ما شروط مصر للتصالح مع بعض قادة الإخوان الهاربين؟

كشف أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي محمد محمود مهران، عن شروط مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي للتصالح مع بعض قادة الإخوان الهاربين للخارج.

وجاء تعليق مهران في تصريحات لـRT في أعقاب قرار العفو الرئاسي الصادر لصالح الناشط علي حسين مهدي، الذي وصفه موقفا محسوبا ومتزنا من الدولة المصرية، يعكس نضجها السياسي وحكمتها في التعامل مع أبنائها، حتى في حال ارتكابهم أخطاء أو تجاوزات.

وأوضح الدكتور مهران أن هذا القرار ليس مجرد خطوة قانونية، بل هو رسالة وطنية وإنسانية تظهر أن مصر دولة تسامح لا تنتقم، وأنها تفتح ذراعيها دائما لاستقبال من أخطأ بشرط التوبة والعودة الصادقة إلى الوطن.

وقال مهران: 'بإطلاق سراح الناشط علي حسين مهدي، تثبت الدولة المصرية أنها دولة مؤسسات تقدّر التسامح وتعلي من شأن الوحدة الوطنية، وترفض الانجرار إلى دوامة الانتقام. إنها دعوة صريحة لكل من ضل طريقه أن يعود، وأن يجد الوطن في انتظاره، لا السجن أو القمع'.

وأشار إلى أن القرار يأتي في سياق مواجهة حملات الشائعات والأكاذيب التي تستهدف زعزعة الثقة بين الدولة ومواطنيها، مؤكدًا أن 'فتح الدولة لذراعيها أمام العائدين يُفند كل الادعاءات التي تُصور مصر كدولة قمعية، ويكشف زيف الروايات المعادية'.

وأوضح مهران أن الظروف التي شهدها العالم العربي والإسلامي عقب أحداث السابع من أكتوبر، خاصة في أوروبا وأمريكا، كان لها أثر كبير في تغيير وعي كثير من الشباب، ومنهم الناشط علي حسين مهدي، الذين أدركوا أن ما كانوا يروجون له أو يُصدّقونه كان مبنيًا على معلومات مغلوطة أو أجندة خارجية.

وأضاف: 'هذا الوعي الجديد دفع مهدي إلى اتخاذ قرار العودة الطوعية، والثقة في آليات العدالة المصرية التي تتيح إعادة النظر في القضايا، خاصة للمحكوم عليهم غيابياً، شريطة تقديم التماسات قانونية والاعتراف بالأخطاء السابقة'.

شروط العفو

وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن منح العفو الرئاسي لا يتم بشكل عشوائي، بل يستند إلى مجموعة من المعايير الواضحة والشفافة، منها:

وأكد أن 'مهدي استوفى هذه الشروط، ما يجعله مؤهلاً للاستفادة من سماحة الدولة ورحمتها، وهو ما يُظهر التوازن الذي تنتهجه مصر بين العدل والرحمة، وبين الحفاظ على الأمن واحترام حقوق الإنسان'.

رد على الادعاءات.. وفضح الجهات المستغلة

وأكد الدكتور مهران أن عودة مهدي وتصريحاته عن المعاملة الطيبة التي لقيها بعد عودته تمثل دليلًا دامغًا على أن الادعاءات المغرضة ضد مصر باعتقال المعارضين أو انتهاك حقوق الإنسان لا أساس لها من الصحة.

وأضاف: 'تصريحات مهدي حول سقوط الأقنعة عن جهات كان يثق بها، تكشف حقيقة أن بعض التنظيمات والكيانات خارج مصر كانت تستغله لتحقيق أجندات سياسية، ثم تخلى عنه فور عودته، بينما الدولة المصرية استقبلته برحابة صدر'.

وأشار إلى أن هذا التباين يظهر بوضوح الفرق بين الدولة المسؤولة التي تُصلح ولا تهدم، وبين الجماعات التي تُحرض ثم تهرب من المسؤولية.

العفو السياسي في القانون الدولي

وأكد مهران أن القانون الدولي العام يقر بحق الدولة في منح العفو السياسي لمواطنيها، خاصة في القضايا ذات الطابع السياسي التي لا تصحبها أعمال عنف أو إرهاب، مشيرًا إلى أن هذا المبدأ معمول به في العديد من الدول الديمقراطية.

وقال: 'مصر تطبّق هذا المبدأ بشكل متوازن وشفاف، يراعي المصلحة العامة، ويحفظ كرامة الوطن وأبنائه، ويُجسّد نهجًا حضاريًا في إدارة الخلافات السياسية، لا بالقمع، بل بالحوار والتصالح'.

في الختام، وصف الدكتور محمد محمود مهران قرار العفو بأنه خطوة استراتيجية وحضارية، تُرسل رسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأن مصر تُريد التصالح، لا الصراع، وأنها تُؤمن بأن الإنسان قابل للإصلاح، وأن الوطن أكبر من أي خلاف.

وأضاف: 'هذا القرار ليس فقط عن عفو فردي، بل هو رمز لدولة تُعيد بناء الثقة مع أبنائها، وتفتح صفحة جديدة من التلاحم الوطني، في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية'.

المصدر: RT