اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
شهدت مدن أوروبية عريقة بما في ذلك روما، وبرشلونة، ومدريد، إلى جانب عواصم أوروبية أخرى، موجة غير مسبوقة من المظاهرات المناهضة لإسرائيل، في استعراض لغضب دولي متصاعد إزاء الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ عامين.
وكانت المظاهرات، التي جرت في عطلة نهاية الأسبوع، مدفوعة بشكل رئيسي بـاعتراض إسرائيل لـ 'أسطول الصمود العالمي'، وهي سفن إنسانية انطلقت من برشلونة في محاولة لكسر الحصار البحري على القطاع الفلسطيني.
هذا الحادث، إلى جانب استمرار الحرب التي خلفت وضعًا إنسانيًا كارثيًا وواجهت اتهامات دولية بالإبادة الجماعية، حول جنوب أوروبا إلى مركز لحركة احتجاجية واسعة النطاق، وفقًا لصحيفة جلوبال نيوز الكندية.
أرقام صادمة تعكس حجم الغضب الشعبي
تفاوتت تقديرات أعداد المتظاهرين بشكل كبير بين المنظمين والسلطات المحلية، لكنها جميعًا أشارت إلى حجم هائل للحراك الشعبي، مؤكدة اتساع رقعة الدعم للقضية الفلسطينية في الشارع الأوروبي، لا سيما في إيطاليا وإسبانيا:
• روما: أعلن المنظمون، وهم ثلاث منظمات فلسطينية بالاشتراك مع نقابات عمالية وطلاب محليين، عن مشاركة مليون شخص في المسيرة التي جابت طرقًا محاذية للكولوسيوم ووصلت إلى ساحة سان جيوفاني، وذلك لليوم الثاني من الاحتجاجات الإيطالية. وفي حين قدرت شرطة روما العدد بـ 250،000 شخص، سبقت هذه التظاهرة الكبرى إضراب عام ليوم واحد شمل جميع أنحاء إيطاليا، وشارك فيه أكثر من مليوني شخص تضامنًا مع الفلسطينيين في غزة، ما يبرز عمق الاستجابة الشعبية للأزمة.
• إسبانيا: شهدت مدريد تظاهرة قُدرت رسميًا بـ 100،000 شخص، بينما رفع المنظمون التقديرات إلى400،000 مشاركًا، وفي برشلونة، التي انطلق منها جزء من أسطول الصمود، قدرت السلطات عدد المتظاهرين بـ 70،000 شخص، في حين أعلن المنظمون أن 300،000 شخص ملأوا شارع 'باسيج دي غراسيا' الرئيسي. وامتدت الاحتجاجات الإسبانية لتشمل مدنًا أخرى مثل فالنسيا وإشبيلية ومالقة.
• مدن أوروبية أخرى: لم يقتصر الحراك على الجنوب؛ بل امتد إلى مدن أخرى مثل باريس، ولشبونة، وأثينا، وسكوبيه (مقدونيا الشمالية)، وشهدت لندن ومانشستر تجمعات حاشدة أصغر حجمًا، ما يؤكد اتساع رقعة التعبير الشعبي المناهض للحرب في جميع أنحاء القارة.
اعتراض 'أسطول الصمود' كشرارة للاحتجاج
كان اعتراض القوات الإسرائيلية لـ 'أسطول الصمود العالمي'، الذي كان يحمل مساعدات إنسانية ونشطاء في محاولة لكسر الحصار البحري على غزة، هو المحفز المباشر لهذه المظاهرات الواسعة.
وقد ضم الأسطول حوالي 45 سفينة وأكثر من 450 ناشطًا من 40 دولة، من بينهم أكثر من 40 إسبانيًا ورئيس بلدية برشلونة السابق، والناشطة البيئية السويدية جريتا ثونبرج، وفقًا لشبكة يورونيوز.
ويشكّل مصير هؤلاء النشطاء نقطة محورية في هتافات المتظاهرين، حيث طالبوا بضمان حمايتهم والإفراج الفوري عنهم. وقد ندد المتظاهرون بشدة بما وصفوه بـ 'الإبادة الجماعية' المرتكبة في غزة، رافعين شعارات مثل 'أوقفوا الإبادة' و'الحرية لفلسطين' و'ارفعوا الأيدي عن الأسطول'.
وفي روما، رُفعت بعض اللافتات التي أشادت بحركات المقاومة أو تضمنت هتافات معادية لجيش الاحتلال الإسرائيلي (IDF)، مثل 'الموت، الموت لجيش الدفاع الإسرائيلي'، رغم طلب المنظمين الاقتصار على الأعلام الفلسطينية. وقد حدثت اشتباكات متفرقة في برشلونة بعد انتهاء التظاهرة الرسمية، حيث قام بضع مئات من الأشخاص بأعمال تخريب ضد المتاجر.
ضغوط على العواصم الأوروبية ومواقف الحكومات المتباينة
تعكس هذه الموجة الاحتجاجية اتساع الهوة بين الشعوب الأوروبية وحكوماتها التي ما زالت تواجه صعوبة في اتخاذ موقف حازم ضد إسرائيل. ففي إسبانيا، كان الموقف الحكومي أكثر صرامة، حيث أعرب رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، عن فخره بالتظاهرات، واصفًا الدمار في غزة بـ 'الإبادة الجماعية'، وطالب بمنع مشاركة الفرق الإسرائيلية في المنافسات الرياضية الدولية طالما استمرت 'الوحشية'.
هذا الموقف دفع إسبانيا لقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل مؤقتًا، في تحرك فريد من نوعه أوروبيًا.
في المقابل، تعرضت حكومة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لانتقادات حادة من قبل المتظاهرين والسياسيين المعارضين لـرفضها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، خلافًا لبعض الدول الأوروبية.
وقد طالب النائب المعارض ريكاردو ماغي من ميلوني بـ 'الإقرار بالاحتجاجات التلقائية المناهضة لتقاعس وتواطؤ حكومتها' والبدء في العمل الدبلوماسي من أجل السلام.
ويأمل المتظاهرون أن يشكل هذا الحراك ضغطًا كافيًا على القادة الأوروبيين لتبني مواقف أكثر صرامة، وقطع العلاقات وفرض عقوبات على إسرائيل، خاصة بعدما اتهم بعض المتظاهرين في روما الحكومة الإيطالية بـالتواطؤ.
وتؤكد هذه المسيرات الضخمة أن الغضب الشعبي الدولي يتزايد بشكل ملحوظ ضد الحرب التي اندلعت في أكتوبر 2023، والتي خلفت حتى الآن أكثر من 67،000 شهيدًا وما يقرب من 170،000 جريحًا في غزة، وهي أرقام تعتبرها وكالات الأمم المتحدة والخبراء المستقلون الأكثر موثوقية لتقدير ضحايا الحرب ويضع هذا الحراك الأوروبي الهائل مصير النشطاء على متن الأسطول والمطالبة بالسلام العادل تحت دائرة الضوء السياسي على مستوى القارة الأوروبية.


































