اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٥ أيلول ٢٠٢٤
محمود جبار - الخليج أونلاين
سعت طهران في السنوات الأخيرة إلى إعادة بناء علاقاتها مع دول المنطقة، وخاصة بعد التحولات السياسية والدبلوماسية التي شهدتها.
في أول زيارة خارجية له بعد توليه منصبه في يوليو الماضي، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى إزالة الحدود بين الدول الإسلامية فيما أطلق عليه 'شنغن إسلامي' وهو ما يجعل عدة علامات استفهام تدور حول هذه الدعوة، لا سيما حول إمكانية تحقق ذلك.
العاصمة بغداد التي كانت محطته الخارجية الأولى، التقى فيها بزشكيان مع نظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، الأربعاء (11 سبتمبر الجاري) وخلال اللقاء دعا إلى محو الحدود بين الدول الإسلامية على غرار الاتحاد الأوروبي، وفقاً لما أعلنته الرئاسة الإيرانية.
أشار بزشكيان إلى التاريخ الممتد للعلاقات بين البلدين، وشدد على ضرورة إنشاء اتحاد واحد للدول الإسلامية، داعياً إلى التحرك نحو محو الحدود بين الدول الإسلامية بناء على تجربة الاتحاد الأوروبي (الشنغن) موضحاًأن 'تعزيز وحدة الدول الإسلامية سيجعل جميع العقوبات التي يفرضها الغرب غير فعّالة'.
فكرة بزشكيان
صحيفة 'نيزافيسيمايا' الروسية تطرقت إلى دعوة الرئيس الإيراني في تقرير أشارت خلاله إلى أن غاية طهران من ذلك هي 'تحييد العقوبات التي يفرضها الغرب' مبينة أن 'العراق هو البلد الوحيد التي تستطيعطهرانإجراء هذه التجربة معه'.
وفي لقاءات عقدها مع الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ومع قيادات سياسية وقبائليةتطرق الرئيس الإيراني إلى الحفاظ على وحدة الدول الإسلامية في الحرب ضد القوى الخارجية، الغرب و'إسرائيل'، بحسب تقرير الصحيفة الروسية.
لكن اقتراح بيزشكيان - بحسب الصحيفة - بظل مجرد فكرة في الوقت الحالي، لافتة إلى أن الرئيس الإيراني أعطى سبباً للتفكير في المسار الذي ينوي الدفاع عنه.
المحل السياسي د. واثق السعدون، الخبير في الدراسات الخليجية بمركز 'أورسام' التركية، الذي تحدث لـ'الخليج أونلاين' يرى أن دعوة بزشكيان لـ'إزالة الحدود' تأتي 'ضمن سلسلة متصلة من التصريحات الايجابية التي أخذ يطلقها منذ توليه الرئاسة؛ حول ضرورة تحسين طبيعة العلاقات الإقليمية بشكل عام، وعلاقات إيران بدول المنطقة خاصة'.
السعدون يتطرق في هذا الشأن إلى مقالة لبزشكيان نشرتها صحيفة 'طهران تايمز'، بعد أداءه اليمين الدستوري رئيساً لإيران بأربعة أيام، خاطب فيها دول المنطقة، وبين أنه 'يمدّ يد الصداقة والأخوّة إلى جميع الجيران ودول المنطقة' لإطلاق ما وصفها بـ'حركة حقيقية وجادّة في مسيرة التعاون' مع بلاده.
لكن السعدون يلفت إلى أن 'العلاقات بين الدول، سواء المتجاورة، أو غير المتجاورة، لا ترتكز على النوايا الطيبة، أو على التصريحات الدبلوماسية المنمقة، بل على الإرادات السياسية الحقيقية لتلك الدول، وأفعالها، وعلى رؤية تلك الدول للمصالح المشتركة'.
ما وراء الزيارة الأولى؟
اختيار العراق المحطة الدولية الأولى للرئيس الإيراني الجديد، تؤكد الوصف الذي يطلقه عدد كبير من المراقبين بأن البلد العربي الذي خاض حرباً مع إيران لثماني سنوات، بات اليوم يمثل 'العمق الاستراتيجي' لعدو الأمس نتيجةعدة عوامل أبرزها:
لكن نجاح إيران في كسب ثقة بغداد، لا يعني نجاحها في كسب ثقة بقية دول المنطقة، وهو ما يذهب إليه د. واثق السعدون، إذ يقول إن بزشكيان لا يكفي انتماءه للتيار الإصلاحي، وأن عليه 'إثبات إصلاحيته بحق'.
ويضيف: 'الجميع يعلم بأن الإختراق الأكبر الذي حققته إيران لدول المنطقة، سياسياً وأمنياً وإقتصادياً، والعبث الأكبر الذي مارسته إيران بحق سيادة دول المنطقة، تم في عهد الرئيس الإصلاحي حسن روحاني 2013 - 2021'.
وعليه يشير إلى أن 'على بزشكيان أن يثبت لدول المنطقة، وللعالم، بوجود تغيير حقيقي في عملية صنع القرار بإيران' مضيفاً أيضاً أن 'كل دول العالم والمنطقة، تراقب حالياً السياسة الخارجية الإيرانية، لترى هل سيحصل تغييراً ما في ازدواجية تلك السياسة'.
كما بيّن أن 'هذا نهج بزشكيان تعارف الباحثون بالشأن الإيراني في السنوات الأخيرة على تسميته بـ (سياسة إيران الدولة)، التي تنفذها الحكومة الإيرانية، فيما (سياسة إيران الثورة) ينفذها الحرس الثوري الإيراني وأذرعه المسلحة المنتشرة في المنطقة'.
سياسة بناء العلاقات
وسعت طهران في السنوات الأخيرة إلى إعادة بناء علاقاتها مع دول المنطقة، وخاصة بعد التحولات السياسية والدبلوماسية التي شهدتها.
هذا الجهد ينبع من حاجتها إلى تحسين بناء شبكة علاقة إقليمية على خلفية الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تواجهها، خاصةً بسبب العقوبات الدولية والاضطرابات الداخلية من خلال:
حول طبيعة علاقات طهران مع دول المنطقة، وبناءً على ما طرحه الرئيس الإيراني، يقولد. واثق السعدون، إن'بزشكيان يدعو لإزالة الحدود بين الدول الإسلامية، في الوقت الذي تعمل إيران حالياً، ليلاً ونهاراً، على إكمال بناء الجدار العازل بينها وبين أفغانستان، الذي تمتد مسافته لأكثر من 900 كم'.
ويضيف: 'اتفاقية الشنغن الأوروبية، مهدت لها قاعدة صلبة من الإدراك الأوروبي، لضرورة إعلاء المصالح المشتركة بين الدول والشعوب الأوروبية، والمسؤولية المشتركة تجاه أمن وسيادة الدول الأوروبية، ونبذ الخلافات الدينية والمذهبية والآيديولوجية، أو عدم السماح لها بالتأثير على المصالح المشتركة لدول وشعوب أوروبا'.
وفق هذا يجد السعدون أن دعوة بزشكيان تأتي 'ضمن مساعي أيران حالياً لإعطاء انطباع دولي وإقليمي، بأن هنالك تغيير ما في السياسات الإيرانية، وإنها قررت انتهاج المسارات التفاهمية والتعاونية، في علاقاتها الدولية والإقليمية'.
كما أوضح أن الهدف الرئيس لكل هذه المساعي، هو العودة الى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة والغرب، من أجل تخفيف العقوبات المفروضة على إيران، مستدركاً 'ولكن دول المنطقة ستأخذ وقتاً طويلاً حتى تثق بصدق نوايا بزشكيان وتصريحاته'.