واشنطن تتقدم بمشروع قرار إلى مجلس الأمن لدعم خطة ترامب في غزة

قدّمت الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، مسودة مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي تهدف إلى دعم خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤلفة من 20 نقطة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وذلك من خلال منح الضوء الأخضر لتشكيل قوة دولية للاستقرار تعمل تحت تفويض أممي مباشر، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.

وذكرت البعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة أن مشروع القرار «يرحب بتأسيس مجلس السلام» — وهو هيئة انتقالية مؤقتة لإدارة شؤون القطاع، كما تنص عليه خطة ترامب — و«يمنح تفويضًا لإنشاء قوة الاستقرار الدولية (ISF)» التي ستتولى مهمة حفظ الأمن ونزع سلاح الجماعات المسلحة.

اتصالات دبلوماسية مكثفة ومشاركة إقليمية

وشارك السفير الأمريكي مايك والتز مشروع القرار مع الأعضاء العشرة المنتخبين في مجلس الأمن، إلى جانب شركاء إقليميين رئيسيين مثل مصر وقطر والإمارات والسعودية وتركيا.

وأفاد المتحدث باسم البعثة الأمريكية بأن هذه الدول أبدت «اهتمامًا كبيرًا بالمشاركة في قوة الاستقرار»، لكنها اشترطت صدور تفويض رسمي من مجلس الأمن قبل نشر أي قوات على الأرض.

ولم يُحدّد بعد موعد للتصويت على المشروع، فيما تواصل واشنطن مشاوراتها الدبلوماسية لتأمين أغلبية داعمة دون مواجهة فيتو من أي من الأعضاء الدائمين.

جذور المشروع واتفاق وقف النار

يُشار إلى أن إنشاء القوة الدولية يشكّل جزءًا من الاتفاق الذي مهّد لوقف إطلاق النار الهش في 10 أكتوبر بين إسرائيل وحماس، بعد عامين من العنف الدامي الذي اندلع إثر هجوم 7 أكتوبر.

وبموجب بنود الاتفاق، ستتكوّن القوة الدولية أساسًا من جنود من دول عربية وإسلامية لتتولى الإشراف على الأمن في غزة مع انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيًا.

وقال المتحدث باسم البعثة الأمريكية: «في ظل قيادة الرئيس ترامب الجريئة، ستعود الولايات المتحدة لتُحقق نتائج ملموسة في الأمم المتحدة — لا مجرد حوارات بلا نهاية». وأضاف أن «الأطراف المعنية اغتنمت هذه الفرصة التاريخية لإنهاء عقود من سفك الدماء وتحقيق رؤية الرئيس للسلام الدائم في الشرق الأوسط».

تفاصيل خطة ترامب ومرحلية التنفيذ

تشمل المراحل اللاحقة من خطة ترامب انسحابًا تدريجيًا لإسرائيل من القطاع، يليها نزع سلاح حركة حماس، ثم إطلاق برنامج إعادة إعمار شامل بإشراف أممي ودعم مالي من دول مانحة، من بينها الولايات المتحدة ودول خليجية.

كما تنص الخطة على أن يتولى مجلس السلام المؤقت إدارة الشؤون المدنية والاقتصادية، ريثما يتم تشكيل إدارة فلسطينية جديدة تتولى الحكم المحلي بدعم دولي مباشر.

رهانات ومخاطر أمام التنفيذ

رغم الحراك الأمريكي المكثف، لا تزال تحديات كبيرة تواجه تطبيق الخطة:

تحفظات إسرائيلية على مشاركة تركيا في القوة الدولية.

مخاوف عربية من الانجرار إلى صراع ميداني مفتوح أو تحمّل أعباء أمنية باهظة.

غياب التزام صريح من حركة حماس بالتخلي عن سلاحها أو قبول إشراف أممي.

احتمال استخدام الفيتو الروسي أو الصيني بدعوى أن الخطة تُعزز الهيمنة الأمريكية على قرارات الأمم المتحدة.

دلالات سياسية واستراتيجية

يرى مراقبون أن مشروع القرار يمثل تحولًا كبيرًا في مقاربة واشنطن للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، حيث تسعى الإدارة الأمريكية للانتقال من دور الوسيط إلى دور المنسق والمشرف المباشر على عملية السلام.

ويعتبر بعض الخبراء أن استحداث قوة دولية بقيادة أمريكية هو محاولة لإعادة صياغة المشهد الأمني والسياسي في غزة، في حين يراه آخرون أداة لتعزيز نفوذ واشنطن في الشرق الأوسط في مرحلة تتسم بتراجع ثقة الحلفاء الإقليميين.

مستقبل غزة والمنطقة

في حال نجاح تمرير القرار وتفعيله فعليًا، قد يشهد القطاع مرحلة إعادة إعمار واسعة النطاق تشمل البنية التحتية والمرافق المدنية المدمّرة، بإشراف دولي صارم.

ويرى محللون أن نجاح الخطة سيفتح الباب أمام مصالحة فلسطينية جديدة، بينما فشلها قد يُعيد إشعال الصراع ويُفقد المجتمع الدولي مصداقيته.

وبينما لم يُحدد بعد جدول زمني للتصويت، يبدو أن واشنطن تراهن على الزخم السياسي بعد وقف إطلاق النار الأخير لتحقيق ما تعتبره «لحظة تاريخية» في مسار الصراع الطويل.