"باربي" يثير الجدل.. ما سر منع عرض الفيلم الهوليودي بدول خليجية؟

سلمى حداد - الخليج أونلاين

فيلم باربي يواجه اتهامات بترويج أفكار دخيلة على المجتمعين الإسلامي والعربي مثل المثلية وخدش الآداب العامة. 

جدل حاد أثاره فيلم 'باربي' الذي لا يتوقف عن تحقيق أرقام إيرادات قياسية بالعالم، بعد منعه في بعض الدول العربية والإسلامية تحت بند 'ترويج أفكار دخيلة على المجتمع'.

لكن حتى هذه النقطة لم تكن محط إجماع لدى كل الدول الإسلامية بعد أن سُمح بعرضه في دول لديها معايير صارمة للأفلام وعلى رأسها السعودية؛ ما جعل عاصفة من التساؤلات تثار حول طبيعة الفيلم وما يقدمه.

تدور أحداث الفيلم حول دمية تدعى 'باربي' تعيش في مدينة 'باربيلاند'، ويتم طردها من المدينة، لأنها غير مثالية لكي تعيش فيها، لتنطلق في مغامرة بالعالم الحقيقي على أمل إثبات جدارتها والعودة إلى وطنها.

والفيلم من بطولة مارغوت روبي ورايان غوسلينغ وعيسى راي، وإخراج غريتا جيرويغ، وشارك في كتابته المخرج والسيناريست نواه بومباخ.

واستطاع فيلم 'باربي' أن يتجاوز التوقعات ويصل إلى المرتبة السادسة بقائمة الأفلام الأعلى تحقيقاً للإيرادات خلال عام 2023، إذ استطاع تخطي حاجز 700 مليون دولار في شباك التذاكر حول العالم.

وبلغت تكلفة إنتاج الفيلم 100 مليون دولار، وهو ما يعد رقماً كبيراً جداً في عالم الإنتاج السينمائي.

السعودية والبحرين

في المملكة العربية السعودية وجارتها البحرين، أعلِنَ عن بدء عرض الفيلم اعتباراً من 10 أغسطس الجاري.

وحول ذلك ذكر موقع 'ذا هوليوود ريبورتر' الأمريكي، أنه في مشهد مناقض لما كانت عليه الحال قبل سنوات، أصبح الخليجيون يسافرون إلى السعودية لمشاهدة الأفلام السينمائية في دور العرض.

وقال التقرير الذي نشره الموقع في 12 أغسطس 2023، إنه في مؤشر على 'الاتجاهات الثقافية التاريخية المعكوسة'، أصبحت السعودية مقصداً لمقيمين في بلدان خليجية، إذا كانوا يريدون تجاوز القيود الصارمة على السينما لديهم، ومشاهدة فيلم 'باربي'.

وفي البحرين، فتحت 'شركة البحرين للسينما' (سينيكو) الحجوزات لفيلم 'باربي'، وذلك في 10 أغسطس بشاشاتها المتنوعة، حسبما نشرت صحيفة 'البلاد' المحلية.

تأجيل إماراتي

في 4 أغسطس الجاري، أعلن مجلس الإمارات للإعلام السماح بعرض فيلم 'باربي' في جميع دور السينما بالبلاد، اعتباراً من 31 أغسطس الجاري.

وكان من المقرر أن يصل فيلم الفانتازيا إلى دور السينما في الدولة منتصف يوليو، لكن تم تأجيله.

وتأتي موافقة المجلس بعد استكمال إجراءات المتابعة للفيلم، بما يتوافق مع معايير المحتوى الإعلامي والتصنيف العمري الإماراتي، دعماً للأعمال السينمائية العالمية التي تسهم في إثراء الاقتصاد الإبداعي والقطاع الترفيهي بالدولة، حسب وكالة 'وام' الرسمية.

سلطنة عمان وقطر

لم تعلن سلطنة عمان رسمياً عن منع عرض الفيلم أو السماح به، لكن مواقع محلية بينها 'عين عمان' و'الخنجر ميديا'، أكدت أن 'باربي' ممنوع من العرض في البلاد، بسبب 'احتوائه على مشاهد غير ملائمة للأطفال وتركيزه على قصص المثلية'.

A post shared by عين عُمان (@oman_eye_)

أما في قطر فلم يُعلَن عن عرض الفيلم أو منعه، لكن بعض النشطاء على مواقع التواصل تحدثوا عن منعه، وهو ما لم يتسن التثبت منه رسمياً.

حرص كويتي

نقلت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا)، في 10 أغسطس الجاري، عن وكيل وزارة الإعلام رئيس لجنة رقابة الأفلام السينمائية لافي السبيعي، تأكيده حرص اللجنة 'على منع كل ما يخدش الآداب العامة أو يحرّض على مخالفة النظام العام والعادات والتقاليد ويدعو لأفكار دخيلة على المجتمع'، معلناً بذلك منع عرض الفيلم.

لماذا المنع؟

وفي رؤية فنية ناقدة للفيلم، قال السيناريست والمخرج السينمائي العماني هيثم سليمان: إن 'الفيلم بعيد تماماً عن شخصية باربي أو الدمية التي يلعب بها الأطفال ويحبونها'.

وأضاف سليمان في حديثه لصحيفة 'الرؤية' العمانية، في تقرير نشرته يوم 29 يوليو الماضي، أن 'قصة الفيلم عبارة عن أجندة نسوية منفّرة'.

وتابع: 'كان من المفترض تسمية الفيلم: (حرب النساء ضد الرجال)؛ لأنه لا يمتُّ بِصلة إلى أي توقعات رسمناها عن قصة الدمية باربي وما يحيط بها من عالم بريء يتناسب مع أنوثة المرأة في طفولتها، وإنما جاء ليغير كثيراً من المفاهيم لدى الناشئة، فضلاً عن وجود شخصية شاذة بالفيلم'.

ورأى أن هوليوود بدأت مؤخراً في تقديم أعمال تتماشى مع ثقافة 'الووك' (التمرد على الثقافة الموروثة) التي يدعمها الحزب اليساري الأمريكي باستخدام آلة الإعلام، وما الترويج الضخم لفيلم باربي إلا مثال صارخ لهذا التوجه.

واعتبر المخرج العماني، أن هذا التوجه لن يسهم إلا في تدمير العلاقات الاجتماعية وإفساد الأطفال بأفكار سامة.

انتقاد أمريكي

من بين أكثر المنتقدين صراحة للعمل حتى الآن، جينجر غيتز، زوجة مات غيتز العضو الجمهوري في الكونغرس الأمريكي عن ولاية فلوريدا والذي يناهض الحق في الإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

وشنت غيتز حملة شرسة، على موقع 'إكس' (تويتر سابقاً) ضد الفيلم، قائلة: 'هل تفكرون في مشاهدة فيلم باربي؟ أوصي بالاكتفاء باستلهام الأزياء من العمل والتخلي عن الذهاب إلى السينما'، وفق صحيفة 'الإندبندنت' البريطانية.

وأضافت: 'باربي التي نشأت معها كانت تمثل الإمكانات غير المحدودة والإقبال على وظائف متنوعة وتمكين النساء. لسوء الحظ، يتجاهل فيلم باربي لعام 2023، مقاربة أي فكرة عن العقيدة أو الأسرة، ويحاول تطبيع فكرة أن الرجال والنساء لا يمكن أن يتعاونوا بشكل إيجابي. كم هذا مقرف!'.

كما نشرت جينجر غيتز تعليقاً كارهاً للمتحولين جنسياً في مراجعتها للفيلم، قائلةً: إن 'انخفاض هرمون التستوستيرون (هرمون رئيسي لدى الذكور) لدى شخصية كين (يؤديها ريان غوسلينغ في الفيلم)، وطاقة السيطرة التي تتمتع بها باربي كانا عاملَين منفِّرين شديدين'، في إشارة إلى رفضها فكرة التحوُّل الجنسي، والسيطرة الطاغية للنساء.

جوانب إيجابية

ومن وجهة نظر ثانية، رأت الصحفية الأردنية المتخصصة بالفن والسينما، إسراء الردايدة، أن 'فيلم باربي له جوانب إيجابية وسلبية'.

وأوضحت الردايدة في تصريحات لجريدة 'الرؤية' العمانية ضمن تقرير نشرته حول الفيلم، أن الجانب الإيجابي يُظهر أن المرأة يمكن أن تكون قوية ومستقلة وقادرة، كما يظهر أن المرأة يمكن أن تكون ناجحة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وغيرها من المجالات التي يهيمن عليها الذكور تقليدياً.

وأضافت الصحفية الأردنية أنه 'في الجانب السلبي، يمكن اعتبار الفيلم ترويجاً للقوالب النمطية الجنسانية'.

وتابعت أنه 'على سبيل المثال، غالباً ما تظهر باربي على أنها مهتمة بالموضة والجمال أكثر من اهتمامها بموضوعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إضافة إلى أن الشرير غالباً ما يكون رجلاً يتم تصويره على أنه شرير وجشع، ولذلك يمكن اعتبار ذلك بمثابة تعزيز للصورة النمطية القائلة بأن الرجال أكثر عرضة لأن يكونوا أشراراً من النساء وهذا سلبي'.

وهذه ليست المرة الأولى التي يثار فيه الجدل حول أفلام معينة أو يتم منع عرضها بدول عربية وخليجية، فقد تكرر ذلك كثيراً خلال الأعوام القليلة الماضية.

وفي عام 2021، منعت السعودية وقطر والكويت والأردن ومصر عرض فيلم 'الأبديون' أو 'Eternals'، من بطولة أنجلينا جولي؛ لرفض شركة 'والت ديزني' حذف مشاهد لشخصيات مثلية.

ومنع لبنان في يوليو من عام 2022، فيلم 'مينيونز'، ويعتقد ناشطون أن المنع جاء بسبب تضمن القصة شخصية راهبة شريرة، أو بسبب مشهد قصير يتعانق فيه شابان.

وفي شهر يونيو من العام نفسه، منع كل من لبنان والإمارات والسعودية والكويت ومصر، فيلم 'لايت يير'، بسبب تضمنه مشهداً لقُبلة بين امرأتين.

وباتت عدة دول عربية تطلب من شركات الإنتاج حذف مشاهد للموافقة على عرض بعض الأفلام، إذ طلبت السعودية عام 2022 اقتطاع الإشارة إلى المثليين في فيلم 'دكتور ستراينج' قبل الموافقة على عرضه.