تركيا والخليج.. تقارب أكثر وحراك نشط خلال شهر من فوز أردوغان

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين

ذهبت العلاقات التركية الخليجية بعد شهر واحد من الانتخابات الرئاسية إلى تطور ملحوظ

تمضي العلاقات التركية الخليجية إلى مزيد من التقدم والتطوير، خاصة في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، بعد فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانتخابات الرئاسية، في مايو الماضي.

وذهبت العلاقات التركية الخليجية بعد شهر واحد من الانتخابات الرئاسية إلى تطور ملحوظ، وسط حرص من قيادة أنقرة ودول الخليج على تعزيزها، وهو ما ظهر من خلال الزيارات المتبادلة للمسؤولين والتصريحات الإيجابية.

ويتوقع أن توقع دول الخليج مزيداً من مذكرات التفاهم والاتفاقيات مع تركيا، في عدة مجالات، خاصة مع أنباء عن زيارة يبدؤها أردوغان إلى دول خليجية.

ويعكس النشاط الملحوظ بعد شهر من الانتخابات الرئاسية التركية صدق تصريحات أردوغان، حين أكد أن بلاده ستعمل على نقل علاقاتها مع دول الخليج إلى نقطة متقدمة في جميع المجالات؛ سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً، وثقافياً، وتجارياً، عقب الانتخابات.

زيارة قريبة

أمام السعي المستمر لتركيا لتعزيز علاقاتها مع دول الخليج، سيزور الرئيس التركي الإمارات، بعد أسبوعين؛ بهدف التوقيع على اتفاقيات ثنائية شاملة.

جاء ذلك في تصريح صحفي لوزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، عقب اجتماع الحكومة التركية برئاسة أردوغان، الاثنين 3 يوليو.

وتأتي زيارة أردوغان القادمة بعد زيارة أخرى قام بها الرئيس الإماراتي محمد بن زايد إلى تركيا، السبت 10 يونيو الماضي، وهو أول زعيم خليجي يلتقيه الرئيس التركي بعد الفوز.

وسبق زيارة أردوغان المقررة للإمارات إجراء الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي للتنمية القابضة (ADQ)، محمد حسن السويدي، مباحثات مع وزير التجارة التركي عمر بولات، حول تعزيز العلاقات الاستثمارية بين البلدين، وذلك يوم الاثنين 3 يوليو.

أيضاً بحث الرئيس الإماراتي مع نائب الرئيس التركي جودت يلماز، في أبوظبي يوم 22 يونيو الماضي، سبل تنمية التعاون والعمل المشترك؛ في إطار الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تجمعهما.

واستعرض رئيس الإمارات ونائب الرئيس التركي خلال اللقاء 'الفرص الواعدة التي يمتلكها البلدان لتطوير شراكتهما الاقتصادية، خاصة في المجالات التي تخدم أهداف التنمية المستدامة'، وفق وكالة أنباء الإمارات 'وام'.

وبحث الجانبان عدداً من القضايا والتطورات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، وتبادلا وجهات النظر بشأنها، مؤكدين في هذا السياق الحرص المشترك على دعم السلام والاستقرار في العالم، والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة، بحسب المصدر ذاته.

وإلى جانب تلك الزيارات، أكد وزير الاقتصاد الإماراتي عبد الله بن طوق المري، أن العلاقات الإماراتية التركية ستشهد نمواً غير مسبوق تدفعه أسس الشراكة القائمة على المنافع المتبادلة.

وتشهد العلاقات التركية الإماراتية، حسب حديث المري خلال زيارة بن زايد لتركيا، في يونيو الماضي، مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية الشاملة'.

وبين أن العلاقات مع تركيا 'مُستندة إلى رغبة متبادلة من قيادتي البلدين لمواصلة العمل المشترك وتعزيز أوجه التعاون، بما يخدم الرؤى المستقبلية ويحقق الأهداف التنموية للبلدين'.

ومن أشكال تطور العلاقات السريعة بين البلدين مصادقة الإمارات وتركيا، في نهاية مايو الماضي، على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، التي تساهم في تطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري والتبادل التجاري بين البلدين.

وتشمل الاتفاقية القطاعات الاستراتيجية مثل التكنولوجيا الزراعية، والأمن الغذائي، والطاقة النظيفة، كما تهدف إلى دفع التعاون المستمر في مشاريع البناء والعقارات.

وحسب وزير الدولة للتجارة الخارجية في الإمارات ثاني الزيودي، ستساهم الاتفاقية في نمو التجارة غير النفطية وازدهارها بين البلدين، إلى ما يتجاوز 40 مليار دولار سنوياً خلال خمس سنوات.

العلاقات السعودية التركية

وبعد أن شهدت العلاقات التركية السعودية تطوراً، خلال العام الماضي، بعد زيارة أردوغان للمملكة، في أبريل 2022، وزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لأنقرة، في يونيو من العام نفسه، بدأت بوادر تطوير العلاقة في الولاية الأخيرة للرئيس التركي.

حيث قال مسؤولون أتراك لوكالة 'بلومبيرغ'، تحدثوا بشرط عدم نشر أسمائهم، إن الرئيس التركي يخطط بعد زيارة الإمارات للسفر إلى السعودية وقطر أيضاً.

وبينت الوكالة أن الجولة تستهدف جذب استثمارات بقيمة 25 مليار دولار من الدول الخليجية عبر قنوات عدة مثل الخصخصة والاستحواذات، وفق المسؤولين.

وكان الصندوق السعودي للتنمية أعلن، 6 مارس 2023، أن السعودية قررت إيداع 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي، مشيراً إلى أن القرار 'دليل على التزام السعودية بدعم جهود تركيا لتعزيز اقتصادها'.

من جانبه أجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، مع نظيره التركي هاكان فيدان، 1 يوليو، مباحثات حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية، من بينها مكافحة معاداة الإسلام، والتعاون في القضايا الإقليمية، وسبل تعزيز وتطوير العلاقات بين المملكة وتركيا، وتوطيد التنسيق الثنائي في المجالات كافة، بحسب وكالة الأنباء السعودية 'واس'.

وشعبياً، برز رفع القيود على المواطنين السعوديين في الاستثمار والسياحة بتركيا، حيث كشفت إحصائيات حكومية تركية عن ارتفاع عمليات شراء السعوديين للمساكن في البلاد، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 2023، بنسبة 79.4٪، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي 2022، ليبلغ عددها 296 مسكناً.

وبحسب وكالة 'الأناضول' الرسمية، ذكرت هيئة الإحصاء التركية أن السعوديين، في يونيو الماضي، صعدوا إلى المرتبة الـ11 في قائمة الأجانب الأكثر شراءً للمساكن في تركيا.

كما أعلنت إدارة مطار أنطاليا التركي انطلاق رحلات جوية مباشرة بين العاصمة السعودية الرياض والولاية التركية المطلة على البحر المتوسط، طوال فترة فصل الصيف.

ونقلت وكالة 'الأناضول' التركية، في يونيو الماضي، عن بيان صادر عن إدارة مطار أنطاليا، جنوبي تركيا، أن شركتي 'طيران ناس' و'طيران أديل' السعوديتين سيسير كل منهما 4 رحلات في الأسبوع بين الرياض وأنطاليا طوال فترة الصيف.

إعلامياً، أقر مجلس الوزراء السعودي، في 30 مايو الماضي، التباحث في شأن مشروع مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الإعلامي بين وزارة الإعلام بالمملكة ودائرة الاتصالات في الرئاسة التركية، دون مزيد من التفاصيل.

العلاقات القطرية التركية

كان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أول زعيم في العالم يهنئ أردوغان بعد فوزه في الانتخابات، وهو ما يعكس متانة العلاقات بين البلدين، وإمكانية تنميتها أكثر.

وترتبط قطر وتركيا بعلاقات استراتيجية، حيث دخل البلدان خلال وجود أردوغان في الحكم بعديد من الشراكات العسكرية والاقتصادية، وتحالفا في عديد من الملفات الإقليمية والدولية.

وعقب فوز أردوغان بالولاية الرئاسية الثانية برز الدور الإنساني المستمر لقطر في مساعدة تركيا من آثار الزلزال الذي ضرب مدناً فيها، في فبراير الماضي.

وأعلن صندوق قطر للتنمية، في نهاية يونيو الماضي، الانتهاء من تسليم الدفعة الأخيرة من 10 آلاف منزل متنقل تعهدت الدوحة بتقديمها لإغاثة متضرري الزلزال.

كما أطلقت جمعية الهلال الأحمر القطري حملة خيرية لبناء مدينة تعليمية متكاملة 'الحياة شهير' في إسطنبول للأيتام المتضررين من زلزال تركيا وأيتام العالم.

وعلى الصعيد العسكري شاركت وزارة الدفاع القطرية، من 5 إلى 16 يونيو الماضي، بمناورات مع نظيرتها التركية تحت اسم 'عنقاء الأناضول'.

واشتملت التمارين، وفق وزارة الدفاع القطرية، على عدد من التدريبات؛ منها الإسقاط الجوي، والإنزال المظلي في المناطق الجبلية فوق سطح الماء، والبحث والإنقاذ القتالي خلف خطوط العدو، وإخلاء المصابين والجرحى خلف خطوط العدو.

كما كان سفير قطر لدى تركيا الشيخ محمد بن ناصر آل ثاني، أول سفير خليجي يلتقي وزير الخارجية التركي الجديد هاكان فيدان، 3 يوليو، حيث استعرضا علاقات التعاون الثنائي بين البلدين، حسب وكالة الأنباء القطرية (قنا).

سياحياً دشنت الخطوط الجوية القطرية أولى رحلاتها الجوية المباشرة من الدوحة إلى مدينة طرابزون في تركيا.

وأفادت الخطوط القطرية في بيان لها، الجمعة 16 يونيو، بأن الناقلة الوطنية ستسير إلى وجهتها الجديدة في تركيا ثلاث رحلات مباشرة أسبوعياً، أيام الثلاثاء والجمعة والسبت، وذلك على متن طائرتها من طراز إيرباص A320'.

اتفاقية عسكرية كويتية

بعد أيام من فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية، ذهبت الكويت إلى توقيع اتفاقية ضخمة مع تركيا للحصول على طائرات 'بيرقدار TB2' المسيرة.

وأعلنت وزارة الدفاع الكويتية، في يونيو الماضي، تعاقدها مع تركيا لتوريد منظومة الطائرات بدون طيار بقيمة 367 مليون دولار، وذلك عن طريق التفاوض المباشر بين حكومتي البلدين دون دخول أي وسطاء.

وتهدف الصفقة إلى تعزيز القدرات الدفاعية للجيش الكويتي من خلال حصوله على تلك الطائرات، وتدريب كوادر وعناصر كويتية.

اتفاقية عُمانية

وسارعت سلطنة عُمان، منتصف يونيو، إلى توقيع مذكرة تفاهم بهدف تفعيل التعاون المشترك وتعزيز مجالات التدريب الجوي مع تركيا.

وقالت وكالة الأنباء العُمانية إن معهد التدريب التابع لـ'مطارات عُمان' وقع اتفاقية مع أكاديمية 'آي جي إيه' مطار إسطنبول؛ بهدف 'تعزيز العلاقات بين الجانبين ليكونا رائدين عالميين في مجال التدريب الجوي ورفع مستوى التعاون بين منظمتي التدريب الجوي، والتوسع في المجالات التي تخدم قطاع صناعة الطيران العالمية وتبادل الخبرات بينهما'.

العلاقات البحرينية التركية

تصريحات صدرت بعد فوز أردوغان أشارت بوضوح إلى أن العلاقات البحرينية التركية مقبلة على تطور كبير، وسط حرص من البلدين لتعزيز التعاون والتبادل التجاري.

وحول تلك العلاقة بعد فوز أردوغان أكد نائب رئيس الوزراء البحريني الشيخ خالد بن عبد الله آل خليفة، تطلع المنامة لتعزيز التعاون والتبادل التجاري مع أنقرة بعد الانتخابات التي فاز فيها الرئيس أردوغان.

وأوضح آل خليفة في تصريحات نقلتها وكالة 'الأناضول' التركية، في يونيو الماضي، أن العلاقات بين تركيا والبحرين بدأت قبل 50 عاماً، وشهدت كثيراً من الزيارات الرسمية التي تؤكّد عمق العلاقات الثنائية.

ووقع البلدان، وفق آل خليفة، حتى الآن 38 اتفاقية ومذكرة تفاهم في عديد من المجالات المختلفة؛ مثل الشباب والتعليم والدفاع والصناعة.

وارتفع حجم التجاري بين البلدين، بنسبة 66% عام 2022، مقارنة بالعام الذي سبقه، الذي بلغ فيه 883 مليون دولار، وفقاً للمسؤول البحريني.

شراكة مطلوبة

ويتوقع المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، أن تشهد العلاقات بين تركيا ودول الخليج تطوراً، خاصة في المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية، وزيادة الاستثمارات، وضخ الأموال من الإمارات والسعودية وقطر بالاقتصاد التركي.

ويقول رضوان أوغلو في حديثه لـ'الخليج أونلاين': 'هناك شراكة عسكرية بين دول خليجية وتركيا، لذلك ستشهد تلك العلاقات مزيداً من التطور، ومزيداً من الدعم السياسي بين دول الخليج وتركيا، وهو ما يعمق العلاقات القائمة'.

وأوضح أن الملف الخليجي 'من أهم الملفات أمام السياسة الخارجية لتركيا، خاصة أنها تحتاج إلى شريك من أجل التكامل الاقتصادي، ولن تحل إلا من خلال دول مثل الخليج'.

ويشير إلى أن الاستثمارات الخليجية التركية ستشهد مزيداً من التعاون، خاصة في مجالات الطاقة.