اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ١ كانون الأول ٢٠٢٥
يرجح المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI) أن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي دخل بالفعل مرحلة جديدة يمكن وصفها بـ'الوضع الطبيعي المستمر'، حيث لم تعد المواجهات مقتصرة على قطاع غزة وحده، بل امتدت بشكل متزايد إلى الضفة الغربية. هذا التحول يعكس ديناميكيات أكثر تعقيدًا في المشهد الفلسطيني، ويؤكد أن الحرب لم تعد حدثًا استثنائيًا بل واقعًا يوميًا يفرض نفسه على السكان والسياسة الإقليمية.
المعهد الإيطالي، الذي يُعد من أبرز مراكز التفكير الأوروبية في قضايا الشرق الأوسط، يرى أن هذا التطور يضع المنطقة أمام تحديات أمنية وسياسية طويلة الأمد.
وأوضح المعهد الإيطالي في تقريره أن غزة تغرق في الفوضى والجوع والمطر الذي يحول المخيمات في أغلب الأحيان إلى مستنقعات، بينما في الضفة الغربية أطلق جيش الاحتلال عملية واسعة في مدينة طوباس والمناطق المجاورة مثل تمون وأقبة. وشملت العملية حصارًا كاملًا للمدينة، وإغلاق الطرق، ومداهمات بيتية بحثًا عن عناصر يُزعم ارتباطهم بحماس. لكن محافظ طوباس، أحمد أسعد، رفض هذه المبررات، مؤكدًا أن الهدف الحقيقي هو فرض واقع جديد على الأرض بسبب موقع المدينة الاستراتيجي قرب وادي الأردن.
ووصف جيش الاحتلال العملية بأنها 'واسعة لمكافحة الإرهاب'، وأعلن أنها ستستمر عدة أيام. وكشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن منشورات وُزعت على السكان تحذرهم من أن المنطقة أصبحت 'ملاذًا للإرهاب'، وأن الجيش سيتعامل معها كما فعل في جنين وطولكرم، حيث أدت العمليات السابقة إلى دمار واسع ونزوح عشرات الآلاف. ومع فرض حظر التجول، أُغلقت المدارس والمكاتب الحكومية، فيما ارتفعت معدلات العنف في الضفة بشكل كبير منذ هجمات حماس في أكتوبر 2023. وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ونفذت القوات الإسرائيلية نحو 7،500 عملية اقتحام في الضفة خلال عام واحد، وأسفرت عن مقتل أكثر من ألف فلسطيني خلال العامين الماضيين، بينما نادرًا ما يُحاسب المستوطنون المتورطون في أعمال عنف.
وأضاف التقرير نقلا عن مصادر فلسطينية أن الهدف الحقيقي ليس أمنيًا بل مصادرة الأراضي لتوسيع المستوطنات. ففي 22 نوفمبر، أصدرت السلطات الإسرائيلية تسعة أوامر بمصادرة مئات الهكتارات في وادي الأردن الشمالي، تشمل مناطق طوباس وتمون وتياسير وتلوزة، بهدف إنشاء طريق بطول 22 كيلومترًا يصل بين عين شبلي وأقبة. هذا المشروع، بحسب لجنة مقاومة الجدار والاستيطان، يهدف إلى تسهيل التوسع الاستيطاني عبر الضغط على السكان لمغادرة أراضيهم قبل بدء البناء، ما يضمن مقاومة أقل عند تنفيذ المصادرات.
ويشير التقرير أيضًا إلى أن الوضع في غزة لم يتحسن رغم وقف إطلاق النار. فخطة السلام الأمريكية المكونة من 20 نقطة لم تُنفذ، ولا توجد مؤشرات على إعادة الإعمار أو توزيع منظم للمساعدات. في المقابل، تواصل إسرائيل تعديل 'الخط الأصفر' – وهو خط الأمن الذي حددته اتفاقية وقف إطلاق النار – عبر توسيع مناطق سيطرتها بمئات الأمتار، ما أدى إلى موجات نزوح جديدة بين السكان الذين يخشون أن يجدوا منازلهم فجأة خارج الحدود المسموح بها.
وعلقت الباحثة الإيطالية كاترينا روجيرو بأن 'الدعم لحماس في الضفة أعلى منه في غزة، حيث يرفض 85% من الفلسطينيين هناك فكرة نزع سلاح الحركة'. وأضافت أن هذا الواقع يزيد احتمالية ظهور خلايا جديدة في شمال الضفة، بينما يسهل على إسرائيل بناء مستوطنات جديدة في المناطق التي تضعها تحت سيطرتها المباشرة.
روجيرو خلصت إلى أن 'العنف يولد العنف، وأن الحل العسكري الذي ظل مفضلًا حتى بعد وقف إطلاق النار، إلى جانب الخطط الضمّية التي تتكرر من حين لآخر، لا يؤدي إلا إلى تغذية هذه الدوامة المستمرة'.


































