اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
لاشك أننا بحاجة لمعرفة كل ما يزيد الرزق وينجيك من أعدائك ، فالأمر يتعلق بحاجة إنسانية ملحة ما دامت الحياة الدنيا، فأيا كانت صورة الرزق لا يمكن إهمالها أو الاستغناء عنها، ولعل الهدي النبوي الشريف هو أفضل وسيلة إلى كل ما يزيد الرزق وينجيك من أعدائك ، حيث أرشدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - إلى كل ما فيه خير لنا في الدنيا والآخرة، وحيث إن الرزق من الحاجات الدنيوية التي لا ينقطع الإنسان عن طلبها، فقد أوصانا -صلى الله عليه وسلم - بعمل يزيد الرزق وينجي صاحبه من كيد الأعداء ، ولا شك أن مثل هذا العمل الذي يفتح لنا أوسع أبواب الرزق هو أهم ما ينبغي علينا جميعًا أن نعرفه بل ونغتنمه ونحرص عليه.
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه فيما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - حثنا على الدعاء ليل نهار حيث إنه سلاح المؤمن، وبه يدفع البلاء ويزيد الرزق .
واستشهد «جمعة» عما يزيد الرزق وينجيك من أعدائك ، بما ورد في مسند أبي يعلي ، أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( ألا أدلُّكم على ما ينجيكم من عدوِّكم ويدرُّ لكم أرزاقَكم؟ تدعون اللهَ في ليلِكم ونهارِكم، فإنَّ الدعاءَ سلاحُ المؤمنِ)، منوهًا بأن ( الدعاء سلاح المؤمن ) ؛ يعني أنه يدافع البلاء؛ ويعالجه؛ كما يدافع عدوه بالسلاح.
وأوضح أن للدعاء مع البلاء ثلاثة مقامات: أن يكون أقوى من البلاء؛ فيدفعه؛ أو يكون أضعف منه؛ فيقوى عليه البلاء؛ فيصاب به العبد؛ لكنه قد يخففه؛ أو يتقاوما؛ فيمنع كل منهما صاحبه.
ونبه إلى أنه بين المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بتنزيله الدعاء منزلة السلاح أن السلاح يضارب به؛ لا بحده فقط؛ فمتى كان السلاح تاما لا آفة به؛ والساعد قويا؛ والمانع مفقودا؛ حصلت به النكاية في العدو؛ ومتى تخلف واحد من الثلاثة تخلف التأثير.
وأضاف أنه إذا كان الدعاء في نفسه غير صالح؛ والداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه؛ أو كان ثمة مانع من الإجابة؛ لم يحصل التأثير؛ (وعماد [ ص: 541 ] الدين؛ ونور السماوات والأرض) .
وبين أن أصل الحديث: 'ألا أدلكم على ما ينجيكم من عدوكم؛ ويدر لكم أرزاقكم؟ تدعون الله في ليلكم ونهاركم؛ فإن الدعاء سلاح المؤمن...' ؛ إلى آخر ما ذكره؛ وفيه رد لقول بعض الصوفية : إن الدعاء قدح في التوكل.
وأردف: ولقول البعض: المدعو به إن كان قدرا فهو واقع لا محالة؛ دعا أو لا؛ وإلا لم يقع؛ وإن دعا؛ ووجه الدفع أن المقدر قدر بأسباب؛ منها الدعاء؛ فلم يقدر مجردا عن سببه؛ بل بسببه؛ فإن وجد السبب وقع؛ وإلا فلا.
لاشك أن الرزق وتكثيره وتنميته من المواضيع التي تهمّ الناس كافةً، وقد أشار الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز إلى أنّه من أحب الأمور للإنسان هو المال والرزق باختلاف أنواعه وصوره.
و قال تعالى في سورة الكهف: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)، لذلك يسعى الإنسان إلى تكثير رزقه، ويصيبه الهم والغم إذا ما قلّ رزقه وشحّ ماله.
ويسعى حينها لجلب الرزق بكافة الوسائل، ولكن المؤمن الذي يوقن بالله ويؤمن به يعلم أن رزقه مخبوءٌ له عند الله، وأن جميع ما كتبه الله له سيأتيه عاجلاً أو آجلاً، وأنه ما مُنع عنه الرزق إلا لحكمة من الله، لذلك قد شرع الإسلام وسائل لجلب الرزق.
ورد أن الرِّزقُ هو ما ينتَفِعُ بهِ الإنسان من الأموال، أو الزروع، أو أصناف التجارة، أو غير ذلك من الأشياء الماديّة، أو المعنوية، وكلُّ إنسانٍ له رزقٌ مفروضٌ ومخصص له، حيث إنّ الله حدّد لكل نفسٍ رزقها وأجلها قبل أن تخرج إلى الحياة الدنيا، وهو حتماً سيأتي لصاحبه ولو في النفس الأخير له في الدنيا.
وصحَّ من حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا أيُّها النَّاسُ اتَّقوا اللهَ وأجمِلوا في الطَّلبِ فإنَّ نفسًا لن تموتَ حتَّى تستوفيَ رزقَها وإن أبطأ عنها فاتَّقوا اللهَ وأجمِلوا في الطَّلبِ خذوا ما حلَّ ودَعوا ما حرُم)، ويجب على المرء أن يسعى لتحصيل رزقه، ولا يركن للراحة ويزعم أن رزقه آتيه، فإن المؤمن مأمورٌ بالعمل والجد لتحصيل رزقه.
ينبغي على العبد المسلم أن يكدّ ويجتهد في طلب الرزق حتى لا يكون متواكلاً ، فإذا ما اجتهد في طلب رزقه ثم لم يأته رزقه على الوجه الذي يسدّ به حاجته، أو تأخّر عنه رزقه بالكلية فإن هناك بعضاً من الأعمال التي يجب عليه أن يقوم بها لاستجلاب رزقه من خلالها، ومن تلك الأعمال :
وفي ذلك يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موجهاً للمسلمين من عباد الله: (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قد وَكَّلَ بالرَّحمِ ملَكًا، فيقولُ: أي ربِّ، نُطفةٌ، أي ربِّ، علقةٌ، أي ربِّ، مضغةٌ، فإذا أرادَ اللَّهُ أن يقضيَ خلقًا، قالَ: قال الملكُ: أي ربِّ ذَكَرٌ أم أنثى؟ شقيٌّ أم سعيدٌ؟ فما الرِّزقُ؟ فما الأجلُ؟ فيُكْتبُ كذلِكَ في بَطنِ أمِّهِ).
كما ثبت في ذلك أيضاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا أيُّها النَّاسُ اتَّقوا اللهَ وأجمِلوا في الطَّلبِ فإنَّ نفسًا لن تموتَ حتَّى تستوفيَ رزقَها وإن أبطأ عنها فاتَّقوا اللهَ وأجمِلوا في الطَّلبِ خذوا ما حلَّ ودَعوا ما حرُم).
ودليل ذلك ما روى ثوبانَ مولى رسولِ الله عن الرَّسولِ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أنَّه قال: (إنَّ الرَّجلَ ليُحرمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ يُصيبُه)؛ فإن ارتكاب المعاصي والذُّنوبِ يؤدي إلى منع الرزق أو تأخر قدومه، وإذا ما أتى فإن الله ينزع منه البركة فيزول سريعاً، ولا يشعر العبد فيه بالبركة ولو كان كثيراً.
وقد ورد عَن عبد الله بن عمر -رضِيَ اللهُ عنهُ- عن رَسولِ اللهِ -عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ- قال: (الزِّنا يورِثُ الفقرَ)، فيدخل في الحديث بالإضافة إلى الزنا جميع ما يؤدي إليه من طرقه وخطواته الأولى كالنظر، وغيره من الأعمال.
ويرجوه أن يفك عنه ما أصابه من ضيقٍ وهم، وبهذه الحالة يزداد العبد قرباً من الله ويزيد تعلقه بالله، فيزرقه من حيث لا يحتسب، ويبارك له في ماله، ويغنيه عن سؤال الناس.
ودليل ذلك ما يرويه ابن عبد البر في التمهيد عن علي بن الحسين بن علي -رضي الله عنهما- حيث يقول: (اجتمع عليُّ بنُ أبي طالبٍ وأبو بكرٍ وعمرُ وأبو عبيدةَ بنُ الجرَّاحِ فتمارَوْا في أشياءَ، فقال لهم عليُّ بنُ أبي طالبٍ: انطلِقوا بنا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نسألُه، فلمَّا وقفوا على النَّبيِّ عليه السَّلامُ قالوا: يا رسولَ اللهِ جِئنا نسألُك.
قال: إن شئتم سألتموني وإن شئتم أخبرتُكم بما جئتم له، قالوا أخبِرْنا يا رسولَ اللهِ، قال: جئتم تسألوني عن الصَّنيعةِ لمن تكونُ؟ ولا ينبغي أن تكونَ الصَّنيعةُ إلَّا لذي حسَبٍ أو دِينٍ، وجئتم تسألوني عن الرِّزقِ يجلِبُه اللهُ على العبدِ، اللهُ يجلبُه عليه فاستنزِلوه بالصَّدقةِ.
وجئتم تسألوني عن جهادِ الضَّعيفِ، وجهادُ الضَّعيفِ الحجُّ والعمرةُ، وجئتم تسألوني عن جهادِ المرأةِ، وجهادُ المرأةِ حُسنُ التَّبعُّلِ لزوجِها، وجئتم تسألوني عن الرِّزقِ من أين يأتي وكيف يأتي، أبَى اللهُ أن يرزُقَ عبدَه المؤمنَ إلَّا من حيث لا يحتسِبُ).


































