اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في حقيقة الأمر إنها سنة كونية أن يحدث دوما صراعا بين الخير والشر ، بين الحق والباطل.
أيضا صراعات وحروب مستمرة هنا وهناك وأصوات تشجب وتدين ، وأصوات أخرى تندد بكل هذه المجازر البشرية.
أصوات أخرى تدعو إلى السلام وتطالب بعقد ندوات ومؤتمرات دولية يدعى إليها كافة الأطراف المتقاتلة.
لكن الحقيقة يبقى الوضع كما هو عليه ، لماذا.؟!
فمن منا لا يحلم بالسلام الذي ينبغي أن يسود العالم، من منا لا يمقت الحروب الطاحنة الدائرة هنا وهناك التي لا تبقي ولا تذر، التي تأتي علي الأخضر واليابس والتي لا نجني من ورائها إلا الويلات ، من منا لايريد أن يعم الخير والعدل الجميع ، من منا لا يحلم أن يأتي يوما يكون العالم كله ، قلبه علي قلب بعض كالجسد وكالنسيج الواحد إذا اشتكي أحد أعضائه يهتم بشكايته وبأوجاعه سائر الأعضاء.
من منا لا يريد الطمأنينة والراحة وهدوء البال.
دوما ما نجلس أمام شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي نري ونسمع حرب هنا وأخرى هناك، أطفال تشرد وتيتم، شيوخ عجائز تهدم بيوتهم فوق رؤوسهم، أمهات ثكلي حزنهم يقطع الأكباد ، شباب ، صبيان، نساء أرامل ، أطفال يبكون ويقولون سنشكوكم إلي الله ونخبر الله عما فعلتم بنا.
بأي ذنوب قتلوا هؤلاء.
مخيمات لللاجئين تغرقهم الأمطار لا يجدون ما يدفئهم اللهم إلا بعض الخرق البالية يشعلوها.
السلام اسم من أسماء الله تعالي فدعوة الله السلام وتحية الله السلام، وجميع الأديان السماوية دعوتها السلام، فالسلام طريق للحب والمودة والعطف، فلم لا نلبي دعوة الإله ونعيش وننعم بالسلام؟!
لماذا لا نضع أيدينا في أيدي بعضنا البعض لنحقق السلام، هل هذا صعب التحقق.
في اعتقادي وإيماني أنه ليس صعبا ، كيف لا يكون صعبا ، ننزع الحقد والغل والحسد والضغينة من قلوبنا ونحب بعضنا البعض ويرحم صغيرنا كبيرنا ويعطف كبيرنا علي صغيرنا هذا علي المستوي الفردي، والفرد بدوره عضو فاعل في مجتمعه ، فلماذا لا يحاول أن يطبق هذه المعطيات علي واقعه، يطرح الأنانية جانبا ولا يكون ذئبا لأخيه الإنسان ويحيي قيم المواطنة فالجميع مواطنون من الدرجة الأولي ويترك الطبقية والعنصرية، فالجميع لآدم وآدم من تراب، والجميع متساوون في الحقوق وكذلك في الواجبات فلا داعي لهذه العنصرية البغيضة.
أما علي مستوي الدول أو علي الصعيد الدولي دوما ما نسمع مصطلح السلام الشامل ، السلام العادل ، مصطلح جميل ونحب أن نسمعه لكن هل من الممكن تحقيقه أم هي عبارات رنانة تأخذ العقول وتذوب لها الأذان حين سماعها، نريد سلاما حقيقيا لا استسلاما سلام تكافأ القوي وتوازنها لاسلام تفرضه الدول الكبري علي الصغري ، جلوس علي طاولات مفاوضات والكبير يملي املاءاته علي الصغير، قبيح أن نطلق علي ذلك سلام .
أري أنه استسلام ومن يرعي ذلك فهو يضيع وقته لأنه بالحتمية والضرورة المنطقية سيكون سلاما هشا.
إذا أردنا سلاما حقيقيا لابد أن تطرح الدول أو ما تسمي بالدول العظمي، هيمنتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية تطرح ذلك أرضا وتوظف تلك الطاقات لرعاية وتحقيق السلام للجميع.
منذ بدء الخليقة وصراع مستمر بين الخير والشر هابيل وقابيل أحدهما يحمل بيده السلام والآخر يحمل بيده الشر، لكن ما استمر شر أبد الآباد، والغلبة في نهاية حلبة الصراعات ستكون لمن يحمل بيده أغصان الزيتون، ويحمل بشارات الأنبياء الذين كانت دعواتهم للسلام فهاهو عيسي المسيح عليه السلام دعوته في مواعظه علي الجبل وترانيمه تحمل السلام، الله محبة والمحبة سلام، وهاهو محمد صلى الله عليه وسلم راياته السلام وبشاراته السلام وتحيته السلام، وها هو موسي حينما يخاطب فرعون يقول له قولا لينا واللين سلام، لين الجانب سلام وليس استسلام.
وإذا ما تطرقنا إلي هذا المفهوم قديما فدعوة الفلاسفة منذ فلاسفة الطبيعيون الأوائل إلي كانط فيلسوف العصر الحديث دعواتهم سلام ، وأذكر علي سبيل المثال الفيلسوف الرواقي زينون الرواقي ودعوته لإنشاء المدينة العالمية ودعوته إلي وحدة الجنس البشري لأن الكون كله يخضع لإله واحد ويحكمه قانون واحد هو قانون العقل الذي بدوره يدعو إلي المحبة لأن المحبة من الإيمان وإذا ما تحققت المحبة سيتحقق السلام .
وكذلك ما ذكره إيمانويل كانط في كتابه المشروع الدائم للسلام العالمي ودعوته إلي إقامة مدينة عالمية تسودها الطمأنينة والهدوء، ومن قبله الفيلسوف الإسباني ريموند لول الذي تحدث عن السلام ومن قبلهما الفارابي في المدينة الفاضلة وكذلك ابن رشد ، وأيضا مصلحو العصر جميعهم دعواتهم إلي تحقيق السلام الشامل العادل الذي ينعم به الجميع، فهل هذا صعب التحقق، هل هذا صعب المنال.
هيا نفتش في أنفسنا جيدا ونطرح هذه الأفكار على عقولنا ونستفتها ثم نعرضها علي قلوبنا وعلى فطرنا الخيرة التي فطرنا الله تعالي عليها، فالإنسان بفطرته مفطور علي الخير وحب السلام وكراهية الشرور.


































