اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
لا تزال إثيوبيا تصر على الوصول إلى البحر الأحمر، عبر ميناء 'عصب' الإريتري، وهو الامر الذي ترفضه أسمرة جملة وتفصيلا، بينما تخاطب أديس أبابا أمريكا للتدخل لإقناع إريتريا على تنفيذ المطلب الإثيوبي.
وإثيوبيا هي دولة حبيسة إذ لا تطل على أي من البحار أو المحيطات، لذلك تسعى لخلق منفذ بحري لها، على حساب دول الجوار مثل إريتريا وجيبوتي والصومال. فيما تشهد العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا توترًا متصاعدًا يبرز في تصريحات رسمية.
واستقبل الرئيس السيسي، نظيره الإريتري، أسياس أفورقي في القصر الرئاسي، في إطار مشاركة الرئيس الإريتري في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، وأضاف السفير محمد الشناوي المتحدث الرسمي أن اللقاء تضمن التأكيد على أهمية تعزيز التعاون لضمان أمن البحر الأحمر، وعدم التأثير على الملاحة في هذا المجرى الملاحي الحيوي، حيث شدد السيد الرئيس على ضرورة تكثيف التنسيق بين مصر وإريتريا، وكذلك مع الدول العربية والأفريقية المشاطئة، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الهامة. وأكد السيد الرئيس التزام مصر الثابت بدعم سيادة إريتريا وسلامة أراضيها.
من جانبه، أعرب الرئيس أفورقي عن تقديره البالغ للدور المصري بقيادة السيد الرئيس في ترسيخ دعائم الاستقرار ودفع جهود التنمية في منطقة القرن الإفريقي وشرق إفريقيا، مرحبًا بتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي مع مصر وتعزيز التنسيق الثنائي إزاء القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وذكر المتحدث الرسمي أن الرئيسين تناولا تطورات الأوضاع في منطقة القرن الإفريقي، كما أكدا على توافق الرؤى بين البلدين بشأن سبل إنهاء الحرب في السودان، مشددين في هذا السياق على ضرورة دعم مؤسسات الدولة الوطنية، وفي مقدمتها القوات المسلحة السودانية، ورفض أي محاولات لإنشاء كيانات موازية.
وفي هذا الإطار، أشار السيد الرئيس إلى الجهود التي تبذلها مصر في إطار الآلية الرباعية، سعيًا لإنهاء الحرب ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب السوداني الشقيق، مؤكدًا التزام مصر بالعمل مع الشركاء لضمان وحدة السودان وسلامة أراضيه والحفاظ على سيادته الوطنية.
وتناول اللقاء أيضًا مستجدات الأوضاع في الصومال، حيث شدد الرئيسان على التزام البلدين بما ورد في البيان الثلاثي المشترك الصادر عن القمة التي جمعت قادة مصر وإريتريا والصومال في أسمرة، أكتوبر 2024، والذي أكد ضرورة احترام المبادئ الأساسية للقانون الدولي، وفي مقدمتها سيادة واستقلال ووحدة أراضي الصومال وكافة دول المنطقة. كما تم التأكيد على أهمية تنسيق الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وتعزيز قدرات مؤسسات الدولة الصومالية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
ميناء عصب
واعتبر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، خلال وقت اسبق، أن ميناء عصب يقع ضمن حدود بلاده، وهو ما ترفضه العاصمة الإريترية أسمرة، ليتبادل الجانبان اتهامات بشأن دعم وتمويل جماعات مسلحة داخل الأراضي الإثيوبية، في وقت تتصاعد فيه المخاوف الإقليمية من احتمالات انزلاق القرن الإفريقي مجددًا إلى دوامة الصراع.
آبي أحمد، وخلال جلسة مخصصة في البرلمان للرد على استفسارات النواب حول قضايا وطنية وإقليمية، أكد أن إثيوبيا فقدت ميناءها البحري خلال 30 عامًا الماضية، جراء انفصال إريتريا واستقلالها، معتبرًا أن القرار 'غير قانوني'، بدعوى عدم اتخاذه من جانب مؤسسات إثيوبية، كمجلس الوزراء أو البرلمان الذي لم يكن موجودًا حينها، أو عبر استفتاء.
وقال: 'لا يوجد دليل وثائقي يُظهر من اتخذ القرار الذي حرم إثيوبيا من حدودها على البحر الأحمر'، مضيفًا أن 'مسألة حصول إثيوبيا على ميناء بحري أمر لا مفر منه'.
وكشف آبي أحمد عن تفاصيل محادثات سابقة بشأن المنفذ البحري، والتي لم تسر كما كان مأمولًا، وقال إنه أثار أمام الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، قضية ميناء عصب عند زيارته لإثيوبيا في العام 2018، عقب عودة العلاقات بين البلدين، لكن الرئيس الإريتري لم يبد استعداده.
وقال إنه 'على الرغم من محاولات تطوير ميناء بالاتفاق مع إريتريا، لم تكن هناك رغبة في التعاون من جانب الحكومة الإريترية'. وأضاف أن المحادثات المنتظمة لتطوير الفكرة لم تجد 'استعدادًا للرد على القضية بطريقة واضحة' من قبل الحكومة الإريترية.
وفقدت إثيوبيا منفذها البحري في العام 1993 بعد استقلال إريتريا.
وشدد آبي أحمد على أن مسألة وصول إثيوبيا للبحر هي 'مسألة حتمية وجودية، ولا يمكن إيقافها'، وأن حصول إثيوبيا على المنفذ البحري لن يستغرق 'سنوات مثل ما فقدناه 30 عامًا'، وأن بلاده 'لن تبقى دولة مغلقة بعد الآن'.
ودعا رئيس الوزراء الإثيوبي الولايات المتحدة وروسيا والصين وأوروبا وإفريقيا إلى التوسط بين إثيوبيا وإريتريا في هذا الملف، معتبرًا أن الأمر 'ليس لصرف الأنظار عن الأوضاع الداخلية، وإنما مطلب قانوني وحق تم أخذه بطريقة غير قانونية'.
إثيوبيا تلوح بالحرب
وحذر رئيس الوزراء الإثيوبي إريتريا من الحرب، معتبرًا أن نتيجتها 'واضحة ومعروفة'، وقال إنه في حال اندلاعها، فإن إثيوبيا لديها 'قوة كافية وموثوقة وقادرة على الحسم ولا أحد سيوقفها'.
وفي احتفال بالذكرى الـ118 لتأسيس قوة الدفاع الوطنية تحت شعار 'أمة لا تُقهر، جيش لا يُقهر'، في مركز تدريب البحرية بمدينة بيشوفتو مقر القاعدة الجوية الإثيوبية التي تبعد 45 كيلومترًا عن أديس أبابا، بحضور كبار القادة العسكريين ومسؤولي الدولة، قال رئيس أركان القوات المسلحة الإثيوبية المشير برهانو جولا، إن 'استعادة الميناء الذي فقدته البلاد، عن قصد أو بغير قصد، هو واجب وطني يقع على عاتق هذا الجيل'.
وفق موقع “الشرق بلومبيرج” يستمر التراشق بين إثيوبيا وإرتيريا في صورة تصريحات، تأخذ على الأولى تكرار الحديث عمّا تعتبره 'حقها المشروع' في الوصول إلى منفذ بحري، مع التلميح إلى ميناء عصب.
ووصف قائد البحرية الإثيوبية، نائب الأدميرال كندو جيزاو ذلك بأنه 'مسألة بقاء وطنية' تستند إلى التاريخ والحقوق المشروعة لإثيوبيا، وقال إن 'إثيوبيا تعتبر امتلاك منفذ بحري ضرورة استراتيجية وتنموية، وليست خيارًا سياسيًا'.
ويرى خبراء من الجانبين، أن التوتر بين إثيوبيا وإريتريا يشهد تصعيدًا مقلقًا، خصوصًا بعد الرسالة التي وجّهتها الخارجية الإثيوبية في الثاني من أكتوبر إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، واتهمت فيها أسمرة بالتواطؤ مع فصائل من جبهة تحرير تيجراي وميليشيا 'فانو' في إقليم أمهرة، ضمن ما وصفته بأنه 'تحالف جديد يهدد الأمن القومي الإثيوبي'.
في المقابل، وصفت وزارة الإعلام الإريترية الاتهامات الإثيوبية بأنها 'حملة تضليل واستفزاز سياسي'، مشددة على أن المزاعم حول تحضير هجوم في شتاء 2025 'لا أساس لها من الصحة'.
واعتبرت الوزارة، في بيان أصدرته هذا الشهر، أن التصعيد الإثيوبي يمثل 'محاولة لصرف الأنظار عن الأزمات الداخلية'، مؤكدة أن أسمرة 'تفضل الصمت كخيار استراتيجي'، لكنها تحتفظ بحقها في الرد القانوني والدبلوماسي، مستشهدة بتصريحات الرئيس أسياس أفورقي، في يوليو، التي قال خلالها إن بلاده 'لا ترغب في الحرب، ولا تطمع في أراضي غيرها، لكنها تعرف كيف تدافع عن نفسها إذا أعتُدي عليها'.
'جبهة تيجراي' تنفي التعاون مع إرتيريا
بدورها، نفت جبهة تحرير تيجراي الاتهامات الإثيوبية، ووصفتها بأنها 'محاولة لتقويض عملية السلام وتشويه صورتها أمام المجتمع الدولي'، وقالت، في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في الثامن من أكتوبر، إن التفاعلات الحدودية بين مجتمعات تيجراي وإريتريا ينبغي أن تُفهم كـ'خطوة نحو بناء الثقة والسلام'، وليس كتحالف عسكري.
واتهمت الجبهة الحكومة الفيدرالية بالتحضير 'لحرب جديدة في الشمال'، بدلًا من تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق بريتوريا، داعيةً الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة إلى عقد اجتماع عاجل لمراجعة تنفيذ الاتفاق وضمان الالتزام ببنوده.
وأنهى اتفاق بريتوريا للسلام، الموقع في نوفمبر 2022، بين جبهة تحرير تيجراي والحكومة الإثيوبية، حربًا ضروس، استمرت لأكثر من عامين، راح ضحيتها مئات الآلاف، وخلفت دمارًا واسعًا.
وتأسست جبهة تحرير تيجراي في عام 1975، وأدت دورًا محوريًا في الإطاحة بنظام منجيستو هايلي ماريام العسكري في عام 1991، ثم هيمنت لاحقًا على الساحة السياسة الإثيوبية من خلال تشكيل نظام فيدرالي إثني للبلاد استمر لأكثر من 3 عقود، حتى مجيء حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وسرعان ما اندلع النزاع مع حكومة آبي أحمد بعدما أحكمت الجبهة سيطرتها على الإقليم الذي تنحدر منه الجبهة، واستمر الصراع لأكثر من عامين، وانتهى بتوقيع اتفاق بريتوريا في جنوب إفريقيا.


































