اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
لاشك أن السؤال عن متى يغلق باب التوبة ؟ يعد من أهم ما ينبغي العلم به ، حيث إن باب التوبة من الأبواب التي يهلك الإنسان ويخسر دنياه وآخرته إذا أغلقت أمامه، وذلك لأن باب التوبة هو باب الرجاء ومنه طريق العودة من الضلال والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، وهو ما يطرح السؤال عن متى يغلق باب التوبة ؟ حيث يمكن أن ينصلح الحال ويرتاح البال ويهدأ القلب ويطمئن طالما باب التوبة مازال مفتوحًا، لأنه يعني أن هناك فرصة للنجاة من العذاب في الدنيا والآخرة.
قال الدكتور علي جمعة ، مُفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة دلت على أن باب التوبة لا يغلق أمام أحد .
وأوضح «جمعة » في تحديده متى يغلق باب التوبة، أنه تواترت الأدلة على أن الإنسان مهما فعل من آثام فإن هذا لا يسلبه ثوب التقي إذا أفاق من غفلته وبادر بالرجوع إلى ربه سبحانه وتعالى.
واستشهد بما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [الأعراف:201] ، وقال: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) [طه:82] .
ونبه إلى أن هذه الأهمية القصوى للتوبة، وتأكيدا على فضل الله الواسع في قبول التائبين إليه أوردت لنا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضا من القصص في هذا الجانب ليعيش الناس الواقع العملي مدعما بالكثير من شواهد القرآن والسنة في الجانب النظري.
ودلل بما جاء عن أبي سعيد الخدري أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم الأرض فدل على راهب ، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة؟ قال: لا. فقتله ، فكمل به مائة.
وتابع: ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم ، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم ، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا ، فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت.
واستطرد: فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله. وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط. فقالوا: قيسوا ما بين الأرضين ، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له .
وأردف: فأوحي الله تعالى إلى هذه أن تقربي وأوحي الله إلى هذه أن تباعدي; فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة» (صحيح البخاري ، ومسلم).
حدد الله سبحانه وتعالى وقتين يُغلق فيهما باب التوبة هما، الأول أن يغرغر الإنسان ومعنى يغرغر الإنسان، أي أن تصل روحه إلى الحلقوم، والثاني: عند خروج الشمس من المغرب، فعَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ بن الخطَّاب رضيَ اللهُ عنهما عن النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: «إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ» رواه الترمذي وقال: حديث حسنٌ.
ويظل قبول التوبة واردًا حتى يدرك الإنسان العاصي الموت وتبلغ الروح الحلقوم، حينئذ لم تعد التوبة مقبولة، وهذا هو المقصود بالغرغرة الواردة في الحديث المسؤول عنه. وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى أيضًا بقوله: «وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ» [النساء:18]. وعلى هذا فإن المقصود بالغرغرة بلوغ الروح الحلقوم.
وروى مسلم (2759) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» رواه مسلم (2703) .
وروى البخاري (4635) – واللفظ له -، ومسلم (157) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ: «لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ».
وأفاد الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن التوبة من الذنب واجبة شرعًا على الفور، ولا يجوز تأخيرها.
وأضاف وسام، في إجابته عن سؤال «هل يوجد شروط للتوبة النصوح؟»، أن من تاب تاب الله عليه فالندم على ما فات وصدق التوجه لله تعالى بالاستغفار وبعد ذلك عليه أن ينسى ما حدث منه لأنه إن استمر في التفكير بأنه فعل كذا وكذا سيكون هذا مدخل من مداخل الشيطان يوسوس له أن الله سبحانه وتعالى لن يتقبل منه والحال غير ذلك تمامًا فالله سبحانه وتعالى يتقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات لقوله تعالى { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا}.
وبيًن أنه إذا كان هذا الذنب قد تعلق بحق عيني لأحد من الناس فإنه من الواجب أن ترد هذه الحقوق لأصحابها كأن يكون سرق شيئا أو أكل ميراث أحد الورثة فإنه يتعين عليه في هذه الحالة أن يرد هذا الحق العيني إلى صاحبه، أما إذا كان الأمر لم يتعلق بالحقوق العينية فندم على ما فعل واستغفر الله سبحانه وتعالى، قائلًا: 'يجب أن نرشده لعمل ما يمحو الله به سيئاته فإن الحسنات يذهبن السيئات'.
لعله توجد الكثير من الأُمور التي تُساعد العبد المُسلم على التوبة إلى الله -تعالى-، ومنها:


































