اخبار البحرين
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٩ تموز ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
تُعد هذه الاتفاقيات امتداداً لسلسلة تفاهمات سابقة بين المنامة وواشنطن، وتأتي في سياق استثمار البحرين في موقعها الجيوسياسي لتعزيز دورها كمحور اقتصادي وأمني في المنطقة.
في مؤشر جديد على تعميق العلاقات الاقتصادية بين البحرين والولايات المتحدة، وقعت المنامة مجموعة اتفاقيات تجارية واستثمارية مع شركات أمريكية بقيمة إجمالية بلغت 17 مليار دولار، بالتزامن مع زيارة ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إلى واشنطن.
ويعكس حجم الاتفاقات الجديدة توجهاً متصاعداً نحو تعزيز الشراكة الثنائية بين البلدين في مجالات استراتيجية، وسط تحولات إقليمية وتنافس عالمي متزايد على النفوذ الاقتصادي في منطقة الخليج.
كما تُعد هذه الاتفاقيات امتداداً لسلسلة تفاهمات سابقة بين المنامة وواشنطن، وتأتي في سياق استثمار البحرين في موقعها الجيوسياسي لتعزيز دورها كمحور اقتصادي وأمني في المنطقة.
وتتزامن أيضاً مع محاولات متواصلة من المنامة لتوسيع قاعدتها الاستثمارية وتنويع مصادر الدخل الوطني، بما يتماشى مع 'رؤية البحرين 2030'.
اتفاقيات كبيرة
وبحسب وكالة أنباء البحرين ووسائل إعلام أمريكية: تضمنت الاتفاقيات التي أُعلنت (18 يوليو 2025) خلال زيارة ولي العهد إلى واشنطن:
- صفقة بين طيران الخليج وشركة بوينغ لشراء 18 طائرة من طراز 787 دريملاينر بقيمة 7 مليارات دولار، مع خيار شراء ست طائرات إضافية، وستزود الطائرات بمحركات GE Aerospace، ما يرفع إجمالي قيمة الشق الجوي من الاتفاق.
- أعلن صندوق 'ممتلكات' السيادي استثمار ملياري دولار في قطاعات الألمنيوم والطاقة والتكنولوجيا المتقدمة داخل الولايات المتحدة.
- استثمارات من القطاع الخاص البحريني بقيمة 10.7 مليارات دولار، وفقاً لوكالة 'رويترز'.
- مذكرة تفاهم مع شركة 'سيسكو' لإنشاء شبكة رقمية حكومية، ضمن مشروع يشمل كابلاً بحرياً بطول 800 كم يربط البحرين بالسعودية والكويت والعراق، لتعزيز البنية التحتية للاتصالات.
- أعلنت شركة 'Oracle' الأمريكية خططاً لتوسيع أعمالها في المملكة بافتتاح مركز بيانات إقليمي يخدم القطاعين العام والخاص، ضمن جهود لتحويل البحرين إلى مركز رقمي في الخليج.
وتضمنت الاتفاقيات أيضاً مجالات الطاقة التقليدية والمتجددة، حيث ناقش الجانبان فرص التعاون في مشاريع الغاز الطبيعي المسال، وإمكانات التوسع في استثمارات الطاقة النظيفة، في ظل توجه البحرين لتعزيز الاستدامة والالتزام بمعايير البيئة والطاقة الحديثة.
كما جرى الاتفاق على تسهيل الإجراءات أمام الشركات الأمريكية الراغبة في الاستثمار بالبحرين، مع تقديم حوافز وتشريعات محفزة، لا سيما في قطاعات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المالية وسلاسل الإمداد، ما يعزز مكانة البحرين كمركز جذب استثماري إقليمي.
وفي قطاع التعليم والتدريب، تناولت الاجتماعات آليات دعم التعاون الأكاديمي ونقل المعرفة، من خلال الشراكة بين جامعات بحرينية وأمريكية، والتركيز على البرامج المشتركة في مجالات الاقتصاد الرقمي والابتكار.
تعزيز العلاقات
وشهدت زيارة ولي العهد البحريني إلى واشنطن لقاءات رفيعة المستوى شملت الرئيس دونالد ترامب، حيث جرى تأكيد أهمية الشراكة الاقتصادية وتوسيع التبادل الاستثماري بين الجانبين، إضافة إلى بحث سبل تسهيل دخول المنتجات البحرينية إلى الأسواق الأمريكية، وفق وكالة الأنباء البحرينية 'بنا'.
وتأتي هذه الاتفاقيات في سياق تطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين، التي تعززت في السنوات الأخيرة، خاصة بعد توقيع اتفاق التعاون الاستراتيجي المتكامل بين البحرين والولايات المتحدة عام 2023، الذي وضع أطر التعاون في مجالات الدفاع والاقتصاد والتكنولوجيا.
كما يُعد السوق الأمريكي أحد أكبر الشركاء التجاريين غير النفطيين للبحرين، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 2.5 مليار دولار في عام 2023، بحسب بيانات رسمية.
وتحتضن البحرين الأسطول الخامس الأمريكي، ما يمنح العلاقة الثنائية بعداً أمنياً استراتيجياً، ويجعل المملكة نقطة محورية في شبكة الانتشار العسكري الأمريكي في منطقة الخليج، إلى جانب كونها مركزاً مالياً وتجارياً إقليمياً.
يرى المحلل الاقتصادي معاذ السمعي أن البحرين تسعى من خلال هذه الاتفاقيات إلى 'ترسيخ مكانتها كشريك موثوق للولايات المتحدة في المنطقة، خصوصاً في ظل تصاعد التنافس الدولي على مجالات التكنولوجيا والطاقة والاتصالات'، مضيفاًلـ'الخليج أونلاين':
- هذه الخطوات تأتي بما ينسجم مع أهداف رؤية البحرين الاقتصادية الرامية لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على العائدات النفطية.
- يتوقع أن تمهد هذه الاتفاقيات الطريق لتعاون أوسع يشمل قطاعات استراتيجية إضافية مثل الأمن السيبراني، والطاقة النووية المدنية، والتعليم الرقمي، في إطار خطة طويلة المدى لتطوير الاقتصاد البحريني وجذب استثمارات نوعية تخدم أولويات التنمية المستدامة.
- مخرجات هذه الاتفاقيات من المتوقع أن تعرض في ملتقيات اقتصادية مقبلة بين الجانبين، تشمل منتدى الأعمال البحريني الأمريكي المزمع عقده أواخر العام، لبحث سبل تعظيم الفائدة من هذه الشراكات، وضمان تنفيذها وفق جداول زمنية واضحة ومؤشرات أداء محددة.
اتفاقيات سابقة
تمثل اتفاقية التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أغسطس 2006، نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية الثنائية، إذ جعلت البحرين أول دولة خليجية تنضم إلى شبكة FTA الأمريكية.
إذ ألغت الاتفاقية الرسوم الجمركية على السلع الصناعية والزراعية، وفتحت الأسواق أمام الشركات الأمريكية في قطاعات الخدمات والاتصالات والصحة، ما أسهم في مضاعفة التبادل التجاري خلال سنوات قليلة، ودخول أكثر من 200 شركة أمريكية إلى السوق البحرينية.
وتعود بدايات التعاون الاقتصادي بين البلدين إلى عام 1999، حين جرت المصادقة على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار كأول اتفاق من نوعه بين واشنطن ودولة خليجية، التي هدفت إلى ضمان معاملة منصفة للمستثمرين، وحمايتهم من المصادرة أو التمييز، وتأمين حرية تحويل الأرباح، مع السماح باللجوء إلى التحكيم الدولي، ما عزز ثقة الشركات الأمريكية ومهّد لشراكة أوسع لاحقاً.
وفي إطار سعي البحرين لتصبح منصة تصدير إقليمية، وُقعت في عام 2021 مذكرة تفاهم لإنشاء منطقة التجارة الأمريكية في مدينة سلمان الصناعية، ووُضع حجر الأساس لها في 2022.
وتهدف المنطقة إلى استقطاب الاستثمارات الأمريكية عبر تسهيلات لوجستية وربط بحري وجوي وبري متكامل، لتكون بوابة تصدير نحو أسواق الخليج، مع تسريع الإجراءات الجمركية وتقديم امتيازات تنافسية.
كما دخلت اتفاقية الامتثال الضريبي (FATCA) بين البحرين والولايات المتحدة حيز التنفيذ في عام 2018، ما ألزم المؤسسات المالية البحرينية بالإفصاح عن حسابات المواطنين الأمريكيين، والتي هدفت إلى تعزيز الشفافية والامتثال الضريبي، وحماية النظام المالي البحريني من العقوبات، مما عزز موثوقية المنظومة المالية إقليمياً ودولياً.