هل تأثرت استثمارات دول الخليج في روسيا بسبب عقوبات الغرب؟

يوسف حمود - الخليج أونلاين

ما أبرز الدول الخليجية المستثمرة في روسيا؟

قطر، الإمارات، السعودية.

كم تملك قطر من استثمارات وفق آخر الإعلانات؟

نحو 20 مليار دولار.

هل تأثرت الاستثمارات عقب الحرب؟

وفق المعلومات، فإن الاستثمارات زادت في وقتٍ تبحث روسيا عن مزيدٍ منها. 

بعد أن وجدت نفسها محاصرة بعقوبات غربية مؤثرة، على خلفية غزوها لأوكرانيا في فبراير من العام الماضي، عملت روسيا على إيجاد بدائل لاحتواء أثر تلك العقوبات، فوّلت وجهها صوب دول الخليج؛ على أمل استقطاب استثمارات تساعدها في التنفيس عن أزمتها.

وما ساعد روسيا في التوجه نحو دول الخليج الغنية، أنها أعلنت حيادها في الحرب الروسية الأوكرانية، ورفضت الانخراط في العقوبات.

وتعد قطر من أكبر المستثمرين خليجياً وعربياً في روسيا، في حين وسعت السعودية والإمارات خلال فترة الحرب من استثماراتهما في روسيا، ما يطرح مزيداً من التساؤلات، عن مدى نجاح تلك الاستثمارات من فشلها؟

الأولى عربياً وخليجياً

تعتبر قطر من أكبر الدول التي على علاقة متساوية بأطراف الأزمة الأوكرانية كافة، ففي حين ساهمت في تخفيف معاناة أوروبا من نقص الطاقة، كانت استثماراتها في الوقت ذاته بروسيا هي الأكبر، مقارنةً بدول خليجية وعربية أخرى.

وتنقل وكالة 'سبوتنيك' الروسية عن السفير الروسي في الدوحة، دميتري دوجادكين، إشادته بموقف قطر من بلاده إزاء الحرب الدائرة بين موسكو وكييف، مشيراً إلى أنها 'ما تزال أكبر مستثمر عربي في روسيا، على الرغم من الضغوط الخارجية الكبيرة التي تواجهها'.

السفير الذي كان يتحدث في احتفال بمناسبة عيد بلاده الوطني، أكد أن 'حجم الاستثمارات القطرية المباشرة يتجاوز 20 مليار دولار'، معرباً عن 'ثقته بإمكانية زيادة التعاون الثنائي بشكل أكبر في المستقبل'.

وعقب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، في 24 فبراير 2022، قالت وكالة 'بلومبيرغ' الاقتصادية إن قطر متمسكة بالاحتفاظ بأصول في روسيا بمليارات الدولارات في استثمارات استراتيجية وطويلة الأمد.

ضخ سعودي

وعلى صعيد السعودية، فإن نشاط الاستثمارات في روسيا قد استمر خلال الأزمة لتشمل مختلف مجالات الطاقة، والنقل الجوي والبحري، والخدمات اللوجستية، وقطاع تكنولوجيا المعلومات، مما يؤكد عدم تأثرها بالعقوبات الغربية.

وفي تأكيد لاستمرار التوجه السعودي نحو روسيا، أعلنت شركة 'المملكة القابضة' السعودية في 14 أغسطس 2022، أنها ضخت استثمارات جديدة في ثلاث من كبريات شركات الطاقة الروسية بقيمة ملياري ريال سعودي (520 مليون دولار).

وتعززت علاقات البلدين منذ زيارة العاهل السعودي الملك سلمان، لموسكو في أكتوبر 2017، حيث تم الاتفاق على بناء شراكة متينة في جميع المجالات، وإنشاء صندوق استثماري مشترك بقيمة 10 مليارات دولار.

وفي مارس 2023، قال وزير الخارجية الروسي سيرغى لافروف، خلال استقباله نظيره السعودي فيصل بن فرحان في موسكو، إن بلاده تنسق مع الرياض في المستويات كافةً، خصوصاً في 'قطاعات التجارة والاقتصاد والاستثمارات'.  

ولا توجد إحصائية رسمية من الجانبين عن حجم الاستثمارات السعودية في روسيا، لكن قناة 'روسيا اليوم' ذكرت في 17 يونيو الماضي، وجود مساعٍ حثيثة لانعقاد اللجنة الروسية-السعودية الحكومية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني.

لا تأثير

يرى الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي، أنه رغم العقوبات الكبيرة ضد روسيا فإن الاستثمارات الخليجية 'ما زالت تجد في السوق الروسية الفرصة الأكثر أماناً وثقة وطمأنينة من أنه لن يتم السطو عليها'.

وأوضح العبسي في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، أنه 'لا يمكن لمن يدير الاستثمارات الخليجية في السوق الروسية أن يغامر، ما لم يقم بدراسة وتمحيص واسع للبيئة الاستثمارية والقانونية والفرص الأكثر جدوى وأماناً'.

ويعتقد أن ترك كثير من الاستثمارات الأجنبية السوق الروسية بسبب العقوبات الغربية، 'منح الأفضلية للفرص الاستثمارية لدول الخليج، والتي أصبحت فيها متوافرة بشكل أكبر من السابق.

وأضاف: 'لذلك نرى أن هناك زيادة في الاستثمارات الخليجية عكس توقع البعض أنها قد تنخفض، بسبب هذه العقوبات'.

وحول ما إذا كان الاقتصاد الروسي يواجه صعوبات تنعكس على الاستثمارات الخليجية، يقول العبسي: 'نمو الاقتصاد الروسي لا يزال مستمراً، حيث كان في المرتبة العاشرة في ترتيب الاقتصاديات العالمية، ولكن مع نهاية عام 2022 احتل المرتبة الثامنة، وهو ما كان مغايراً للتوقعات'.

ويؤكد أن روسيا التي تبحث بشكل واسع في الخليج عن جلب الاستثمارات إليها، 'لها مصلحة كبيرة في ذلك سواءً مع دول الخليج أو غيرها'.

ويضيف: 'لذلك ستعمل روسيا كل ما يلزم وتقدم حوافز كبيرة ومختلفة لقدوم الاستثمارات الخليجية، بهدف مواجهة الضغوطات والعقوبات الاقتصادية والحصار، وآثار الحرب الطاحنة'.

استثمارات إماراتية.. ودعوات مكثفة

ويقود الروس حملة مكثفة لاستقطاب استثمارات من دول الخليج إلى بلادهم.

وفي ملتقى الاستثمار السنوي الذي عُقد في مايو 2023 بأبوظبي، عرضت الحكومة الروسية فرص الاستثمار في السوق الروسية في منتديين وجناح خاص لجمع شركات روسية بمستثمرين، مشددة على أن الاقتصاد الروسي بخير رغم تداعيات الحرب.

في تقرير نشرته صحيفة الخليج الإماراتية (أكتوبر 2022)، قالت إن الإمارات تعد أحد أكبر المستثمرين عربياً في روسيا، مشيرة إلى أن رصيد الاستثمارات الأجنبية المتبادلة بين الإمارات وروسيا بلغ نحو 1.8 مليار دولار في 2018.

لكن وكالة 'بلومبيرغ' الأمريكية ذكرت في أواخر فبراير من العام الماضي، أن الإمارات لا تنوي سحب استثماراتها.

وأشارت الوكالة إلى أن شركة 'مبادلة' الذراع الاستثمارية لإمارة أبوظبي لديها ما لا يقل عن 3 مليارات دولار من الاستثمارات مع روسيا.

دول الخليج الأخرى

ولا تكشف الكويت عن استثماراتها في روسيا، لكنها عبر الهيئة العامة للاستثمار في الكويت، قالت في أواخر مارس 2022، إن أموالها المستثمرة في روسيا وأوكرانيا 'لا تكاد تُذكر' ولا تتعدى 0.29% من إجمالي استثمارات صندوق احتياطي الأجيال القادمة الذي تديره، والذي يملك نحو 700 مليار دولار.

أما البحرين، فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (مايو 2022)، أن المملكة ضاعفت الاستثمارات في روسيا خلال الفترة الماضية، لكنه لم يكشف عن حجمها، في حين لا تعلن الجهات البحرينية عن نسبة الاستثمارات في موسكو،.

ومثلها سلطنة عُمان التي لا تعلن عن مدى حجم امتلاكها استثمارات في روسيا، لكنها في يونيو الجاري (2023)، وقعت اتفاقية مع موسكو لـ'تجنب الازدواج الضريبي على الدخل ومنع التهرب من الضرائب'.

وتهدف الاتفاقية، بشكل رئيس، إلى 'الحماية القانونية للمستثمرين من فرض ضرائب مزدوجة وتنظيم فرض الضريبة بين البلدين الصديقين، ما سيسهم في تعزيز الاستثمارات والتبادل التجاري بينهما'.