اخبار مصر
موقع كل يوم -الرئيس نيوز
نشر بتاريخ: ٣ كانون الأول ٢٠٢٥
افتتحت القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) هذا الأسبوع منشأة جديدة للدفاع الجوي المشترك مع القوات البحرينية، في خطوة تعكس عمق العلاقات مع أحد الحلفاء القدامى وتعزز الأمن الإقليمي وسط التوترات المستمرة بين إيران وإسرائيل.
وحضر حفل الافتتاح، يوم الإثنين، قائد القيادة المركزية الأدميرال براد كوبر، إلى جانب ولي العهد البحريني سلمان بن حمد آل خليفة، الذي يشغل أيضًا منصب رئيس وزراء البحرين ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفقًا لصحيفة ستارز آند سترايبس العسكرية الأمريكية.
وتستضيف مملكة البحرين أكبر قاعدة للبحرية الأمريكية في المنطقة، وهي مقر الأسطول الخامس، ما يجعلها ركيزة أساسية للوجود العسكري الأمريكي في الخليج.
وسيتمركز الموقع الجديد في معسكر رأس البر، حيث أوضحت القيادة المركزية أنه سيعمل كـ 'مركز للتخطيط والتنسيق والعمليات الدفاعية الجوية المتكاملة'، بمشاركة قوات أمريكية وبحرينية بشكل مباشر.
هذا يعكس رغبة واشنطن في دمج أنظمة الدفاع الجوي مع حلفائها الخليجيين ضمن شبكة موحدة، قادرة على مواجهة التهديدات الصاروخية والطائرات المسيّرة.
وتأتي هذه الخطوة وسط موجة من العداء المتصاعد بين إسرائيل وإيران، والتي دفعت دول الشرق الأوسط إلى رفع درجات التأهب.
فقد واجهت البحرين تهديدات مباشرة خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران في الصيف الماضي، حيث دوت صفارات الإنذار في أنحاء الجزيرة وحثت السلطات السكان على التوجه إلى الملاجئ.
وعلى الرغم من عدم تعرض البحرين لأي هجمات مباشرة، أطلقت إيران نحو اثنتي عشرة صاروخًا على قاعدة العديد الجوية في قطر، تم اعتراض معظمها بواسطة أنظمة الدفاع الجوي.
لم يُصب أي من أفراد الجيش الأمريكي، لكن أحد الصواريخ أصاب القبة الجيوديسية المخصصة للاتصالات الآمنة، ما أكد حجم المخاطر القائمة.
كما تعرضت قطر لهجوم آخر هذا الخريف عندما استهدفت إسرائيل مسؤولين من حركة حماس في الدوحة، دون أي تحذير مسبق للسلطات القطرية أو الأمريكية.
هذا الهجوم دفع واشنطن إلى تعزيز علاقاتها الدفاعية مع الدوحة، التي تستضيف حوالي 10 آلاف جندي أمريكي وأكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط.
وفي أعقاب ذلك، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أمر تنفيذي يقضي باستخدام كل الوسائل المتاحة للدفاع عن قطر، بينما حضر الأدميرال كوبر الشهر الماضي افتتاح مركز دفاع جوي مشترك آخر في قطر، ليؤكد أن واشنطن تتحرك بسرعة نحو بناء شبكة دفاعية متكاملة في الخليج.
وفي سياق متصل، صادقت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا على صفقة محتملة لبيع معدات صيانة مقاتلات F-16 للبحرين بقيمة 455 مليون دولار، مشيرة إلى أن البحرين تُعد 'قوة مهمة للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط'.
هذه الصفقة تعكس التزام واشنطن بتعزيز القدرات الدفاعية لحلفائها، وتؤكد أن البحرين ليست مجرد موقع استراتيجي للوجود العسكري الأمريكي، بل شريك أساسي في منظومة الأمن الإقليمي.
من الناحية الاستراتيجية، يُنظر إلى هذه الخطوات كجزء من سياسة الردع الأمريكية في مواجهة إيران، خاصة بعد سلسلة من الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية وسفن تجارية في الخليج خلال السنوات الماضية.
كما أن إنشاء هذه المواقع يعكس رغبة واشنطن في طمأنة حلفائها بأن التزامها بأمن المنطقة لا يزال قائمًا، رغم النقاشات الداخلية حول تقليص الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط.
وفي المقابل، يرى محللون أن هذه المواقع قد تمثل أيضًا رسالة سياسية إلى إسرائيل، التي تسعى إلى تعزيز تعاونها الدفاعي مع دول الخليج في مواجهة التهديدات المشتركة.
إذ أن ربط أنظمة الدفاع الجوي بين البحرين وقطر وبقية دول المنطقة قد يفتح الباب أمام تعاون أوسع يشمل إسرائيل، ضمن ما يُعرف بمشروع 'الدرع الإقليمي'.
الخطوة أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط العسكرية والإعلامية، حيث اعتبرتها بعض الصحف الغربية 'إعادة هندسة للبنية الدفاعية في الخليج'، فيما حذر آخرون من أن هذه التحركات قد تزيد من حدة التوتر مع إيران، التي ترى في مثل هذه المواقع تعزيزًا للوجود العسكري الأمريكي على مقربة من حدودها.
ويمثل إنشاء موقع مشترك للدفاع الجوي في البحرين إضافة إلى الموقع الجديد في قطر تحولًا مهمًا في استراتيجية واشنطن الدفاعية في الخليج. فهو يعكس إدراكًا متزايدًا بأن التهديدات الجوية والصاروخية تتطلب شبكة إقليمية متكاملة، ويؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال ترى في أمن الخليج أولوية قصوى ضمن سياستها العالمية، خاصة في ظل تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل.
هذه الخطوة لا تعكس فقط تعزيزًا تقنيًا للبنية الدفاعية، بل أيضًا رؤية سياسية تسعى إلى تثبيت التحالفات التقليدية، وتأكيد أن واشنطن ما زالت اللاعب الأبرز في معادلة الأمن الإقليمي.


































