عودة مفاوضات "التجارة الحرة".. ما حجم العلاقات بين اليابان والخليج؟

سلمى حداد - الخليج أونلاين

بلغ أكثر من 90 مليار دولار قبل جائحة كورونا التي أثرت على حركة التجارة العالمية.

ترتبط دول مجلس التعاون الخليجي بعلاقات متينة مع اليابان بعضها يرجع لأكثر من 60 عاماً وأخرى وصلت لدرجة الشراكة الكاملة خاصة على الصعيد الاقتصادي والتجارة والاستثمارات المتبادلة.

وتُعتبر اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وهي أيضاً ثالث أكبر اقتصاد صناعي بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين، إلا أنها تفتقر إلى الموارد الطبيعية اللازمة لتأمين استمرارية إنتاجها الصناعي والتكنولوجي.

لذلك تعد اليابان أكبر مستورد في العالم للغاز الطبيعي المسال، وثالث أكبر مستورد للمنتجات النفطية والنفط الخام في العالم، وهو ما تجده لدى دول الخليج التي تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على صادرات النفط والغاز والمنتجات النفطية الأخرى، لذلك كانت العلاقات بين الجانبين ذات أولوية مشتركة.

كما أن المكانة المتميزة التي يحتلها الاقتصاد الياباني في العلاقات الاقتصادية الدولية وكنتيجة مباشرة لتمتع دول الخليج بمكانة دولية مرتفعة في سلاسل الإمداد العالمية للطاقة، مع امتلاكها أسواقاً محلية مرتفعة الطاقة الاستيعابية للاستهلاك والاستثمار، كان من الطبيعي أن تنشأ العلاقات بين الجانبين.

التبادل التجاري

في 16 يوليو 2023، أعلن مجلس التعاون الخليجي استئناف مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دوله الست واليابان، مشيراً إلى أن الاتفاقية 'ستمهد الطريق لإطار اقتصادي شامل'.

وأكد بيان مجلس التعاون أن دول الخليج تتطلع إلى ترسيخ العلاقات التجارية والاستثمارية مع طوكيو.

وبلغة الأرقام وصل حجم الصادرات الخليجية إلى اليابان إلى أرقام قياسية، فارتفع من قرابة 55.8 مليار دولار في العام 2016 إلى 91.7 مليار دولار في العام 2018، قبل أن يعود للانخفاض مجدداً، في العام 2020، إلى نحو 54 مليار دولار بسبب تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي بشكل عام.

لكن يمكن القول إن إجمالي صادرات دول الخليج إلى اليابان في الوضع الطبيعي تزيد على 90 مليار دولار.

أما واردات دول الخليج من اليابان، فقد بلغت في العام 2020، نحو 17.3 مليار دولار، متراجعة من 24.3 مليار دولار في العام 2018.

وتتمثل الصادرات الخليجية إلى اليابان في النفط الخام، والغازات (الغاز المسال، والبروبان المسال، والبوتان المسال)، والنفط الخفيف، والألمنيوم، والكيماويات العضوية، وخردة النحاس، والمواد البلاستيكية، والأحجار الثمينة.

أما واردات اليابان إلى دول الخليج، فتتمثل في السيارات، والآلات، والحديد والصلب، والآلات الكهربائية، والمطاط (الإطارات في الغالب)، والمنسوجات، والسلع البصرية، إضافة إلى المواد الغذائية.

وبشكل مفصل، فإن حجم التبادل التجاري بين اليابان والمملكة العربية السعودية بلغ، في العام 2020، 38.4 مليار دولار.

وكانت قيمة الصادرات السعودية إلى اليابان 32.9 مليار دولار، وقيمة الواردات السعودية من اليابان بقيمة 5.5 مليار دولار.

أما في الإمارات فقد بلغ حجم التبادل التجاري مع اليابان، العام الماضي، نحو 30.5 مليار دولار.

وقُدرت قيمة صادرات الإمارات إلى اليابان بـ26 مليار دولار، في حين ارتفعت وارداتها من اليابان إلى 6.5 مليار دولار.

أما على صعيد قطر فيبلغ حجم تبادلها التجاري مع اليابان نحو 77.3 مليار دولار في العام 2020.

وبلغت قيمة الصادرات القطرية إلى اليابان نحو 51.5 مليار دولار، في حين وصلت قيمة الواردات القطرية من اليابان خلال 2020، إلى ما قيمته 25.8 مليار دولار.

وتشير البيانات الرسمية الكويتية إلى أن إجمالي حجم التبادل التجاري مع اليابان بلغ في العام 2020، 3 مليارات دولار.

وتحتل الكويت المرتبة الثالثة بين الدول المصدرة للنفط إلى اليابان، حيث بلغت صادرات النفط الكويتية إليها، بين عامي 2019-2020، ما يقرب من 11.3 مليار دولار.

وتكشف بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات العماني، أن حجم التبادل التجاري بين السلطنة واليابان يبلغ 3.6 مليارات دولار سنوياً.

أما في البحرين، فيبلغ حجم تبادلها التجاري مع اليابان نحو مليار دولار سنوياً، حسب تصريحات سابقة لرئيس جمعية الصداقة البحرينية اليابانية ناصر العريض.

الاستثمارات

تشير بيانات أرصدة الاستثمارات اليابانية المباشرة لمنطقة الشرق الأوسط، حسب دراسة أعدها مركز 'ترند' للبحوث والاستشارات بالسعودية، أن الاقتصادين السعودي والإماراتي هما الوجهتان الأكثر جاذبية للاستثمارات اليابانية.

وما بين الأعوام 2016 و2020، دارت حصة هاتين الوجهتين حول 78% تقريباً من أرصدة الاستثمارات اليابانية في الشرق الأوسط.

وبلغت الأرصدة الإجمالية للاستثمارات اليابانية في الشرق الأوسط نحو 8.8 مليارات دولار، كانت حصة الاقتصادين السعودي والإماراتي تبلغ نحو 7.4 مليارات دولار.

وفيما يتعلق بأرصدة الاستثمارات الخليجية في الاقتصاد الياباني، فإن الاستثمارات السعودية بلغت، حسب الدراسة ذاتها، نحو 28 مليون دولار، فيما تبلغ قيمة الاستثمارات الإماراتية 440 مليون دولار حتى العام 2020.

كما تملك قطر أصولاً استثمارية في اليابان تقدر بـ300 مليون دولار، بحسب ما أكده السفير الياباني لدى قطر، كازوو سوناغا، في تصريحات صحفية له العام الماضي.

وتملك الكويت وسلطنة عمان استثمارات في اليابان، لكن لا تتوفر بيانات دقيقة حول حجم هذه الاستثمارات، فيما لا يوجد استثمارات بحرينية في الدولة الواقعة في شرق آسيا.

صداقة طويلة الأمد

وحول العلاقات اليابانية الخليجية، يقول البروفيسور كانيهارا نوبوكاتسو من جامعة دوشيشا اليابانية: إن 'العلاقات الخليجية اليابانية قوية وتربط الجانبين صداقة طويلة الأمد في تبادل وجهات النظر'.

وأضاف نوبوكاتسو، خلال ندوة نظمها مركز 'ريكونسنس' الكويتي للبحوث والدراسات، بالتعاون مع السفارة اليابانية لدى الكويت: إن 'منطقة الخليج واستقرارها أمر مهم بالنسبة لليابان'، مشيراً إلى أنه لتحقيق ذلك هناك العديد من التحديات التي يجب دراستها ومعالجتها على أساس مبدأ الصداقة والاحترام المتبادل.

من جهته، قال الدكتور عبد الله يوسف سهر من جامعة الكويت، في الندوة ذاتها: إن 'اليابان تستورد حوالي 4 ملايين برميل نفط يومياً من دول الخليج العربي'.

وأشار سهر إلى أن دولة الكويت وحدها تصدر حوالي 9% من احتياجات اليابان للنفط، وأن حوالي 90% من ناقلات النفط اليابانية تمر عبر الخليج العربي إلى اليابان.

وأضاف الأستاذ في جامعة الكويت أنه 'لا ينبغي أن تعتمد العلاقات الثنائية فقط على تبادل النفط مقابل الدولار، بل يجب أن يكون هناك تبادل تجاري مثل الاستثمار في الشركات الصغيرة والمشاريع التجارية، أو يمكن أن يكون التبادل النفطي مقابل تبادل تكنولوجي لا مالي، فالتكنولوجيا هي المستقبل'.

وفي حديثه عن العلاقات الكويتية اليابانية خلال الندوة نفسها التي عقدت بالكويت، قال فهد الشطي، نائب رئيس أول للمشاريع الاستراتيجية في شركة 'أجيليتي جلوبال لوجستيكس': إن 'العلاقات الكويتية اليابانية بدأت في الخمسينيات من القرن الماضي'.

وذكر الشطي أن اليابان من أهم الدول التي تستورد منها الكويت ويعتبر هذا مؤشراً واضحاً على متانة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

ودعا رجل الأعمال الكويتي اليابان إلى زيادة التبادلات التكنولوجية والبتروكيماويات مع دول الخليج، مشيراً إلى أن وجود المواد الخام في المنطقة من شأنه تعميق العلاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان.