اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن فهم بلاغة النبي ﷺ في تحريمه للصيد وقطع الشجر واختلاء الخلاء في مكة والمدينة يكشف عن أسلوبه الفريد في التعبير، مشيرًا إلى أن الألفاظ العامة لا تعني العموم الكامل، وإنما المضمون المقصود يتضح عند التدبر وفهم المضاف المحذوف.
وأضاف في تصريح له، أن الحديث الشريف: «اللهم إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها، وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة» يدل على أن التحريم لم يشمل مكة والمدينة كلها بمعنى الحصر، بل يشمل محاور محددة، وهي الصيد والشجر والخلاء، والتي حُذف ذكرها في السياق لتأكيد الفصاحة والبلاغة.
وأشار إلى أن النبي ﷺ وقع التحريم على مكة والمدينة على وجه العموم لتبرز عظمة حرمتها، موضحًا أن من استحل شيئًا من صيد مكة أو خلائها أو شجرها فكأنما استحل مكة كلها، وكذلك في المدينة المنورة، مشددًا على أن هذا الأسلوب البلاغي يربط المسلم بالحرمة ويغرس في قلبه الانضباط والوعي الكامل بأهمية احترام هذه الأماكن المقدسة.
ولفت إلى أن هذا الأسلوب من البلاغة النبوية ﷺ يُعد فيضًا من فيض بلاغته، حيث استخدم التعبير العام ليجعل التحريم أشمل وأعمق أثرًا في النفوس، مشيرًا إلى أن التدبر في مثل هذه المواضع يفتح آفاقًا واسعة لفهم حكمة النبي ﷺ في مخاطبة أمته وتعليمهم الالتزام بالحرمة والقداسة.
أدعية يوم الجمعة للرزق وفك الكرب.. رددها بيقين قبل الغروب تغير حالك تمامادعاء يوم الجمعة للمريض.. ردده قبل صعود الخطيب للمنبر
وفي سياق آخر، أوضح الدكتور سلامة داود، أن دعاء النبي ﷺ عند افتتاح صلاته من الليل: 'اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق باذنك صراط مستقيم' يحمل عبرًا بلاغية ودروسًا تربوية مهمة.
وألمح إلى أن الفعل 'اختلف' في هذا الدعاء مبني للمجهول، أي أن الفاعل محذوف عمدًا، موضحًا أن النبي ﷺ لم يشأ أن يشغلنا بالتفاصيل عن من يختلف ومن مع من، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، فلانًا أو فلانًا، بل قصد التركيز على طلب الهداية من الله عز وجل للصواب في الأمور التي يختلف الناس فيها.
وذكر أن حذف الفاعل وسكوته ﷺ في هذا الدعاء أبلغ من الكلام وأجود من ذكره، لأنه يعلّم المؤمن أن يسأل الله تعالى الهداية بصرف النظر عن هوية المختلفين أو الأسباب التي أدت إلى الاختلاف، مؤكدًا أن هذا الأسلوب من فيض بلاغة النبي ﷺ وحكمته في توجيه العباد إلى مركزية الله وحده في الرأي والصواب.
وختم: هذا الدعاء يمثل نموذجًا عمليًا لكيفية التعامل مع الخلافات الإنسانية، إذ يعلّم المسلم أن يسعى دائمًا للهداية إلى الحق بغض النظر عن الظروف والاختلافات المحيطة به.


































