اخبار مصر
موقع كل يوم -صدى البلد
نشر بتاريخ: ٢٦ أيلول ٢٠٢٥
أعاد القرار التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن بقاء تطبيق 'تيك توك' في السوق الأمريكية تحت إدارة أمريكية بالكامل، فتح النقاش مجدداً حول واحدة من أكثر القضايا التكنولوجية والسياسية إثارة للجدل في السنوات الأخيرة. القرار، الذي ترافق مع صفقة تقدَّر قيمتها بحوالي 14 مليار دولار، لا يقتصر على كونه اتفاقاً مالياً فحسب، بل يمثل نقطة تحول استراتيجية في ملف الأمن السيبراني وعلاقة واشنطن ببكين.
يرى المهندس ممدوح محمد، خبير تكنولوجيا وأمن المعلومات، أن جوهر الأزمة كان دائماً يتمثل في ملف حماية البيانات الشخصية للمستخدمين الأمريكيين. فقد ظلت واشنطن تشكك في احتمالية وصول الحكومة الصينية إلى معلومات المستخدمين عبر الشركة الأم 'بايت دانس'.
وبحسب الاتفاق الجديد، ستكون إدارة البيانات تحت إشراف أمريكي كامل، وهو ما يعتبره خبراء بمثابة 'إعادة تموضع' للتطبيق داخل السوق الأمريكية، وليس مجرد صفقة مالية عابرة.
الصفقة لم تقتصر على الجانب الحكومي فقط، بل شهدت دخول أسماء عالمية ذات وزن اقتصادي وإعلامي مثل مايكل ديل وروبرت مردوخ إلى جانب مستثمرين آخرين. هذه المشاركة، بحسب المراقبين، تعطي ثقلاً مالياً وتقنياً للاتفاق، وتبعث برسالة طمأنة للمستخدمين والمستثمرين بأن 'تيك توك' سيبقى مستقراً وآمناً في الولايات المتحدة.
ويرى الخبراء أن وجود مستثمرين بهذا الحجم يعزز ثقة السوق ويزيد من فرص نجاح التطبيق في مواصلة نموه وسط المنافسة الشرسة مع منصات أخرى.
مع أكثر من 170 مليون مستخدم أمريكي، بات 'تيك توك' منصة لا يمكن تجاهلها، سواء من الناحية الاجتماعية أو السياسية. ويشير ممدوح محمد إلى أن القرار يكرّس التطبيق كأحد أبرز أدوات التأثير في الرأي العام، لا سيما أن الرئيس ترامب نفسه أقر بدور المنصة في حملاته الانتخابية.
ولم يكن مستغرباً أن يعلن البيت الأبيض مؤخراً عن إطلاق حساب رسمي على 'تيك توك'، في خطوة تعكس اعتراف الإدارة الأمريكية بأهمية هذه المنصة في التواصل مع الأجيال الشابة.
ورغم الأجواء الإيجابية التي صاحبت توقيع الاتفاق، يظل السؤال الأهم.. هل يكفي نقل الملكية لضمان الاستقلالية التقنية الكاملة؟
الخبراء يحذرون من أن الأمر يتطلب أكثر من مجرد تغيير في أسماء المالكين. فالخوادم وأنظمة الحماية وطرق معالجة البيانات يجب أن تكون مستقلة تماماً عن أي نفوذ خارجي. وهذا يعني ضخ استثمارات إضافية وبناء تعاون وثيق بين الفرق الأميركية الجديدة ومطوري التطبيق الأصليين لضمان الشفافية والأمان.
في المحصلة، يمكن القول إن صفقة 'تيك توك' تمثل خطوة متقدمة في مسار تعزيز الأمن السيبراني الأمريكي، وفي الوقت نفسه تحافظ على استمرارية واحد من أكثر التطبيقات انتشاراً وشعبية بين الشباب. لكن نجاح هذه الخطوة لن يُقاس فقط بالصفقات المالية أو بالإعلانات السياسية، بل بقدرة واشنطن على إثبات أن 'تيك توك' أصبح بالفعل أمريكي الإدارة على المستويين التشغيلي والتقني، وهو ما ستكشفه الشهور المقبلة.