذه الخطوة تمثّل أول عقوبات غربية ضد مسؤولين إسرائيليين من طيف الحكومة اليمنية بسبب خطابهم المتشدد تجاه الفلسطينيين، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز.
ويُضاف إلى ذلك اتهام بن غفير بأنه دعا الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق النار على الفلسطينيين في غزة حتى عند اقترابهم من “الخط الأصفر” في المناطق الحدودية، حسب ما نقلته صحيفة معاريف، ما يعكس موقفًا أمنيًّا متطرّفًا لا يتردد في استخدام القوة المفرطة حتى ضد المدنيين.
وعلى الصعيد الأيديولوجي، يرى المحلّلون أن بن غفير لا يكتفي بخطاب قوموي يميني، بل يسعى لإعادة إحياء “الكهانية” الكهانية — وهي أيديولوجيا تتبلور في التزاوج بين القومية اليهودية المتطرفة والدين، وتدعو إلى تطهير العرب من الأراضي التي يرى أن لها طابعًا يهوديًا تاريخيًّا. وربطت صحيفة الجارديان أيضًا بين فكره وميراث كاهانا، معتبرة أن بن غفير أحد أبرز وجوه هذا التيار الذي رجع ليكون فاعلًا في السياسة الإسرائيلية المعاصرة.
وداخل إسرائيل نفسها، أثارت تصريحات بن غفير ردود فعل قوية: بعض نواب الكنيست طالبوا بإقالته من منصب وزير الأمن القومي، مستندين إلى اتهامات بانتهاك المؤسسات القانونية وتهديدات بالعنصرية والتحريض.
وتاريخيًا، فإن بن غفير معروف أيضًا بمواقفه المثيرة للجدل حول المسجد الأقصى؛ فقد عبّر في مناسبات عدة عن رغبته في بناء كنيس يهودي على موقع الأقصى، وهو ما أثار رفضًا عربيًا وإسلاميًا واسعًا.
ومن ناحية السياسات ذات الطابع، بن غفير لم يكن فقط مدافعًا عن التوسّع الاستيطاني، بل دعا صراحة إلى “تشجيع الهجرة الطوعية من سكان غزة” استنادًا إلى رؤيته القومية، وهو موقف يراه كثيرون كدعوة ضمنية لطرد فلسطينيين من أراضيهم.
أما من الناحية القانونية، فالموضوع لم يكن خالٍ من الجدل: حتى بعد عودته إلى الحكومة في 2025، وجدت وزارة القانون اعتراضات من جهات قضائية على بعض توجهاته، لكن الدعوة العامة والطموح السياسي المتطرف لبن غفير مكّناه من البقاء في صفوف السلطة التنفيذية.
ويعد بن غفير شخصية محورية في الصعود السياسي لأيديولوجيا متطرفة أصبحت اليوم قادرة على التأثير المباشر في سياسات الدولة الإسرائيلية. تحذيرات الدول الغربية من خطاباته لم تعد “تحذيرات هامشية”، بل تحوّلت إلى إجراءات لمحاسبته سياسيًا دوليًا، وهو ما يشي بخطورة الدور الذي يلعبه في التوترات القائمة في الشرق الأوسط.


































