اخبار مصر
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
بدء التصويت في المرحلة الأولى التي تضم 14 محافظة لاختيار 284 نائباً مقسمين بين الفردي والقائمة والحكومة تحث المواطنين على المشاركة ولا مفاجآت متوقعة في النتائج
بدأ الناخبون في مصر الإدلاء بأصواتهم اليوم الإثنين في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب بعد حملة انتخابية هيمنت عليها أحزاب الموالاة واستبعدت كثيراً من شخصيات المعارضة، مما عزز التوقعات بضعف المشاركة المتوقعة.
وتجرى انتخابات المرحلة الأولى على مدى يومين في 14 محافظة، ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت فيها نحو 35 مليوناً، للاختيار بين نحو 1283 مرشحاً على نظام الفردي يتنافسون على 142 مقعداً، فيما تخوض 'القائمة الوطنية من أجل مصر'، وهو تحالف يضم 12 حزباً سياسياً، الانتخابات على نظام القائمة للحصول على 142 مقعداً آخر موزعة على 'دائرة قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد، وتضم 102 مرشح، وأخرى بدائرة قطاع غرب الدلتا وتضم 40 مرشحاً'.
وخيمت على المشهد الانتخابي في مصر طوال الأسابيع الماضية اتهامات متبادلة بين أحزاب المعارضة المدنية وأحزاب الموالاة، حول ظواهر 'انتشار المال السياسي واستبعاد شخصيات معارضة من المنافسة'، فضلاً عن قانون الانتخاب ذاته الذي يقسم المقاعد إلى نظام فردي ونظام قائمة مغلقة مطلقة.
خلال الإدلاء بصوته صباح اليوم، في أحد مراكز الاقتراع بمحافظة الجيزة، حث رئيس الوزراء مصطفى مدبولي المصريين على المشاركة في الانتخابات، معرباً عن اعتزازه بـ'الاستحقاق الدستوري المهم باعتباره واجباً وطنياً وحقاً دستورياً'.
ودعا مدبولي في تصريحات تلفزيونية المواطنين إلى المشاركة الفاعلة في الاستحقاق الوطني، تمسكاً بحقهم الدستوري، ولمواصلة دورهم في المساهمة الإيجابية تجاه بناء مؤسسات الوطن، ودعم مسيرته لتحقيق التنمية المنشودة، بخاصة بعد ما شهده التصويت في الخارج بالمرحلة الأولى من إقبال كبير لأبناء مصر.
وعلى مدى الجمعة والسبت الماضيين أدلى المصريون في الخارج بأصواتهم بالسفارات والقنصليات المصرية في 117 دولة حول العالم.
من جانبه أكد مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات (المشرفة على الانتخابات في البلاد)، المستشار أحمد بنداري، أن انتخابات مجلس النواب ستجرى بنزاهة وشفافية كاملين وعلى النحو الذي يتفق وأحكام الدستور والقانون والمعايير الدولية المتعارف عليها، مشيراً إلى أن الهيئة الوطنية تقف على الحياد تماماً من جميع المرشحين الذين يخوضون غمار المنافسة الانتخابية.
وأضاف أن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب التي ستجرى داخل البلاد على مدى الإثنين والثلاثاء تشمل 14 محافظة تضم 5606 لجان فرعية، وأن إجمال عدد الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في هذه المرحلة الانتخابية من واقع قاعدة بيانات الناخبين، يبلغ 35 مليوناً و279 ألفاً و922 ناخباً، فيما يبلغ عدد إجمال الناخبين المقيدين في الجداول الانتخابية في مصر نحو 63 مليون مواطن، مما يجعل هذه الانتخابات واحدة من أضخم العمليات الانتخابية من ناحية عدد المشاركين وحجم الإجراءات التنظيمية والأمنية المصاحبة لها في المنطقة.
من جانبها أعلنت وزارة الداخلية المصرية خطة أمنية متكاملة لتأمين الانتخابات، تشارك فيها كل قطاعات الوزارة، بما يضمن فرض مظلة أمنية محكمة لتأمين المواطنين أثناء إدلائهم بأصواتهم خلال العملية الانتخابية، على حد وصفها، مشيرة إلى أن الخطة تضمن تسخير كل الطاقات والإمكانات اللوجيستية والمعدات والمركبات الحديثة والمتطورة التي تعكس التطور الكبير في منظومة العمل الأمني، وشملت الانتشار الأمني المكثف بمحيط اللجان وجميع الطرق والمحاور المؤدية لها وتسيير أقوال أمنية وخدمات مرورية، لتسيير الحركة المرورية بتلك الطرق لتسهيل وصول الناخبين إلى اللجان الانتخابية.
يمثل سؤال المشاركة في الانتخابات النيابية الراهنة الرهان الأكبر، لا سيما أنها تأتي بعد نحو ثلاثة أشهر من انتخابات مجلس الشيوخ التي أجريت في أغسطس (آب) الماضي وبلغت نسبة التصويت فيها 17.1 في المئة.
وعلى وقع التحديات الاقتصادية وأداء البرلمان المنتهية ولايته (2020/2025) فضلاً عن هيمنة أحزاب الموالاة على المشهد الانتخابي، تباين آراء المواطنين في شأن المشاركة في اختيار أعضاء مجلس النواب للأعوام الخمسة المقبلة.
وعلى أحد المقاهي أمام إحدى لجان التصويت بمدينة السادس من أكتوبر (غرب) التابعة لمحافظة الجيزة، لا يبدي الأربعيني (م أ) شغفاً كبيراً في التصويت في الانتخابات الراهنة، مرجعاً السبب إلى فقدانه الثقة في مرشحي 'المجلس' الحاليين، ومعتبراً أن بعضهم الساعي إلى الفوز بدورة برلمانية جديدة لم يقدم خدمات ملموسة لدائرته طوال الأعوام الخمسة الماضية.
وتساءل الأربعيني الذي يعمل محاسباً في إحدى الشركات الخاصة في حديثه معنا 'طوال الأعوام الخمسة الماضية عانينا ارتفاعات ضخمة في مستويات المعيشة سواء على صعيد غلاء أسعار السلع والخدمات أو زيادة كلفة المواد البترولية، ماذا قدم البرلمان الماضي من أجل رفع المعاناة عن المواطنين سوى مزيد من سن القوانين واللوائح التي تزيد من أعباء الحياة علينا؟'، مضيفاً 'سئمنا الوعود الانتخابية وقت الانتخابات التي تنتهي بمجرد وصول المرشح إلى كرسي البرلمان'.
في المقابل يرى (خ ع) الخمسيني أن المشاركة تبقى واجباً وطنياً وحقاً لكل مواطن في اختيار نوابه ومن يمثله في البرلمان، مشيراً قبل الإدلاء بصوته إلى أن 'حسن اختيار النواب والمشاركة يبقان حقين أصيلين لكل مصري لا ينبغي التفريط فيهما، لا سيما في أوقات تواجه فيها الدولة كثيراً من الأخطار والتحديات سواء على الصعيدين الداخلي أو الخارجي'، مضيفاً 'أمام هذا المشهد فإنه من الضروري المشاركة في الانتخابات والتعبير عن رأينا بوضوح واختيار الأنسب، لا سيما أن الصندوق هو الفيصل في نجاح أو فشل المرشح إلى مقعد البرلمان'.
وطوال الأسابيع الماضية هيمنت على المشهد اتهامات متبادلة بين المعارضة والموالاة في شأن مسار العملية الانتخابية، فضلاً عن الخلاف القائم من الأساس حول القانون المنظم للعملية الانتخابية الذي اعتمد 'القائمة المغلقة المطلقة'، وهو مطلب كثيراً ما دعا إلى تغيير أحزاب وشخصيات معارضة خلال الحوار الوطني الذي انطلق قبل نحو عامين بناءً على دعوة من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وضم طيفاً واسعاً من أحزاب الموالاة والمعارضة والشخصيات المستقلة.
ورداً على اتهامات في شأن الانتخابات، سرد النائب البرلماني مصطفى بكري عدداً من النقاط التي تتداولها الأوساط المعارضة قائلاً 'في ما يتعلق بالقائمة الوطنية من أجل مصر فهي قائمة ضمت 12 حزباً سياسياً بين أحزاب موالاة وأحزاب معارضة، في تحالف انتخابي هدفه وصول الأحزاب السياسية المشاركة تحت مظلتها إلى مقاعد برلمانية، لا سيما أن بعض تلك الأحزاب تجد صعوبة بمكان في تحقيق أهدافها بالوصول إلى مقاعد معقولة داخل البرلمان، وأقصد هنا أحزاب المعارضة'، مضيفاً في حديثه إلى 'اندبندنت عربية' أن 'هذا تحالف انتخابي وليس تحالفاً سياسياً، وعليه سيكون داخل البرلمان وجهات نظر مع الحكومة وضدها في إطار هذا التحالف الانتخابي'.
وتابع بكري 'بالنسبة إلى اتهام هيمنة أحزاب الموالاة على المشهد فهناك أكثر من نحو 2000 مرشح مستقل، في كل عموم الجمهورية، هؤلاء ليسوا مرتبطين بأحزاب سياسية ولكن يقودوا الانتخابات ببرامجهم الخاصة ورؤيتهم وبطرحهم في الشارع المصري'، مشدداً على أن الانتخابات في النهاية 'تشرف عليها هيئة قضائية وهي الهيئة الوطنية للانتخابات التي أنشئت بمقتضى دستور 2014 ومن ثم فيد وزارة الداخلية ليست متداخلة في المشهد إلا بالدور الذي تقوم به في حراسة اللجان وتحقيق النظام'.
وبحسب بكري فإننا 'أمام مشهد انتخابي تتعدد فيه الادعاءات والمزاعم، وعليه أدعو أي شخص لديه أي دليل على انحراف ما وخطأ ارتكب خلال عملية الأسابيع الماضية التوجه إلى النائب العام على الفور'، مشدداً على أنه 'لم يتم استبعاد أحد من البرلمان إلا وفقاً لقرار من الهيئة الوطنية للانتخابات، وأيضاً المحكمة الإدارية العليا التي أصدرت حكمها بعد فحص كل المستندات'.
في المقابل رأى أستاذ الاجتماع السياسي عمار علي حسن أن مشهد الانتخابات البرلمانية الراهن 'لا مثيل له في تاريخ مصر كله منذ بداية الحياة النيابية في مصر في النصف الثاني من القرن الـ19'، معتبراً في حديثه لنا أنه 'إذا كانت الحياة الانتخابية المصرية قد شهدت أشكالاً تقليدية من التزوير مثل تبديل الصناديق أو تبديل الأرقام أو منع المصوتين من الوصول إلى اللجان، أو تسويد بطاقات لمصلحة الحزب الحاكم أيام الرئيس السابق حسني مبارك، ثم انتقلت في ما بعد إلى الرشوة الانتخابية، التي كانت عينية في البداية حيث بدأها الإخوان والحزب الوطني وانتقلت إلى ما بعد ثورة يناير 2011 مع الإخوان والأحزاب الجديدة، لكنها الآن صارت رشوة مادية وليست عينية فحسب، وهذا لم يكن موجوداً من قبل'، معتبراً أن 'الأخطر والأفدح أننا انتقلنا من بيع الأصوات إلى بيع المقاعد، وهذه الظاهرة بدأت على استحياء في انتخابات سابقة لكنها اليوم زادت واستفحلت وصارت ظاهرة'.
وبحسب حسن فإن المشهد الانتخابي الراهن يقود إلى 'مزيد من إلحاق السلطة التشريعية بالسلطة التنفيذية ومزيد من تركز القرار مع غياب الدور الرقابي للبرلمان، إذ إن القوائم المغلقة المطلقة ثم المال السياسي الذي يستخدم بإفراط ثم الوصول إلى تحديد من يفوز في المقاعد الفردية في الغالب الأعم، كل ذلك قطعاً يفقد المواطن الثقة في الحياة التشريعية ويسهم في فقدان الثقة في الحياة السياسية برمتها'.
وبعد نهاية تصويت المصريين في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المقرر لها أن تنتهي غداً الثلاثاء، ستعلن الهيئة الوطنية للانتخابات النتائج الرسمية للجولة الأولى في الـ18 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، فيما تجرى جولة الإعادة للمصريين في الخارج خلال الأول والثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وللناخبين في الداخل في الثالث والرابع من الشهر نفسه، على أن تعلن النتائج النهائية في الـ11 من ديسمبر المقبل. في الأثناء ستجرى المرحلة الثانية من الانتخابات في الـ21 والـ22 من نوفمبر الجاري في الخارج وفي الـ24 والـ25 من الشهر ذاته في الداخل في 13 محافظة.
وتكتسي الانتخابات البرلمانية الراهنة أهمية خاصة، إذ تُعدّ الأخيرة قبل انتهاء الولاية الثالثة للرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2030، وهي الولاية التي يُفترض أن تكون الأخيرة له، لكن سيكون للبرلمان المنبثق عنها أهمية استثنائية في حال رغب السيسي بتعديل الدستور لإطالة أمد حكمه.


































