"جهود مستمرة".. هكذا تكافح دول الخليج ظاهرة الاتجار بالبشر

يوسف حمود - الخليج أونلاين

جاءت في المستوى 2 (البرتقالي) وهو الأضعف.

تعمل جاهدة في تحسين مكافحتها للاتجار بالبشر بسن قوانين وعقوبات مغلظة.

لا تزال ظاهرة مكافحة الاتجار بالبشر تؤرق المنظمات الدولية، وبشكل أساسي الأمم المتحدة؛ مع تزايد نسب الظاهرة بدلاً من تراجعها دولياً، خصوصاً خلال السنوات الماضية، وسط الحروب والاقتتال في كثير من الدول، وانهيار اقتصاديات دول مختلفة خلال العامين الأخيرين.

وتعد دول الخليج من أبرز الدول التي تستقطب عشرات الملايين من العمالة الوافدة من أنحاء العالم، باعتبارها دولاً غنية وفيها الكثير من فرص العمل المتنوعة.

وتكافح دول الخليج بشكل ملموس لمكافحة عصابات الاتجار بالبشر وأصحاب النفوس الضعيفة، لما لهذه الآفة من أخطار تهدد أمن المجتمعات الخليجية.

تعهدات خليجية

بالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، 30 يوليو، تعهدت الكويت عبر اللجنة الوطنية الدائمة المعنية بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمنع الاتجار بمكافحة الأشخاص وتهريب المهاجرين، مشيرة إلى أنها 'تشاطر المجتمع الدولي مكافحة الاتجار بالأشخاص لا سيما أبعاد هذه الجريمة وخطورتها'.

وفي السعودية، قال النائب العام، الشيخ سعود بن عبد الله المعجب، إن بلاده عملت على حماية الحقوق ورعاية الضمانات، وفق أنظمتها والمعاهدات والمواثيق الدولية التي انضمت إليها ذوات العلاقة، كما شرّعت أنظمة خاصة تُعنى برعاية المصالح المحمية في هذا الشأن، وأقرت العقوبات النظامية حال الجناية عليها.

أما البحرين فقد قالت إن اهتمامها بـ'حقوق الإنسان واحترام الحرية، يأتي وفقاً لأحكام الدستور ومبادئ ميثاق العمل الوطني والتشريعات الوطنية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، تعززت بخطوات جادة وإجراءات رائدة، ساهمت في تعزيز العمل المؤسسي الحقوقي ومكافحة الاتجار بالأشخاص وفق منظومة شاملة ومتكاملة'.

فيما قال عبد الله بن سلطان النعيمي، وزير العدل رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في الإمارات، إن بلاده 'تولي اهتماماً كبيراً لمحاربة جريمة الاتجار بالبشر، وتؤمن بأهمية تضافر الجهود الوطنية والدولية لمكافحة هذه الجريمة التي تعتبر واحدة من أبشع الجرائم المنظمة العابرة للحدود الوطنية'.

من جانبها قالت عُمان على لسان شرطتها، إنها عززت جهودها لضمان حقوق الإنسان، 'والتصدي للجرائم المستجدة والدخيلة على المجتمع التي تمس الكرامة والحقوق والحريات، بإنشاء لجنة وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، تضم جميع الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة بمكافحة هذه الجريمة'.

جهود مستمرة

تعمل دول الخليج بشكل مستمر على تنفيذ خطوات في إطار مكافحة البشر، ففي مارس 2022، حيث شاركت في برنامج دبلوم اختصاصي مكافحة الاتجار بالبشر عُقد بإمارة دبي، بحضور أكثر من 100 مشارك يمثلون الأجهزة الأمنية والمؤسسات الحكومة المعنية بمكافحة الاتجار بالبشر من دول مجلس التعاون والدول العربية.

وبالخطوات الفردية، فقد أعلنت وزارة العمل القطرية، ممثلة باللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، في فبراير 2022، تدشين وسائل تواصل مُباشرة للإبلاغ عن الشكاوى بشأن التجاوزات المتعلقة بقضايا وجرائم الاتجار بالبشر، مشيرة إلى أن هذه الخطوة 'انطلاقاً من التزام الدولة بحقوق الإنسان، وفي إطار رؤيتها الوطنية 2030'.

أما الإمارات فقد أكدت، في 30 يوليو، أن عقوبة إنشاء أو إدارة موقع إلكتروني للاتجار بالبشر، تتضمن معاقبة بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن 500 ألف درهم (136 ألف دولار)، ولا تزيد على مليون (272 ألف دولار).

فيما قالت النيابة العامة السعودية إن كل من حاز أشياء متحصلة من إحدى الجرائم المنصوص عليها في نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، أو إخفائها، أو صرفها، أو أخفى شخصاً (أو أكثر) من الذين اشتركوا فيها، يعاقب بالسجن مدة تصل إلى 5 سنوات، وغرامة تصل إلى 200 ألف ريال (53 ألف دولار).

أما البحرين، فقد كشفت أنه خلال نحو عام ونصف، 2021 ومنتصف 2022، بلغ مجموع القضايا التي بها شبهة اتجار بالأشخاص 54 قضية، فيما بلغ عدد المتهمين 81 متهماً، و33 متهمة، في حين بلغ عدد المجني عليهم الذين قدم لهم الدعم النفسي والقضائي 269 ضحية، كما تم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال 4 مرافق سياحية ومنشآت، وصدرت قرارات قضائية بإغلاقها.

الكويت بدورها أعلنت، في 28 يوليو 2022، أنها ساعدت أكثر من 400 شخص من ضحايا الاتجار بالبشر والعمالة المستضعفة بالعودة إلى بلدانهم الأصلية منذ العام 2018.

تصنيف أمريكي

رغم الجهود التي تبذلها الدول الخليجية في مكافحة الاتجار بالبشر، وخصوصاً منذ يوليو 2021 وحتى يوليو 2022، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن بعض الدول، منها الخليجية، لم تقم بكل المطلوب منها.

ونشرت الخارجية الأمريكية، في 19 يوليو، تقريراً حديثاً لها حول 'الاتجار بالبشر لعام 2022'، سلط الضوء على مدى انتشار هذه الظاهرة حول العالم، والجهود التي بذلتها الدول لمعالجتها.

ونشرت خريطة، وقالت إن المستوى 3 (اللون الأصفر) يتمثل في البلدان التي لا تلبي حكوماتها الحد الأدنى من المعايير تماماً، ولكنها تبذل جهوداً كبيرة لتحقيق ذلك، وجاء فيها السودان، ومصر، والعراق، و'إسرائيل'، والأردن، ولبنان، والمغرب، وتونس، وتركيا، إضافة إلى أربع دول خليجية هي سلطنة عُمان، وقطر، والسعودية، والإمارات.

أما قائمة المراقبة من المستوى 2 (البرتقالي)؛ وهي البلدان التي لا تلبي حكوماتها الحد الأدنى من المعايير تماماً وتبذل جهوداً كبيرة لتحقيق ذلك، لكن أعداد الضحايا فيها كبيرة جداً وتتزايد، وحكوماتها لا تتخذ إجراءات ملموسة، أو هناك إخفاق في تقديم أدلة على زيادة الجهود، وورد فيها دولة خليجية هي 'الكويت'.

أما المستوى 1 (في الخريطة باللون الأخضر): وهي الدول التي تلبي حكوماتها بالكامل الحد الأدنى من معايير القانون للقضاء على الاتجار بالبشر، وورد فيها اسم دول عربية واحدة هي البحرين.

وتحافظ المنامة على هذا المركز منذ عام 2018 وحتى 2022، ضمن توجيهات الحكومة البحرينية وجهودها بإرساء قواعد المساواة وتعزيز حقوق الإنسان لكل المواطنين والمقيمين في المملكة دون تمييز.

خطوات سابقة

سابقاً قامت دول الخليج بخطوات تعتبرها جادة في مكافحة الاتجار بالبشر، فالسعودية مثلاً سبق أن حسنت وضعها عام 2020 في تقرير الخارجية الأمريكية؛ حيث رفعها التقرير الأمريكي حينها من قائمة أسوأ الدول في مكافحة الاتجار بالبشر عبر آليات موسعة.

بدورها أولت قطر اهتماماً كبيـراً بمكافحة جريمة الاتجار بالبشر؛ حيث لم تدخر جهداً في إرساء الإطار القانوني والمؤسسي الوطني، ودعم كافة الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة الظاهرة، وما يرتبط بها من ظواهر؛ مثل العمل القسري، والرق المعاصر، وعمالة الأطفال.

ومن بين أبرز ما قامت به أنها أنشأت، في ديسمبر 2020، مكتباً أممياً لمكافحة الاتجار بالبشر في الدوحة، من خلال التنسيق مع الجهات المعنية؛ سعياً منها لدعم التغلب على هذه الظاهرة محلياً ودولياً.

خلال عامي 2020 و2022 عملت سلطنة عُمان على إطلاق العديد من القوانين والحملات لنشر الوعي حول التعامل مع مثل هذه الحالات بالتنسيق مع الجهات الرسمية، حيث كان أبرز ذلك تدشين اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر 'حملة إنسان'، التي تهدف إلى نشر الوعي بين مختلف شرائح المجتمع حول جرائم الاتجار بالبشر.

وأنشأت الإمارات خلال الفترات السابقة عدة مؤسسات لتقديم الرعاية والتأهيل لضحايا الاتجار بالبشر؛ منها مراكز 'إيواء'، ومؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، ومركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية، ومركز حماية المرأة في الشارقة.