اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٣٠ أيلول ٢٠٢٥
في ربيع عام 2025، بدأت الأنظار تتجه إلى أسواق الدين الحكومية بنظرة متوجسة. فسابقًا، كان يُنظر إلى السندات الحكومية على أنها الملاذ الآمن؛ لكن هذا المفهوم بدأ يتآكل تدريجياً.
ومع تزايد اقتراض الدول بعد جائحة كورونا، وارتفاع أسعار الفائدة، والتوترات السياسية، بدأ المستثمرون يطرحون السؤال: هل ما زالت هذه الديون 'مضمونة'؟
حتى في الولايات المتحدة، التي طالما اعتُبرت أرقى ملاذ استثماري في السندات، شهدت مبيعات طروحات سنداتها تُستقبل بفتور. وفي بعض المزادات العشرينية خلال الصيف الماضي، كان الإقبال أقل من المتوقع، مما تسبب في ارتفاع العائدات، كرد فعل مباشر على مشاعر القلق.
وبالتوازي مع التحركات والمشاعر في الأسواق، كانت الأرقام تؤكد بشكل عملي تلك المخاوف، حيث أعلن معهد التمويل الدولي أن الدين العالمي اقترب من مستوى تاريخي يناهز 338 تريليون دولار، وهو رقم يُثير الدهشة والخوف في آن واحد.
وفي ظل تلك الأرقام والمشاعر المتحركة بالتكهنات السوداوية، تبدأ الثقة تدريجياً بالتآكل، خصوصًا في الدول التي لا تمتلك نفوذاً نقدياً أو اقتصاديًا مستقراً.
بحسب خلاصات العديد من بيوت الخبرة والمؤسسات المالية العالمية، هناك ثلاثة عوامل رئيسية وتراكمية تسببت في تزايد القلق داخل الأسواق لمستويات غير مسبوقة، ما دفعها إلى موجة حادة من التذبذبات:
العامل الأول تمثل في أسعار الفائدة العالية والطلب الضعيف، فمع قرارات البنوك المركزية لرفع أو تثبيت أسعار الفائدة لمكافحة التضخّم، أصبحت تكلفة الاقتراض مرتفعة.
ما يعني أنه حين يُطرح سند جديد، فإن المستثمر صار يطالب بعائد أعلى لتعويض المخاطر. وما أن تزيد الدول من العائدات، حتى تنزلق قيمة السندات القديمة؛ ليعود المستثمرون للمطالبة بسعر أعلى، وتستمر الدائرة الجهنمية التي لا يكسرها إلا الكف عن الاقتراض في لحظة ما.
في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، ارتفاع عوائد السندات لأجل 30 سنة تجاوز 5% خلال الصيف، مما دفع البعض إلى مقارنة تكاليف اقتراض الحكومة بتلك الخاصة بشركات القطاع الخاص ذات التصنيف الائتماني العالي.
العامل الثاني يتمثل فيما يدعى بـ'المخاطر الزمنية' (Term Premia) المُرتفعة، ويفسر ذلك بشكل مبسط في فكرة أن المستثمر لا يشتري سندًا لمدة عشرات السنين بدافع الثقة فقط، بل يطالب بأن يُعوَّض عن المخاطر الزمنية (التغيرات في سعر الفائدة، والمخاطر السياسية والاقتصادية).
وفي عامي 2024 و2025، تم رصد مخاوف كبرى تتعلق بهذه المكونات والمتغيرات، مما دفع عوائد السندات طويلة الأجل بشدة إلى مستويات مرتفعة غير مسبوقة.
أما العامل الثالث فيتصل بضغوط السيولة ونهاية التسهيل الكمي.. ففي العقد الماضي، دعمت البنوك المركزية الأسواق بشراء السندات وتوفير السيولة. لكن مع التوجيه نحو التشديد الكمي (Quantitative Tightening)، بدأت تلك البالونات المالية تنكمش.
وإضافة إلى ذلك فإن بعض أدوات السيولة، مثل عمليات الريبو، بدأت تشهد ضغوطًا في كثير من مناطق العالم.