مصر تشد الأحزمة بخفض الاستثمارات العامة في المشروعات القومية

عجز الموازنة يقفز لـ4.95 في المئة من الناتج المحلي خلال 6 أشهر

في إطار تجاوز الأزمة الناجمة عن شح الدولار في السوق المصرية واتساع فجوة التمويل، قرر مجلس الوزراء المصري خفض الاستثمارات العامة الممولة من عجز الخزانة العامة بنحو 15 في المئة من المستهدف في موازنة العام الحالي، إضافة إلى عدم التعاقد على أي تمويل خارجي أو البدء في أي مشروع يترتب عليه قرض أجنبي.

ومنذ الربع الأول من عام 2022، دخلت البلاد في أزمة خانقة بعد الإعلان عن تخارج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال والاستثمارات الساخنة بشكل مفاجئ.

وعلى خلفية هذا التخارج تشهد مصر أزمة عنيفة تتعلق بشح الدولار، وعلى رغم خفض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه أكثر من مرة، إلا أن الفرق يتسع بصورة كبيرة بين أسعار صرف الورقة الأميركية الخضراء في السوق الرسمية والسوق السوداء.

وأشارت الحكومة المصرية إلى أن القرار يأتي في إطار ترشيد الإنفاق الاستثماري بالجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.

وتشير البيانات الرسمية، إلى أن عجز الموازنة لمصر ارتفع خلال النصف الأول من العام الحالي إلى 4.95 في المئة من الناتج المحلي مقابل أربعة في المئة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وتستهدف موازنة العام المالي الحالي إنفاق نحو 590 مليار جنيه (19.124 مليار دولار) على الاستثمارات الحكومية، وتتضمن الخطة الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي الحالي استثمارات كلية بنحو 1.8 تريليون جنيه (58.346 مليار دولار) تقوم الحكومة وجهاتها التابعة بتنفيذ نحو 63.6 في المئة منها، والنسبة المتبقية استثمارات خاصة.

وقال القرار إنه ستتم مراعاة عدد من الاستثناءات، منها، الجهات التي تجاوزت نسبة الإتاحة بها 50 في المئة، وتضمنت ضوابط الترشيد، تأجيل تنفيذ المشروعات حديثة الإدراج بالخطة (خلال العام السابق أو العام الحالي)، بحظر إبرام أية تعاقدات على تلك المشروعات سواء بالأمر المباشر أو المناقصات العامة حتى نهاية العام المالي، وعدم التعاقد على شراء سيارات الركوب حتى نفس التاريخ، وعدم البدء في أية مشروعات جديدة في العام الحالي، وإعطاء الأولوية لاستكمال المشروعات التي انتهت بنسبة 70 في المئة وأكثر.

أيضاً وافقت الحكومة على اللائحة التنفيذية للقانون الخاص بإلغاء الإعفاءات من الضرائب والرسوم المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، بهدف إلغاء المعاملة التفضيلية لتلك الجهات الحكومية بما يضمن تحقيق المساواة وتعزيز قواعد المنافسة العادلة بين هذه الجهات وبين غيرها، وتخضع للقوانين المنظمة لهذه الأنشطة.

المفاوضات الجارية مع صندوق النقد

وفي تصريحات حديثة، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، إن المشروعات التنموية التي أوشكت على الانتهاء بنسبة 70 في المئة أو أكثر سيستمر العمل فيها للانتهاء منها، مشيراً إلى أن القاعدة العامة التي تم التوافق عليها هي استكمال المشروعات التي قاربت على الانتهاء'، مضيفاً، 'تم التطرق في اجتماع مجلس الوزراء على ترشيد الإنفاق الاستثماري ومراعاة الظروف الاقتصادية الحالية'.

وتابع 'ما زالت المشاورات حول اتفاق صندوق النقد جارية وفور التوصل لاتفاق سيتم إعلان كافة التفاصيل ولا داعي للقلق'، مضيفاً 'الحكومة تدرك حجم التحديات الاقتصادية التي تمر بها مصر'.

وقال إن الحكومة المصرية لديها رؤية لتخفيف الأعباء الاقتصادية وتجاوز التحديات الاقتصادية الراهنة، والحكومة تعمل على الإصلاحات الهيكلية في الاقتصاد المصري'، مضيفاً 'الحكومة تنسق مع البنك المركزي للعمل على خفض التضخم بحلول عام 2025 لأقل من 10 في المئة'.

وحول قرارات الحكومة حول ترشيد الإنفاق بالجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، أكد أن ترشيد الإنفاق جزء مهم من عمليات الإصلاح المالي الذي تقوم به الدولة لمواجهة التحديات، مع وضع مجموعة من الضوابط لعملية الإنفاق الاستثماري مع خفض تمويل بعض الاعتمادات بنسبة 15 في المئة، من الاعتمادات المستهدفة للجهات ضمن الباب السادس بالموازنة العامة للدولة، وفقاً للإجراءات التنفيذية التي تم اتخاذها من قبل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع مراعاة عدد من الاستثناءات، منها، الجهات التي تجاوزت نسبة الإتاحة بها 50 في المئة وفقاً للإجراءات التنفيذية التي تم اتخاذها من قبل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.

حظر إجراء أي تعاقدات بالأمر المباشر

وتضمنت الضوابط تأجيل تنفيذ المشروعات حديثة الإدراج بالخطة (خلال العام السابق أو العام الحالي)، وذلك بحظر إبرام أية تعاقدات على تلك المشروعات سواء بالأمر المباشر أو المناقصات العامة حتى 30/6/2024، وكذلك عدم التعاقد على شراء سيارات الركوب حتى نفس التاريخ، وعدم البدء في أية مشروعات جديدة في العام الحالي.

ونصت الضوابط على إعطاء الأولوية لاستكمال المشروعات التي أوشكت على الانتهاء (70 في المئة فأكثر) والمتوقع تنفيذها خلال العام المالي 2023/2024، مع تأكيد مرتكزات خطة 2023/2024، وبخاصة التركيز على الحاجات الاستثمارية الضرورية والملحة من دون غيرها، في ضوء الالتزام بالتوجيهات الخاصة بترشيد الإنفاق وخفض سقف الدين الخارجي وتشجيع المنتج المحلي والصناعة الوطنية، ونصت الضوابط على عدم التعاقد على أي تمويل خارجي، أو البدء في أي مشروع حتى من خلال مكون محلي يترتب عليه قرض أو مكون أجنبي إضافي.

وفي مذكرة بحثية حديثة، قالت المحللة الاقتصادية في بنك الاستثمار 'سي أي كابيتال' سارة سعادة، إن الحكومة تطبق سياسة تقشف مالي لكبح عجز الموازنة، بما يجعل السياسات المالية أكثر تماشياً مع التشديد النقدي من قبل البنك المركزي.

وأوضحت أن القرار سيخفض الضغط على التضخم في عجز الموازنة، وتوفير مساحة لأبواب الإنفاق الأخرى التي قد تكون فيها المرونة أقل كخدمة الدين، وفسرت أن هناك قطاعات أخرى لها الأحقية الأولوية للتمويل كقطاع الخدمة الاجتماعي مثل المعاشات، وتكافل وكرامة وهي مهمة في ظل الظروف التضخمية الحالية.